أرسلت (ش) إلى "افتح قلبك" تقول: أنا فتاة فى منتصف العشرينيات، كانت حياتى عادية جدا حتى فقدت والدى رحمه الله منذ نحو عامين، والذى فقدت معه الصديق والأخ والونيس، فبالرغم من أن لى إخوة، وأن أمى على قيد الحياة والحمد لله، إلا أن أحدا لم يفهمنى فى حياتى كما فعل أبى رحمة الله عليه، اهتزت الأرض من تحت قدمىّ حين وفاته، مع أنى كنت قد تخرجت واشتغلت أيضا، إلا أنى شعرت بيتم شديد، وفقدان لا يعوضه أى شىء أو شخص.
ظهر فى حياتى حينها زميل لى فى العمل، أكبر منى ببضع سنوات، بدأ يتقرب إلى لمواساتى وللتخفيف عنى، تكلمنا وتقاربنا، ثم أبدى لى إعجابه بى ورغبته فى أن نرتبط قريبا، بعد أن يتمكن من ادخار بعض المال، ليكون قادرا على إحضار شبكة لائقة.
حدثت بعد ذلك بعض الخلافات بيننا، والتى انتهت باختفائه المفاجئ من حياتى، كأنه لم يكن، لم أعد أراه إلا فى الشركة، ودون أن يحدث بيننا أى حوار، فجأة انقلب على لمجرد أنى مازحته بكلمة اعتبرها هو إهانة له، لم أفهم ماذا على أن أفعل، وانتهى الأمر بعد عدة شهور من تعارفنا بمنتهى البساطة من ناحيته.
تألمت كثيرا لأنى لم أكن فى حاجة إلى مزيد من الفقد والخسارة، ولأنى كنت أظنه أنه هو من سيقف بجانبى ويكون معى فى هذه الفترة.
بعدها بعدة أشهر تقرب إلى زميل آخر كان يراقبنى من بعيد، وما إن لاحظ اختفاء الآخر من حياتى حتى اقتحم حياتى، اقتحمها فعلا لا قولا، فقد كان يتحدث إلى فى العمل، ويهاتفنى فى البيت، ويراسلنى ليلا على الإيميل وفيس بوك، كان يحاول أن يملأ على حياتى، ولكنى - بكل أسف - كنت لا زلت متعلقة بزميلى الأول، فلم أكن فرحة بكل ما يفعل، ولكنى تجاوبت معه فقط لأنى كنت فى حاجة إلى من يحنو على ويهون على الأيام وقتها.
ثم فاجأنى زميلى الأول بعد فترة بأنه نادم على فراقنا، وبأنه يريد أن نعود معا من جديد، على أن نسرع فى إتمام الخطوبة سريعا، ففرحت، ووافقت على الفور، دون أن ألتفت إلى أن هناك آخر يتعلق بى وينتظرنى، نسيته تماما، وفى لحظات، وطويت صفحته بمنتهى القسوة وعلى حين غرة، ولكنه لكرم أخلاقه لم يسبب لى أى مشاكل، بل إن المشاكل وللعجب جاءت من زميلى الأول، فقد استطاع أن يخترق إيميلى وحسابى الخاص على فيس بوك، وإذا به يقرأ بل ويحتفظ بكل المراسلات التى كانت بينى وبين زميلى الثانى، ثم إذا به يسحب منى خط التليفون الذى كان معى، لأنه كان باسمه أصلا، ويحصل على كل مكالماتى السابقة من شركة المحمول، ثم جاء ليواجهنى بكل هذا، ويهدم المعبد على رأسى مرة أخرى، انهرت بشدة حينها، فلم أكن أتوقع أبدا أن "يعرينى" أمام نفسى بهذا الشكل، ولم أكن أتوقع أن أفقده من جديد بعد أن وجدته أخيرا، وبسبب من؟ بسبب شخص لم يكن يخطر لى على بال من الأساس.
لا أعرف كيف مرت على الأيام بعدها، لقد كنت جسدا بلا روح، أقوم وأتحرك وأنام بلا إحساس أو مشاعر أو قلب، حتى أحيانى من جديد عندما عاد نادما للمرة الثانية، ليقول لى إنه يحبنى، وإنه لم يفعل كل هذا إلا لأنه يغار على، وأنى بالنسبة له لست كأى إنسانة، وأنه لم ولن يستطيع أن يعيش بدونى.. و... و...، عدت إليه بدون حتى أن أسمع أعذاره وتبريراته، فأنا بحاجة إليه، فلا أحد يشعرنى بالأمان من بعد والدى مثله، أشعر معه أن هناك من يهتم بى، ويسمعنى، ويريدنى لشخصى.
ولكنى سعيت إلى أن نتمم خطبتنا بشكل رسمى سريعا جدا هذه المرة، وبالفعل نحن الآن خطيبان منذ نحو 3 أشهر، كانت فيهم أيام كثيرة جميلة بشكل لا يصدق، يكون فيها قمة الاهتمام والرعاية والحب لى، ولكن وفى نفس الوقت كان فيها أيام لا تحتمل، حين ينقلب على لأتفه الأسباب، أو حين يشك فى ويتهمنى بدون دليل، حياتى معه باختصار إما "فوق أوى" أو "تحت أوى".
أنا الآن أرسل إليك لأسألك: هل يمكن للحياة أن تستمر بهذا الشكل؟.. هل يمكن أن أحتمل هذا الوضع بعد الزواج؟.. هل أقبل بكل ما يفعله "مزاجه المتقلب" بى، مقابل ما يمنحه لى من حب وأمان؟.. أم أن الوضع مخيف كما يخبرنى قلبى بين الحين والحين؟
وإليك أقول: أى أمان هذا الذى تتكلمين عنه؟ شخص يتقرب منك ويدخل إليك فى وقت ضعفك لأنه يعرف كم أنت هشة فى هذا الوقت، ثم يغضب منك لسبب أو لآخر فيختفى فجأة من حياتك بعد أن تأكد أنه ضمنك، ثم يعود ليظهر فجأة وقتما شاء، ربما لأنه شعر أن هناك من سيأخذك منه، وليته عاد فى سلام، إلا أنه عاد بعد أن عاش عليك دور المخابرات، فسرق خصوصياتك سواء على الإيميل وفيس بوك، أو فى التليفون، بمنتهى الاستباحة و"البجاحة"، كأنه ولى أمرك، ثم يتركك وأنت لا طايلة سما ولا طايلة أرض، ليذهب ويعود مرة أخرى وقتما "هفه الشوق" ليخطبك، وليته أنهى هذا المسلسل من الغموض والتقلبات، لا بل أكمله بمزيد من الارتفاعات والانخفاضات العاطفية الحادة، حتى وأنتما بينكما رباط رسمى، أبعد كل هذا تتحدثين عما يمنحه لك من الأمان؟.. أمان يالالالى، سامحينى فهذا هو الأمان الوحيد الذى ينطبق على حالتك يا عزيزتى.
كيف تأمنين لهذا الرجل الـ"يويو"؟.. كيف تأمنين لهذا "الجستابو" الذى سيتجسس عليك فى أى لحظة من لحظات حياتك؟.. كيف تأمنين لهذا الذى يعطى نفسه كل الحق لاستباحة خصوصياتك، حتى أنت لست فى عصمته، أو معه، أو مرتبطة به بأى شكل من الأشكال؟.. أين الأمان فى أى من هذا؟.. ليتك تخبريننى فأنا لا أرى أى أمان فى كل ما قلته.
آتى إليك، ما الذى تفعلينه بنفسك وبحياتك وبعمرك؟.. هل فقدانك لوالدك يعطيك المبرر لأن تستجيبى لأى شخص يظهر لك بعض العطف واللين أيا كانت نواياه؟ وبصرف النظر عن كذبه أو صدقه؟، ومهما كانت صفاته وعيوبه الشخصية؟.. ما هذا يا حبيبتى؟.. من قال لك إنك ستجدين الأمان المفقود بهذه الطريقة؟.. أنت هكذا تماما كالمستجير بالرمضاء من النار، إن ما تشعرين به من اهتمام وحب ومشاعر وقتية، سواء من هذا أو من ذاك ما هو إلا أمان زائف، تطمئنين به نفسك، أو تتغافلين به عن فقدانك لوالدك ليس إلا، لا أقول لك إنك لن تجدى من يحبك ويقدرك ويهتم بك بصدق، وربما يستطيع أن يعوضك عن غياب والدك، بالطبع ممكن جدا، لكنه سيأتى فى وقته، بعد أن تتأنى وتبحثى عنه جيدا، وبعد أن تصونى نفسك له أيضا، لا بأن تتنقلى من يد هذا ليد هذا، وتقبلى من كل منهم بالفتات الذى يلقيه لك بين الحين والحين.
حاولى تعويض غياب صديقك الصدوق، والدك رحمه الله، بالتقرب إلى والدتك أو إخوتك، أو حتى صديقة من الصديقات، واهتمى بنفسك وبتنميتها بحيث يكون فخورا بك وراضيا عنك حيثما كان، أما ما تفعلينه الآن فهو بكل المعانى خيانة لهذا الصديق والأب.
الصفحة الرسمية للدكتورة هبة يس على فيس بوك:
Dr.Heba Yassin
د. هبة يس
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سارة
كلام د / هبة يس صح الصح
عدد الردود 0
بواسطة:
هادي
فعلا أمان زائف
الحقي نفسك و انفدي بجلدك طبعا
عدد الردود 0
بواسطة:
الحاج / أحمد
خلي مقفول أحسن
شكرا