أرسلت (..) إلى افتح قلبك تقول:
كنت متزوجة من 4 سنوات، عشت مع زوجى سنة وأربعة شهور فقط، بعدها تركنى عند أهلى، وسافر ليعمل فى إحدى الدول العربية، كنت وقتها حامل، لكن أمه أصرت على أن يطلقنى بعد فترة بسيطة، لأنها تريد فلوسه ولا تريده أن ينفق لا على ولا على ابنه الوليد، وبالفعل طلقنى ولم ير ابنه إلا بعد أن أصبح عمره4 شهور، وعن طريق النت وليس بشكل مباشر.
بعد فترة بسيطة عرفت أن طليقى تزوج مرة ثانية، وأنه تعامل معها بنفس الطريقة، وأنها تعيش فى بيت أهلها بعد أن تركها حامل، وسافر بمفرده أيضا تنفيذا لتعليمات أمه.
والآن وبعد أن أصبح عمر ابنى سنتين ونصف إذا بوالده يأتى لرؤيته لأول مرة وجها لوجه، ويطلب منى الرجوع إليه، لكنى رفضت لأنى الآن مخطوبة لآخر.. هذا الآخر شخص جيد لكنى أشعر بقلق من جهة تقبله لابنى فى حياتنا، لدرجة أنى كنت قد قررت أن أنهى خطوبتنا من قبل، وأعدت له شبكته بالفعل سابقا.
أنا الآن فى حيرة شديدة، ابنى عندى بالدنيا، ولا أعرف ماذا أفعل لأحافظ عليه؟، هل أعود لأبوه؟، أم أتزوج غيره؟، أم أظل بلا زواج؟.. لا أعرف، ما رأيك أنتِ؟.
وإليك أقول:
سيدتى أنت لم تخبرينا بعمرك، لكن أغلب الظن أنك لا زلت شابة ولن يزيد عمرك عن الثلاثينات بأى حال من الأحوال، أى أن الحياة أمامك لا زالت طويلة، ولا زالت لديكى الصحة والطاقة والقدرة على الحياة وعلى خوض التجارب الجديدة.
قديما كانت أى أم يقدر لها أن تكون أرملة أو مطلقة، لم يكن فى استطاعتها التفكير فى حياة جديدة، كانت مجبرة- بحكم العرف والعادات والتقاليد- أن تغلق عليها بابها هى وأولادها، وتعيش فقط لتربيهم، وتنسى نفسها أو تتناساها نهائيا، على الرغم من أنه لا تأييد ولا دليل على وجوب ذلك شرعا أو دينا، فقط لأن تلك هى قوانين المجتمع من قبل، فماذا كانت النتيجة؟.. النتيجة شىء من اثنين..
إما أن تنجح الأم فى إرضاء نفسها بالحياة من أجل أولادها فقط، فتعيش لهم بطيب خاطر، وتنسى نفسها واحتياجاتها وأحلامها برضا نفس، فيشب الأبناء أسوياء إلى حد كبير، مقدرين لجهد أمهم، وشاكرين تضحياتها لهم.
أو أن تفشل الأم فى إقناع نفسها بهذا الدور بصدق، فتعيش لأولادها مجبرة، متضررة، متحملة ما لا تطيق، حتى ولو لم تخبرهم بذلك، وحتى ولو لم تصرح به علانية، إلا أنه يبدو فى كل تصرفاتها معهم، فتجد نفسها عصبية طوال الوقت، تبكى وتشكى لأقل الأسباب، لا تتوقف عن سرد تضحياتها فى كل مناسبة، تظل تذكر أولادها وتمن عليهم بأنها باعت نفسها لتشتريهم، وحرمت نفسها لتعطيهم، ودفنت شبابها لتربيهم، حتى يصل الأولاد إلى مرحلة يتمنون فيها لو كانت تزوجت وتركت وشأنهم.. فيكبر الأولاد فى هذه الحالة كارهين لحياتهم، ولأمهم، غير شاعرين بأى فضل أو شكر من ناحيتها، بل على العكس، يظلون شاعرين بأنهم أخطأوا فى حقها طوال حياتهم، أو أنها عبء نفسى عليهم، مع أنه لا ذنب لهم فى طلاق أو ترمل أمهم.
الأبناء فى هذه الحالة يكونون غير راضين عن نفسهم ولا عن أمهم فى أخف الأحوال، أما فى أسوأها- عافانا الله- قد نجدهم ينحرفون بشدة انتقاما من أنفسهم ومن أمهم، وكأنهم يقولون لها ها هى نتيجة منك علينا ومعايرتك لنا فى كل مناسبة.. ها هى تربيتك لنا.. لا شىء.
لهذا يا سيدتى أنا لا أنصح أى امرأة فى مثل هذه الظروف لا بالزواج ولا بعدمه، أنصحها فقط بأن تختبر نفسها لترى هل ستكون من النوع الأول أم من النوع الثانى؟، إذا كانت ستستطيع أن تعيش مكتفية حقا بأولادها، وبدورها فى الحياة سواء كانت تعمل أم لا، دون أن تشعر فى قرارة نفسها بأنها تحرم نفسها وتظلمها.. فبها ونعم، ولتعيش هى وأولادها، وليغنها الله من فضله.
أما إذا كانت لن تستطيع، وستشعر بأنها أهدرت حقها، أو أنها تحتاج إلى زوج يؤنسها ويحمل عنها، وتمنحه ويمنحها الحب والمشاعر من جديد- وهذا من حقها مئة بالمئة- فلتتزوج، ولتبدأ حياتها مرة أخرى، فالدنيا لا تتوقف بفراق أو رحيل شخص، وعسى الله أن يعوضها خيرا فى زواجها الثانى كما رأينا فى كثير من التجارب الواقعية.
أما بالنسبة لك يا عزيزتى فأنا أعتقد أنك قررت أن تبدأى من جديد، بدليل قبول خطبتك لآخر.. إذا فليكن، هذا حقك دينا وشرعا وعرفا، ولا يستطيع أحدا لومك على ذلك، لكن كل ما أنصحك به هو أن تتخيرى الشخص المناسب، فبحسب روايتك خطيبك ليس مستقرا أو مطمئنا بشأن ابنك، لهذا أعتقد أن هذه الزيجة لن تكون مريحة لا لك، ولا لابنك، ولا لخطيبك شخصيا، وربما تجدين نفسك غارقة فى دوامة التوفيق بينهما مدى الحياة، لهذا ليتك تختارين شخصا يقاربك فى الظروف، حتى يتفهم مشاعرك وإحساسك تجاه ابنك، ويسهل عليكى مهمة التعايش بينكم.
أما عن رجوعك لأبو ابنك.. فما هى إيجابيات ذلك بالله عليكى؟، الميزة الوحيدة التى كنت سأشجعك على ذلك من أجلها هى أن يعود ابنك لحضن أبوه، لكن الأبوة ليست كلمة، أو اسم فى شهادة الميلاد، الأبوة مشاعر وأفعال ومسئولية، أين هذا الرجل من كل هذا؟.. هل كان أبا أو حتى رجلا عندما طلقك وأنت حامل؟، وهل كان أبا عندما رأى ابنه لأول مرة بعد 4 شهور كاملة، وعن طريق النت؟، هل كان أبا عندما رأى ابنه على الحقيقة للمرة الأولى بعد أن أصبح عمره سنتين ونصف؟.. هل هذه هى الأبوة التى تبحثين عنها لابنك؟، والتى ستضحين من أجلها وتقبلين الحياة مع شخص لا رأى ولا أمان له مثل هذا الرجل؟، وماذا لو كررها وأرسل بك إلى بيت أهلك بعد أن تصبحى حاملا للمرة الثانية؟، ماذا ستكونين ربحتى بعد كل هذا العمر والجهد المهدر؟.
أولا وأخيرا الرأى لك، وهذا رأيى المتواضع والله أعلم، ولكن أريد أن أقول كلمة أخيرة لكل رجل يستهين بكلمة الله، وبالزواج، ويتخذه وسيلة لدخول حياة امرأة، ثم الخروج منها هكذا وبكل بساطة بعد أن يدمرها، ويقلبها رأسا على عقب.. اتق الله، وتذكر أن لها حقا سيظل فى رقبتك إلى يوم الدين، وستأخذه منك حينها، حتى وأن عجزت عن أخذه منك لضعفها أو هوانها أو قلة حيلتها فى هذه الدنيا.
(افتح قلبك مع د. هبة يس).. أبهات (نص كم)
Dr.Heba Yassin
د. هبة يس
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شامل
هي الناس جرالها ايه؟
دول مايستحقوش يكونوا أبهات أصلا