أرسلت (..) إلى افتح قلبك تقول:
أنا فتاة فى بداية العشرينات، مشكلتى باختصار هى خطيبى، هو شخص كويس جدا، ومحترم جدا، من عائلة جيدة وبه مميزات كثيرة، ولكنه (سمين) جدا، وهو الشىء الذى لم أكن أتمناه أبدا فى شريك حياتى.
عندما تقدم لى كنت مترددة فى قبوله، لكن أهلى عددوا لى مواصفاته، والتى لا أستطيع إنكارها، كما قالوا لى إن الشكل أمر غير مهم، وأنه لا يعيب الرجل شكله، فقبلت الخطوبة، لكنى لا أكذب عليكى يا دكتورة أشعر بالندم بين الحين والحين، بل وأشعر بالألم والاختناق إذا رأيت رجلا جسمه متناسق، وأخاف أن يأتى على اليوم الذى أنظر فيه إلى غير زوجى.
أنا ارتحت له ولشخصيته كثيرا، كما أنه من النوع الصعب تكراره هذه الأيام، هكذا يقول عنه أهلى، وهكذا أشعر أنا أيضا، لكنى مهما حاولت التغافل عن حجمه أجد نفسى أعود إلى التفكير فيه من جديد، ترى هل الأمر يستحق كل هذا القلق فعلا؟، هل سأستطيع التغاضى عن هذا العيب مع العشرة الطيبة؟، أم أن هذا الموضوع من الممكن أن يؤثر على علاقتنا واستقرار حياتنا الزوجية فيما بعد؟.. أنا فى حيرة شديدة فعلا، لهذا أرجو ألا تهملى رسالتى، وألا تعتبريها مشكلة تافهة.
وإليكى أقول:
مشكلتك ليست تافهة يا جميلة، بالعكس مهمة جدا، لأنها تدخل فى صميم أى علاقة..
أتعرفين ما الذى يجعل الزيجات تستمر؟.. هل هو الحب؟، أم المميزات الشخصية؟، أم الرفاهية المادية؟، أم التفاهم؟.. فى الحقيقة إنه لا شىء من كل هذا، الشىء الذى يجعل العلاقات تدوم وتستمر وتستقر هو ((القبول)).. أو بمعنى آخر الراحة مع شريك الحياة.
والقبول لا يعنى أنك ترى شريك حياتك بلا عيوب، أو أنه كامل الصفات، بالعكس القبول هو أن تكون مدركا لكل عيوبه وسلبياته قبل إيجابياته، ومع ذلك أنت راض به وقابل له كما هو، وعلى حاله حتى ولو لم يتغير.
كثير منا هم من يقبلون بشخص ما أو يتظاهرون بقبوله، لكنهم فى حقيقة الأمر يأملون تغيير ما يضايقهم فى هذا الشخص فى المستقبل، فتجد من ترتبط بمدخن وهى تأمل أن تجعله يتوقف عن التدخين، أو من يرتبط بفتاة ممتلئة على أمل أن يجعلها تفقد نصف وزنها، أو من ترضى بشخص غير مهتم بهيئته على أمل أن تلبسه هى على ذوقها فيما بعد.. هذا ليس قبولا، ولكنه موافقة على مضض، رضا مشروط، لهذا فسرعان ما نجد كل هؤلاء الأشخاص يندمون ويندبون حظهم بعد أن يكتشفوا أنهم غير قادرون على دفع شركاء حياتهم على التغيير الذى يريدون.
بكل تأكيد الشكل ليس كل شىء، وبكل تأكيد أيضا للجوهر العامل الأكبر والأثقل فى الحكم على الأشخاص، لكننا وفى نفس الوقت لا يمكن أن نضحك على أنفسنا ونكذب ونقول إن الشكل غير مهم، فهذه هى الصورة التى ستعيشين معها ما بقى لك من عمر، بل ومع وجود احتمالية أن يزداد وزنه مع السن وقلة الحركة، وأنت لا تقبلين ذلك من داخلك، وبالرغم من صوت عقلك وأصوات من حولك إلا أنك لا تستطيعين إقناع نفسك بقبول هذا الأمر، إذا فلتحترمى رغبتك، ولتحسمى أمرك.
صلى استخارة كثيرا فى الفترة القادمة، على أن تضعى لنفسك موعدا نهائيا لاتخاذ القرار، ولا تعتقدى أنك ستظلمى هذا الشخص بتركه الآن، لأنك لو ارتبطى به وأنت على حالك هذا ستظلميه أكثر وأكثر عندما تصبحى زوجته وهو لا يملأ عينك كرجل، بل وربما تجدين نفسك مضطرة لظلمه وجرحه بشكل أقوى إذا تركتيه بعد الزواج، ناهيك عن أنك ستظلمين نفسك بإرغامها على (بلع) شىء لا تستطيعين هضمه فى الحقيقة.
قد يختلف معى الكثيرون.. أعرف.. ولكن قبولك لشريك حياتك أمر لا جدال فيه، إذا كنتِ تبحثين عن زيجة مستقرة، فإما أن تكونى مقتنعة به بصدق من داخلك كما هو، أو تتركيه، فلا حلول وسط هنا، لأنه أيا كانت مميزاته لن تستطيعى رؤيتها مستقبلا عندما يسيطر على تفكيرك أنك قبلتى بما لم تكونى لتقبلى به أبدا من أجل إتمام هذه الزيجة.
قد يخوفك البعض بأنك ستندمين على هذا الشخص، وأنه به مواصفات صعب تكرارها، وأنه وأنه وأنه.. ربما، ومن المؤكد أنك ستفتقدين مميزاته وإيجابياته فعلا إذا قررتِ الابتعاد، لكنك يجب أن تكونى على قناعة تامة بأنك لم تكونى لتسعدى بهذه المميزات طالما أنك لم تكونى راضية به تمام الرضا من داخلك.
يقولون أن مرآة الحب عمياء، وهذا صحيح، لأننا عندما نحب شخصا نراه دائما مقبولا ومحببا وجميلا مهما اختلف معنا الآخرون، ولكنك لم تحبيه فعلا، أنت فقط تقيميه بعقلك، أو بمعنى أدق (مستخسراه) وخايفة تندمى لو فقدتيه، ودى عمرها ما تنفع تكون مقومات حياة سعيدة ومستقرة.. هذا رأيى والله أعلم..
الصفحة الرسمية للدكتورة هبة يس على الفيس بوك:
دكتورة هبة ياسين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايتن
نفس قصتى
عدد الردود 0
بواسطة:
قارئة
رقم 2
عندها حق
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد خيال
اقولك فكره
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد المصرى
اختى العزيزة ... سؤال ؟