كلنا يعرف الأغنية الشعبية الشهيرة: "عطشان يا صبايا دلونى على السبيل" لكن يوجد الكثير منا لايعرف ماهو السبيل أو أين يوجد.. وفى مصر الكثير من الأسبلة، وهى من طراز معمارى مبهر وتعتبر من أهم المبانى الأثرية فى مصر، لكن تعرض أغلبها للإهمال الشديد، وتهالكت عشرات الأبنية النادرة منها، واختفت الكثير منها إلى الأبد لتحقق خسارة لا يمكن تعويضها.
كانت الأسبلة تشكل عادة قديمة عند الملوك والسلاطين منذ القدم فهو يعد عملًا من أعمال الخير والإحسان والغرض منه خدمة المسلمين، لذلك أنشأوا تلك الأسبلة تقربًا إلى الله تعالى وأملاً فى الثواب حيث سقاية الناس يعتبر عملًا يجازى عليه فاعله وهى نشاط خيرى كان يستهدف الفقراء وعابرى السبيل وذلك بتوفير ماء الشرب للمارة فى الطرقات حتى لا يتعرضوا للعطش أثناء ممارسة أنشطتهم وأعمالهم المختلفة، لذلك سارع السلاطين والأمراء والحكام إلى إنشاء الأسبلة فى الأماكن العامة والطرقات واأاماكن المزدحمة بالناس والبشر مثل الأسواق والأحياء الكثيفة السكان ونادرًا مانجد مدينة إسلامية تخلو من سبيل.
وكلمة سبيل تعنى أنها أُوقفت فى سبيل الله للخير بتوفير مياه شرب عذبة نقية للناس طوال العام.
ويعد أول بناء للأسبلة كان فى العصر المملوكى ابتداء من القرن السادس الهجرى وكان معظمها من أعمال الأمراء والسلاطين ونسائهم كأنها كفارة عن الذنوب و الآثام، كما بنى الأغنياء تلك الأسبلة صدقة جارية لأنفسهم أو لأبنائهم أو لأحد أقاربهم المتوفين.
ويتميز كل سبيل بعمارة هندسية تعود إلى العصر الذى شيد فيه كما يمثل تراثا معماريا غنيا يحوى بداخله أنماطا مختلفة، ويمتاز بتنوع عناصره فى الواجهات والمداخل والشبابيك والعقود والمقرنصات فضلا عن النقوش الكتابية والزخرفية.
كانت واجهة الأسبلة تُزين بآيات قرآنية منها «وسقاهم ربهم شرابا طهورا»، أو «وجعلنا من الماء كل شىء حى» ، وأيضا عبارات شعرية مناسبة مثل «ياوارد الماء الزلال الصافى اشرب هنيئا صحة وعوافى».
السبيل يأتى فى مبنى من طابقين الأول عبارة عن بئر محفور فى الأرض به ماء الأمطار أو ماء النيل يعلوه غطاء أو سقف من الرخام.
أما الطابق الثانى فيرتفع عن سطح الأرض وتسمى حجرة التسبيل أو المزملاتى "السقا" وهو الشخص المعين من قبل منشئ السبيل لرفع المياه من فتحة البئر بسحب الماء من البئر بواسطة قنوات تحت البلاط المصنوع من الحجر الصلب وينتهى الماء إلى فتحات معدة لرفعه حيث كان يرفع من تلك الفتحات بواسطة أوعية مربوطة بسلاسل مثبتة بقضبان النوافذ.
أما طريقة التشغيل فتتم بواسطة بكرة فوق البئر محمولة على خشبة يرفع بها المزملاتى الماء إلى النوافذ القائمة عند فتحات القنوات، وعلى طالب الماء أن يصعد سلالم موجودة لأسفل النافذة إلى حيث يجد الماء فيحصل على حاجته باستخدام الكوب.
كان يشترط فى الشخص الذى يتولى رعاية وتنظيف السبيل المزملاتى أن يكون رجلاً ثقة، أمينًا، نظيف الثياب، قوى البدن والجسد، كما أنه لابد أن يسهل الشرب على الناس ويعاملهم بالحسنى والرفق، ليُدخل البهجة على الناس.
ولم يقتصر السبيل على وظيفة توفير المياه للمارة فقد كانت له وظيفة أخرى مهمة وهى التعليم حيث يلحق بالسبيل فى الجزء العلوى منه الذى يمثل الطابق الثالث "كتاب" ليتعلم فيه الناس القرآن الكريم، وكان ذلك التقليد أى الجمع بين وظيفة السقاية والتعليم فى بناء الأسبلة منذ الحكم المملوكى مايعطى السبيل المصرى خصوصية وتفردًا عن الأسبلة الأخرى التى أنشأت فى معظم مدن العالم الإسلامى.
ويوجد فى مصر مائة من الأسبلة الأخرى لكنها تعانى الإهمال الشديد ومن أشهر هذه الأسبلة: سبيل "محمد على"، الذى يعد من أشهر الأسبلة، وأهمها فى مصر الذى يوجد بجوار باب زويلة وهو يقع فى أكثر الأماكن شعبية، بناه محمد على عام 1235 هجريًا، وقد بنى تخليدًا لذكرى طوسون ابنه، ولكن لم يوجد بهذا السبيل كتاب وتعمد محمد على ذلك كنوع من الابتعاد عن تقاليد العصر المملوكى، إنما بنيت قبة مغطاة بالرصاص على غرار مبان عديدة فى عاصمة الدولة العثمانية.
سبيل "قانصوة الغورى"
أنشأه السلطان المملوكى قانصوة الغورى ملحقًا بمجموعة معمارية هائلة استمر بناؤها سنتين من 1503 - 1504م، وتشمل قبة ضريحية ومقعدا سكنيا وخانقاه وسبيل، يحتل السبيل الزاوية الشمالية الغربية من الخانقاه، ويطل على شارع الأزهر من الشمال وعلى شارع المعز لدين الله من الغرب حيث يبرز جداره الغربى عدة أمتار عن مستوى جدار الخانقاه والقبة، وقد لجأ مصمم هذه المجموعة المعمارية إلى ذلك حتى يتمكن من عمل شباك لتسبيل الماء للشرب فى جدار السبيل الجنوبى مطلا على السلم الصاعد الذى يؤدى إلى مدخل الخانقاه، والقبة الضريحية لتسهيل حصول الداخلين إليهما على ماء الشرب.
سبيل "أم عباس"
من أشهر الأسبلة فى مصر ويعود لعهد الخديوى عباس، ويقال إن السبيل قد أقيم عام 1867 ومن أنشأته هى والدة الخديوى عباس حلمى الثانى ابن عم إسماعيل باشا، ليشرب منه الناس الماء المبرد، والمحلى بماء الورد، وليأخذ المسافرون بعض الراحة والطعام فيه مجانا.
سبيل "قايتباى"
يقع قرب مدرسة السلطان حسن ويعتبر من أروع آثار مصر الإسلامية لما يتميز به من جمع بين المهابة التى تتجلى فى حجمة الضخم والدقة الفنية فى زخارفه وتنوعها وتناغمها.
كما يوجد فى مصر مائة من الأسبلة الأخرى لكنها تعانى الإهمال الشديد.
سبيل "نفيسة البيضا"
أنشأ هذا السبيل والكتاب الذى يعلوه السيدة نفيسة خاتون معتوقة الأمير على بك الكبير وزوجة الأمير مراد بك الذى عرفت من أجله بنفيسة المرادية، وقد أنشأته على عهد الوالى العثمانى أبو بكر باشا آخر الولاة العثمانيين على مصر، وكانت هذه السيدة واحدة من أعظم نساء عصرها حيث عايشت صحوة القومية المصرية فى آواخر العصر العثمانى، وشاركت فى أحداث تلك الصحوة.
سبيل "الأمير سليمان أغا السلحدار"
فى واجهة حارة برجوان الشهيرة، إحدى تفريعات الشارع التاريخى "المعز لدين الله"، أنشأ الأمير سليمان أغا السلحدار مسجده الجامع فى العام 1253 هجرية الموافق 1837 للميلاد لينهى بناءه بعد عامين فقط، وألحق به السبيل ويعتبر تحفة معمارية قائمة بذاتها حيث تكتسى واجهته برخام أبيض يحتوى أيضا على الزخارف الإسلامية والكتابات كما هو حال المسجد أما فتحاته فتضم شبابيك مصنوعة من البرونز المصبوب المزين بالزخارف.
سبيل محمد على باشا على طراز المبانى العثمانية
سبيل محمد على الذى أنشأه رحمة على روح ابنه طوسون
سبيل آغا السلحدار
سبيل السلطان آغا السلم دار من الداخل
سبيل السلم دار توضح الطراز المعمارى للسبيل آغا السلحدار
سبيل الأمير عبدالرحمن كتخدا
سبيل قنصوة الغورى
سبيل الغورى بالأزهر
توضح سبيل الغورى من الداخل
موضوعات متعلقة..
أخر صيحات التكنولوجيا فى الطب.. جهاز يتصل بالآيفون ليكشف عن السرطان والإيدز خلال دقائق.. وتطبيق يعزز فرص الإنجاب.. وطرح أجهزة لمتابعة الضغط والسكر "وايرلس".. وهاتف مبتكر يحل بديلاً لأطباء شلل الرعاش
بالصور.. " بيونسيه وجاى زد" يُكذبان خبر انفصالهما بالقبلات والعناق فى حفل فرنسا.. تكهنات حول انتظارهما المولود الثانى.. ومطرب الراب يغير كلمات الأغنية بسبب "الحمل"
أغرب الممنوعات فى حياة الشعوب حول العالم.. أيرلندا تمنع شرب الكحول أمام البقر وسويسرا تمنع سحب السيفون بعد العاشرة مساءً.. سنغافورة تحظر بيع أو أكل اللبان والنمسا تجرم أكل الآيس كريم أمام البنوك
بالصور.. 7 خطوات سحرية تساعدك على فتح صفحة جديدة.. حلل حياتك الماضية والحالية واستمع إلى صوت قلبك.. لا تخف البدء من الصفر وتحدى نفسك.. ركز على مستقبلك واكسر الروتين.. تعود على نمط حياتك الجديدة
"الأسبلة".. قطرات من ماء ولمسات من جمال.. صدقة جارية ومنارة تعليمية حرص عليها السلاطين والحكام.. سبيل "أم عباس" قدم السقاية والطعام المجانى باسم والدة الخديوى.. وسبيل "قايتباى" أروع آثار مصر
الأحد، 14 سبتمبر 2014 02:56 م
سبيل محمد على باشا على طراز المبانى العثمانية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة