(افتح قلبك مع د. هبة يس).. من حفرة لحفرة

الأربعاء، 24 سبتمبر 2014 01:08 م
(افتح قلبك مع د. هبة يس).. من حفرة لحفرة د. هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت (..) إلى افتح قلبك تقول:

أنا طبيبة شابة فى نهاية العشرينات من عمرى، عانيت كثيرا فى بيت أهلى منذ الصغر، لى أخوة وأخوات كثير، أمى طيبة وغلبانة جدا، أبى شخص عصبى وعنيف وسليط اللسان إلى أقصى حد، لدرجة أنه لا يزال يشتمنى أنا وأخوتى أمام أى أحد حتى وبعد أن تخرجنا جميعا وأصبح لنا كيان، وضعت همى كله فى الدراسة، حتى التحقت بكلية الطب
وتفوقت فيها، وتخرجت لأبدأ حياتى اعتمادا على نفسى فقط.

قبلت بأول عريس تقدم لى هربا من أبى ومن بيتنا، وفرحت لأنه كان لا يعرفنا ولا يعرف شيئا عن سمعة أبى ومشاكله مع كل الناس، لهذا أسرعت جدا بالموافقة عليه وبإتمام كل شىء قبل أن يعرف كل ماضى أبى الأسود مع الأهل والأقارب والجيران، ومعنا نحن أيضا.

تزوجت وحملت من أول يوم، ولكن المشاكل بدأت أيضا من أول يوم، فزوجى كان وحيد أمه، وإذا بها تتدخل فى كل تفاصيل حياتنا، حتى العلاقة الحميمة نفسها، استيقظت فى أول يوم لى فى زواجى لأجد حماتى تعرف كل شىء دار بليلة زفافنا، وبعدها اكتشفت أنها تعرف كل شىء بل وتختار وتقرر لابنها كل شىء فى حياته بشكل لم أكن أتخيله، فكانت النتيجة أنى طلقت بعد 6 شهور زواج فقط، وكنت وقتها حاملا فى شهرى السادس.

عدت مرة أخرى لبيت أبى وأنا أفكر كيف أتركه من أول ليلة، تحاملت على نفسى وامتصيت صدمة طلاقى وبدأت فورا فى عمل دبلومة تؤهلنى للسفر للخارج، وبالفعل وفقنى الله وأنهيتها سريعا، بالرغم من حملى وولادتى فى هذه الأثناء، وسافرت للعمل بالخليج بعدها بفترة بسيطة جدا، سافرت أنا وابنتى فقط، تخيلى حضرتك مطلقة وأم وحيدة فى الرابعة والعشرين من عمرها، تسافر لتعمل فى الغربة بمفردها، ومسئولة عن طفلة لم تتجاوز السنتين من عمرها بعد.. شعور قاس جدا.. خليط من الغربة والوحدة والغلب والقهر.. كنت أتماسك دائما أمام الآخرين، الذين كانوا يتعجبون من قوتى وتفوقى المهنى، ولكنى كثيرا ما كنت أقضى الليالى أبكى على نفسى وعلى ابنتى وعلى حالنا.

مرت شهور بسيطة ثم ظهر فى حياتى بعدها شخص جديد، زوجى الحالى، كان مطلقا هو الآخر، وله طفل، كان يعمل معى فى نفس البلد وتعرفت عليه عن طريق العمل، تعارفنا بشكل قدرى جدا، ثم توطدت علاقتنا بعد ذلك عن طريق "فيس بوك"، عرفت عنه أنه طلق زوجته حديثا، وترك لها الشقة لأنها حاضنة، ودفع لها مؤخرها الباهظ كاملا، مما جعله يعود للعمل فى الخارج مرة أخرى بعد أن كان قرر العودة والاستقرار فى مصر بعد سنوات غربة طويلة.

فاتحنى فى رغبته فى الزواج منى، وفرحت بطلبه جدا لأنى كنت قد تعلقت به، فها أنا أخيرا أجد شخصا يهتم لأمرى ويسأل عنى ويشعرنى أنى لست بمفردى فى هذه الدنيا، تقدم لوالدى الذى رفضه بحجة أنه ليس لديه إمكانيات مادية، لأنه فعلا لم يكن يملك حينها غير شقة صغيرة فى مصر على الطوب الأحمر، وليس لديه ما يقدمه لى كشبكة أو مهر أو غيره، فلم يكن منى إلا أن حولت له أنا شخصيا مبلغا من رصيدى ليقدمه لأبى كمهر لى حتى يوافق، وأخيرا تزوجنا.

كنت أسعد إنسانة فى الدنيا فى بداية زواجنا، لأول مرة أعرف معنى الحب، كنت أشعر وكأن الدنيا عوضتنى عن كل ما عانيته فى حياتى، زوجى كان متعطشا هو الآخر للحب والحنان، وكان يعامل ابنتى جيدا جدا فى البداية وكأنها ابنته.

اتفقنا على عدم الإنجاب سريعا، لأن زوجى كان يعانى مشاكل مع الكفيل الخاص به فى البلد التى نعمل بها، بالإضافة إلى عدم استقرار أوضاعه المادية، لكنى فوجئت بأنى حامل بعد شهور قليلة من زواجنا، وأقسم لك أن ذلك كان رغما عنى، لكن زوجى لم يصدقنى، وفجأة انقلب حاله تماما بعد أن عرف هذا الخبر، لدرجة أنه اتهمنى بأنى كنت أنوى خداعه وخيانته من أول يوم، وأنى كنت أخطط للحمل دون علمه، ثم شاءت الأقدار أن تحدث مشكلة كبيرة مع كفيله بعدها، فكانت النتيجة أنه تم إنهاء عقده، وبالتالى عاد إلى مصر تاركا إياى بمفردى مرة أخرى أنا وابنتى، وابنته التى فى بطنى.

بعد أن عاد إلى مصر أصبح شخصا آخر تماما، فشله فى إيجاد عمل، وضيقه من عدم استقراره، وإحساسه بأنى كنت أخطط للحمل ضد رغبته، كل هذا جعله يبتعد عنى وكأنى لم أعد زوجته، لا يكلمنى إلا إذا اتصلت أنا به، لا اهتمام، لا حنان، لا كلمة حلوة حتى وأنا فى أمس الحاجة إليه، خاصة عند اقتراب موعد ولادتى كنت أتوسل إليه لأن يشعرنى بأى عاطفة، لكنه كان يرد علىّ دائما بلهجة أنى أنا التى خططت لهذا وعلىّ أن أحتمله بمفردى.

أحضرت والدتى لتكون معى عند ولادتى، وانتظرت منه أن يتصل بى ليطمئن علىّ، ولكنه لم يفعل، وأنا التى اتصلت به لأبلغه بأنى وضعت، وأنه أصبح له بنت، إلا أنه رد على ببرود شديد، وكأنها ابنتى أنا وحدى.

أنا الآن مدمرة نفسيا، أحب زوجى وأحتاج إلى حبه بالرغم من كل ما حدث، فأنا وحيدة جدا، ولا أستطيع تحمل مزيدا من الطعنات والصدمات فى حياتى، ففكرت فى أن أحضره فى زيارة لنا، حتى أنى استخرجت زيارة لأمه هى الأخرى حتى تلطف من حدته أثناء وجوده معى، ولكنى حقيقة لا أعرف كيف سأتصرف معه، وكيف يجب لحياتنا أن تستمر؟.

وإليكى أقول:

من الواضح فعلا أن حياتك كانت قاسية، وأن والدك كان يسبب لك ضغطا نفسيا هائلا، وهذا ما دفعك للإلقاء بنفسك فى البحر خلاصا من هذه الحياة وهذا الأب، فكل ما حدث لك ما هو إلا نتيجة متوقعة جدا للتسرع وعدم التفكير فى خطوات حياتك قبل أن تخطيها، تزوجتى من أول عريس دق بابك، وكنتى لا تعرفيه ولا يعرفك، ولم تمهلى نفسك وقتا لتكتشفى شخصيته وسلبياتها، والتى كانت من المؤكد سهلة الاكتشاف، لأن مثل هذا العيب الذى ذكرتيه فى زوجك يكون واضحا جدا، ويمكن فضحه بسهولة فى غضون أيام قليلة، لكنك بالطبع لم تريدى أن تصبرى لتكتشفى أو تفهمى، أو ربما حتى أنك اكتشفتى هذه العيوب ولكنك أردتى الخلاص من بيت والدك فحسب، فقبلتى بالزواج من هذا الشخص بصرف النظر عن مؤشرات الخطر التى كانت واضحة أمامك.

وكما جاءت البداية سريعا، جاءت النهاية سريعا أيضا، وإذا بك تعودى للبيت الذى أردتى الخلاص منه فى 6 أشهر فقط، وليتك كنت بمفردك، عدتى ومعك قطعة من تلك التجربة السريعة الهوجاء، لتذكرك بأنه عليك التأنى والتفكر قليلا فى المرة المقبلة، لكنه لم يحدث للأسف.

طبعا أحييكى على جلدك وتحملك وصمودك أمام الصدمة، وعلى كفاحك لتحصلى على الدبلومة وعلى العمل الذى أردتيه، هذه قوة لا يتحلى بها كثير من الرجال الآن، لكنى أعتب عليكى أنك تسرعتى ثانية فى الارتباط، وكأنك لم تتعلمى شيئا من تجربتك السابقة، فأنا أتفهم كم كنت وحيدة وفى حاجة إلى من يؤنسك ويحنو عليكى ويعوضك عن ما مضى، لكن فى نفس الوقت كان عليكى التمهل والانتباه إلى خطوتك المقبلة أكثر من ذلك، فمن الواضح أن تجربة زواج زوجك الأولى لم تكن سهلة، وأنها تركت فيه وعليه آثارا مادية ونفسية كبيرة، جعلته يعتقد أن كل الدنيا تتآمر عليه، وقد أظهر ذلك سريعا عليكى أنت شخصيا عندما اعتقد أنك خططتى للحمل دون علمه وضد رغبته، غير مستعد لتفهم أن هذا الأمر أولا وأخيرا بيد الله، وأنه قد يحدث حتى مع كل الحرص والاحتياطات.

أكرر أنا أتفهم جدا حالتك وحاجتك النفسية لوجود رجل يحبك ويقف بجانبك فى حياتك، ولا أؤنبك لبحثك عن هذا الرجل، كما أتفهم أن القدر لعب لعبته هو الآخر وكانت تلك المشاكل التى حدثت لزوجك بعد زواجكما بفترة قصيرة، من فقدانه لعمله، واختلال حياته المادية والمهنية، ورجوعه الفجائى إلى مصر، والذى لم يكن فى الحسبان بكل تأكيد، كل هذا تكاتف مع بعضه ليظهر أسوأ ما فى زوجك، ويدفعه بعيدا عنك اعتقادا منه أنك أنت الأخرى مع الظروف عليه، وأنك وبعد أن ظن أنك ستكونين واحة الراحة فى حياته، أصبحت مصدر ضغط ومطالب أنت اأنخرى، أنا لا أبرر موقفه، ولا أقبله بل وأعيبه عليه، لكنى أحاول أن أتفهم وجهة نظره وطريقة قراءته للموقف.

وأعرف أنك لا ذنب لك فى كل هذا، وأنك لم تكونى تريدين المزيد من المشاكل والتوتر والصدمات، وأنك أنت شخصيا فى حاجة إلى من يتعاطف معك ويهون عليكى، لكن لا حيلة لنا فى أقدارنا، ليس فى وسعك سوى تحمل هذه المرحلة هى الأخرى، وجعلها تمر بأقل خسائر نفسية ممكنة، حتى ييسر الله أمر العمل لزوجك مرة أخرى، لعل ذلك يحسن من نفسيته، ويشعره بأنه قادر مرة أخرى على مواجهة الحياة بمسئولياتها القديمة والجديدة التى ظهرت بإنجابك ابنته.

زوجك قصر فى حقك بلا شك، لكنك كما تقولين تحبيه، والفراق والانفصال مرة أخرى لن يكون سهلا أبدا، كذلك زواجك وارتباطك مرة ثالثة سيكون أصعب بكل تأكيد، كل هذا يدفعك دفعا لأن تتحملى هذه الفترة، وأن تحاولى الصمود أمام هذه الريح التى أتمنى أن تمر سريعا، واستعينى بالله أولا وأخيرا ليمنحك القوة والعون والجلد من عنده، ادعى باستمرار لأن يصلح لك أحوالك ويصلح لك قلب زوجك، وأن يرده إليكى، ثم استعينى بمن حولك لمساعدتك قدر استطاعتك، بوالدتك، بأصدقائك، بوالدة زوجك لو كنتى ترين أنها قادرة على مساعدتك، حتى يعود زوجك إلى رشده، ويبدأ فى فهم واستيعاب أنه عليه هو الآخر دور ومسئولية فى إعالة وتربية ابنته الجديدة تلك، حتى وإن كان مجيؤها ضد رغبته ومعاكسا لحساباته.

للتواصل: الصفحة الرسمية للدكتورة هبة يس على فيس بوك:
Dr. Heba Yassin











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة