قال الدكتور هانى رسلان رئيس وحدة دراسات السودان بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية، إن ما أعلنه الرئيس السيسى حتى الآن عن سد النهضة سواء فى خطابه الأخير أو لدى استقباله لوزير خارجية إثيوبيا، هو الموقف المصرى المعروف ولكن بصياغة جديدة وبطريقة تقديم أفضل سواء للإثيوبيين أو للعالم، مشيراً إلى أن مصر لا تمانع فى أى خطوات تنموية بل ويمكنها أن تساعد ولكن على الآخر الإثيوبى مراعاة مصالح مصر.
وأضاف، فى تصريحات خاصة، أن الصياغة الجديدة التى يقدمها السيسى تتجلى فى أنه يقوم بتقديم تفهم مصر لاحتياجات ومصالح إثيوبيا، ثم يقرن ذلك بضرورة تفهم أن النيل ضرورة حياة، بمعنى أنه يقدم رسالته التعاونية باعتبارها صلب وجوهر الموقف المصرى، ولكن الشرح يشترط لذلك وفى نفس اللحظة تفهم والاستجابة للضرورات المصرية، حيث إنه تحدث أيضا عن الإرادة السياسية الحقيقة، لأننا جميعا نعرف أن إثيوبيا ظلت تراوغ طوال الفترة الماضية بطريقة مستفزة.
وتساءل رسلان هل هذا يكفى لإحداث نقلة فى أزمة سد النهضة؟ والإجابة: مشيرا إلى أنه لابد من تغير معطيات الأزمة لكى يمكن للمفاوضات أن تتقدم وهذا الأمر هو الذى تعمل عليه مصر منذ ثورة 30 يونيو حتى الآن، وذلك عبر التحرك فى اتجاهات متوازية، كان أولها هو محو الآثار بالغة السلبية لما فعله مرسى فى اجتماعه الفضائحى الشهير، والثانى هو التواصل مع كل القوى المؤثرة فى اتجاهات الأزمة وعلى رأسها واشنطن والاتحاد الأوروبى وبدرجة تالية بكين وموسكو بهدف تحقيق تقدم يتفهم الموقف المصرى أو يخدم أهدافه وغاياته، والمستوى الثالث هو موقف السودان لأنه شريك أصيل فى الأزمة، وتصريحات المسئولين السودانيين الأخيرة التى تؤشر إلى حدوث بدايات تغير فعلى فى الموقف السودانى من التأييد المطلق غير المشروط إلى التراجع المحسوب واتخاذ مواقف أقرب إلى العقلانية والموضوعية بما يفتح آفاقا أفضل وحرية أكبر للمفاوض السودانى، وهذا الموقف فى حد ذاته مقبول مصريا ويمثل تقدما قياسا إلى الموقف السابق.
وأشار رسلان إلى أن الإطار الإفريقى أيضا يتغير إيجابيا لصالح مصر، والدليل على ذلك تصريحات وزير الدولة التنزانى عن ضرورة مراجعة اتفاقية عنتيبى، وهذا الموقف يجسد نجاح التحركات والاقترابات المصرية الجديدة نحو إفريقيا وقدرتها على تحقيق اختراقات على أكثر من صعيد، وهذا الموقف بالتحديد ينزع من إثيوبيا واحدة من أهم الأوراق التى كانت تستخدمها، والتى كانت تقول من خلالها إن خلافها مع مصر حول مياه النيل ليس خلافا ثنائيا بل هو خلاف بين مصر وكل دول المنابع وكانت أديس أبابا تستخدم الخلاف الخاص باتفاقية عنتيبى الذى ساهمت هى فى صنعه وتضخيمة فى خدمة موقفها فى أزمة السد.
وأضاف أن معطيات الأزمة تتغير بما يفتح الأفق أمام مفاوضات جادة، وتصريحات الرئيس السيسى ومواقفه تفصح عن وجود رؤية واضحة وإستراتيجية متكاملة، وتحركات السيسى جزء لا يتجزأ منها ومن متطلبات الحركة لتحقيق الهدف وهو ترفع الضرر الواقع عن مصر من بناء السد مع الحفاظ على الإطار التعاونى عبر تحقيق ذلك من خلال التفاهمات التى قد تتجاوز موضوع السد إلى أطر أوسع.
واختتم رسلان تصريحاته بأنه يجب علينا ألا نفرط فى التفاؤل، وأن ننتظر التحركات وما تسفر عنه على الأرض، فالطرف الإثيوبى حتى الآن يدور فى مواقفه القديمة من الناحية اللفظية والإعلامية، والفيصل هو فى ذلك وجود إرادة سياسية حقيقية للوصول الى الحلول الوسط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة