بينما راح وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى يعقد لقاءاته الخاصة مع قطر وتركيا كممثلين عن حماس لعقد اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، فإن الإعلام الأمريكى وربما بعض كبار خبراء مراكز الأبحاث، أعلنوا رفضهم لهذه الخطوة باعتبار أن الدولتين لا يمكن الوثوق بهما كجهة محايدة.
وقد دعت صحيفة واشنطن بوست، فى افتتاحيتها، الأربعاء، واشنطن إلى حصر جهود التعاون على صعيد التوصل إلى اتفاق تهدئة، فى القوى المعتدلة ممثلة فى مصر والسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس أبو مازن، فيما اعتبرت قطر وتركيا قوى موالية لحماس، بل وصفت جلوس كيرى للحوار مع وزراء خارجيتهما بأنها دعوة مشكوك فيها.
وفيما يبدو أن الأمريكان على قناعة بحيوية الدور التاريخى المصرى فى القضية الفلسطينية، فإن الصحيفة أكدت أنه ينبغى على إدارة الرئيس باراك أوباما العمل مع مصر والسلطة الفلسطينية بالإضافة إلى إسرائيل، لإنهاء الصراع بطريقة تقوض من حماس بدلا من أن تعزز سلطتها فى غزة .
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتفاق الأخير بين حركة فتح بزعامة أبو مازن وحركة حماس لتشكيل حكومة وحدة للضفة الغربية وقطاع غزة، أعقبه انتخاب قادة جدد يمكنهم توفير آلية مناسبة. وقد اقترح عباس، الذى يعمل مع مصر بشكل وثيق، مرارا تولى القوات التابعة للسلطة الفلسطينية مسئولية تأمين الحدود بين مصر وغزة وبذلك يمكن تهميش حماس. وفى سعيها لوقف إراقة الدماء فى غزة، فإنه يمكن لإدارة أوباما دعم هذه الحلول الإبداعية والبناءة، حسب وصف الصحيفة.
وأضافت أن الوعود المبهمة التى قدمها كيرى بمعالجة كافة القضايا الآمنة وعرضه احتمال فتح الحدود وتمويل حماس لدفع رواتب موظفيها، يبدو أنها شروط تم دفعها من قبل حلفاء الحركة "قطر وتركيا".
وتقول واشنطن بوست إن لجوء كيرى لهاتين البلدين كوسطاء كان أمرا آخر يستدعى الشكوك: إذ أنهما يهدفان لتهميش الحكومات المعتدلة فى مصر والضفة الغربية. وهو ما اتفقت معه "فورين أفيرز" الدورية السياسية المقربة من دوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة، والتى أكدت أن قطر لا يمكن أن تكون وسيطا أمينا أو غير متحيز لقضايا المنطقة.
وأشارت إلى قطر باعتبارها الراعى الرئيسى لصعود الإسلام السياسى، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين والجماعات ذات الصلة بها، فى المنطقة، ظنا منها أن هذا سيساعدها على زيادة وتمكين نفوذها.
وبينما يدرك تميم بن حمد آل ثانى، أمير قطر، أن كلا من السعودية والإمارات ومصر، يعتبرون جماعة الإخوان تهديدا أمنيا وسياسيا كبيرا، فإنه راح يتخذ تدابير لضمان ألا تكون دولته الصغيرة معزولة دبلوماسيا: فلقد ذهب للشراكة مع رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان وأبقى واشنطن على علم بخططه الدبلوماسية وعمل على استقرار العلاقات مع إيران وتحسينها مع عمان. فمثل والده، يعتقد تميم أن المكاسب المحتملة لسياسته الخارجية العدائية تفوق مخاطر استعداء اللاعبين الرئيسيين فى المنطقة.
وبحسب قول بلال صائب، الزميل بالمجلس الأطلنطى، أحد مراكز الأبحاث الأمريكية الكبرى، فبعدما استقر خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، فى الدوحة. وبتوجيه من القيادة القطرية، واصل مشعل تنسيق النشاطات السياسية والعسكرية لجماعته فى غزة، فإن قطر تسعى علنا لتولى دور مصر التقليدى كوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأشارت المجلة إلى اللقاء الأخير الذى جمع العاهل السعودى وتميم فى جدة، هذا الشهر، والذى لم يكن وديا على الإطلاق، مؤكدة أن من غير المحتمل أن يتغير موقف السعودية التى طالما أصرت وأكدت على أن كل الطرق للوساطة فى القطاع يجب أن تمر عبر القاهرة.
وتخلص المجلة بقول مهران كامرافا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، أن بينما تسعى قطر جاهدة لتقديم نفسها كوسيط نزيه فى المنطقة، فإن قطر على عكس عمان، التى تسير على نمط غير متحيز ووساطتها لا تلفت الأنظار، إذ أن نظرة القوى الإقليمية للدوحة، قد تكون أى شىء، عدا أنها محايدة أو صانعة سلام.
الإعلام الأمريكى وخبراء مراكز الأبحاث ينقلبون على قطر ويؤكدون: الدوحة لا يمكنها أن تلعب الدور المصرى لأنها ليست وسيطا أمينا فى المنطقة.. لابد من التعاون مع القوى المعتدلة
الأربعاء، 30 يوليو 2014 04:02 م