جمهورية "جروبى".. حكاية مقهى تصدر كل الأرقام.. "أدخل الدليفرى والآيس كريم" وشهد ميلاد عمر الشريف.. ومنه أم كلثوم كانت تبدأ يومها.. الضباط الأحرار اتخذوه مقرا لاجتماعاتهم.. والسنون لم تغير ملامحه

الأحد، 21 سبتمبر 2014 07:27 م
جمهورية "جروبى".. حكاية مقهى تصدر كل الأرقام.. "أدخل الدليفرى والآيس كريم" وشهد ميلاد عمر الشريف.. ومنه أم كلثوم كانت تبدأ يومها.. الضباط الأحرار اتخذوه مقرا لاجتماعاتهم.. والسنون لم تغير ملامحه جروبى
كتبت جهاد الدينارى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"جروبى".. خرجت هذه الكلمة عن كونها مجرد ماركة تجارية مسجلة لمجموعة مطاعم أحبها المصريون فى فترة ما، إلى ما هو أهم وأفضل فتحول مع الوقت إلى أثر ورمز تراثى لأحد أهم المقاهى التى يحمل كل ركن بها حقيبة ذكريات لأهم الفترات فى تارخ مصر، ظل هذا المحل العريق الذى يعود منشأه لعام 1863 والذى يعلوه لافتة تحمل اسمه باللغتين العربية واللاتينية، صامدا وسط منطقة وسط البلد شاهدا على أهم الأحداث التى شكلت فارقا فى حياة مصر والمصريين على مدار مئات السنوات، بداية من الدولة الملكية واستقباله لأهم الملوك والأمراء ورجال البلاط الملكى، مرورا بثورة 23 يوليو وتردد أهم قادة الجيش عليه بصفة مستمرة، وصولا إلى نصر أكتوبر وتحوله إلى مقهى يفتح أبوابه أمام أبناء الطبقة المتوسطة وطلبة الجامعة، بعد أن كان حكرا على الطبقات العليا والمشاهير وحسب فى عصور سابقة، حتى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ليكون مشاركا وملما بكل الأحداث.

وعلى الجانب الآخر لم يكن "جروبى" مجرد مقهى تقليدى يذهب له الناس لتناول قسط من الراحة وقضاء أوقات ترفيهية بصحبة الأصدقاء والأقارب فقط، إنما كان منبرا لأنواع الثقافات والفنون المختلفة، حيث أقيمت بحديقته الخلفية العديد من الصالونات الثقافية والحفلات الفنية المشارك بها فرق من جميع أنحاء العالم بغرض تبادل العلاقات الثقافية، كما أنه شكل فارقا فى عالم الحلوى فى مصر فكان أول من أدخل الآيس كريم والمارون جلاسيه إلى مصر، كما تميز بصناعة الشيكولاتة.

"سنوات من الذكريات والأحداث مرت على هذا المكان تغيرت الدنيا والناس من حوله دون أن يتغير، وما زال محتفظا بهويته الأصلية وأجوائه الكلاسيكية" هكذا بدأ "أحمد يسرى" مدير فروع "جروبى" بمصر حديثه، ساردا قصة النشأة وإقبال أهم وأشهر الشخصيات السياسية والثقافية والفنية عليه فى هذا الوقت.

"فى ثمنينيات القرن التاسع عشر نزل السويسرى (جاكومو جروبى) إلى مصر بصحبة ابنه (إكلير) إلى مصر، وبدآ فى تأسيس شركة جروبى، وأطلقا أول فرع لها بالإسكندرية ثم توالت الفروع بمنطقة وسط البلد، وكان المقهى أشبه بالصالون الثقافى والسياسى، حيث تردد عليه الملوك خاصة الملك فاروق الذى عشق أصناف الطعام الذى تميز بها المقهى، والذى كان يهدى ملوك الغرب أطنانا من الشيكولاتة المصنعة بجروبى.

ويستكمل "يسرى" حديثه مشيرا إلى إقبال نجوم الفن والسينما على المقهى بشكل دورى قائلا: "كان المقهى يوميا فى استقبال كوكب الشرق " أم كلثوم" فى الصباح الباكر لتناول وجبة الإفطار وفنجان القهوة الخاص بها، كما كان يفضل أحمد رمزى الجلوس بالمكان بصحبة أصدقائه، وفى أحد الليالى اصطحب رمزى صديقه "عمر الشريف" ورآه المخرج الكبير يوسف شاهين، ووجد به نجم الشاشة الفضية القادم، وكان جروبى شاهدا على ولادة نجم عالمى مصرى جديد.

وتابع: كما تم تصوير أهم أفلام الحقبة به مثل "العتبة الخضراء، يوم من عمرى، حلاق السيدات" وغيرها من الأفلام التى أثرت فى تاريخ السينما المصرية، وحتى بعد انتهاء العصر الملكى بعد ثورة 23 يوليو لم يخضع المقهى للتأميم بسبب علاقته الجيدة بالضباط الأحرار وإقبال أهم قادة الجيش وقتها عليه وعقد أهم جلساتهم به، وظلت مسيرة الكيان على هذا النحو حتى انتقلت ملكيته إلى شركة الأغذية بواسطة "شيزار" و"بيانكى" آخر ورثته.

واشتهر "جروبى" بتصدره لقائمة أفضل المقاهى على مستوى الشرق الأوسط، فكان أول من طرح فكرة توصيل الطلبات للمنازل، من خلال إرساله الأطعمة والحلوى لمنازل الأسرة المالكة وبكوات وبشوات هذا العصر، فضلا عن أنه كان أول من أدخل إلى مصر أنواعا جديدة من الشيكولاتة والعصائر المركزة والمربى والجبن، وكرات مثلجة من الحليب والشيكولاتة وعصير الفواكه، وأنواع جديدة من الحلوى كانت أسماؤها جديدة وقتها "كريم شانتى، مارون جلاسيه، جيلاتى، ميل فوى".

وعلى رغم مرور السنوات وتغير كل ما يحيط به إلا أنه ما زال محتفظا بطابعه الكلاسيكى، فما زالت موسيقى الساكس فون تملأ المكان، وما زال العاملون به يرتدون "البابيون"، محاولين احتفاظه بلقب "مقهى الزمن الجميل".









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة