كيف يتسنى للدببة القطبية أن تتغذى على مواد ذات محتوى دهنى عال للغاية مثل الفقمة المترهلة، ثم تسمن أجسامها بدرجة كبيرة دون أن تصاب بانسداد الشرايين أو بأخطار أمراض القلب؟
الإجابة هى أن الدب القطبى يعتمد فى ذلك على سماته الوراثية. فقد أجرى العلماء تحليلا وراثيا دقيقا للدب القطبى -نشروا نتائجه أمس الخميس فى دورية (سيل)- وقارنوه بأقرب أقاربه الدب البنى فوجدوا أن الدب القطبى ومنذ انحداره من الدب البنى قبل أقل من 500 ألف عام ليصبح نوعا جديدا مر بتغييرات وراثية ملحوظة للتعامل مع الأغذية عالية المحتوى البروتينى التى يحتاجها فى البيئة القطبية شديدة البرودة.
وقال الباحثون إن مجموعة من الجينات المرتبطة بوظائف الأوعية الدموية وتمثيل الأحماض الدهنية شهدت تغيرا جذريا من خلال الطفرات لتتيح للحيوان أن يقتات على مواد ذات محتوى دهنى عال دون مواجهة خطر الإصابة بأمراض القلب.
وقالت إيلين لورنزن خبيرة علوم البيئة الجزيئية بجامعة كاليفورنيا فى بيركلى "بالنسبة للدببة القطبية فان اكتناز أجسامها بالدهن لا يمثل مشكلة".
وأضافت أنه فى المناطق القطبية، حيث تعيش هذه الدببة فإنها تحتاج إلى الطاقة بصورة ماسة ولدى الدببة القطبية من الأنسجة الدهنية ما يسد هذه الحاجة، كما أن نحو نصف وزن جسمها يمكن أن يتكون من الدهون، أما مصدر الماء العذب فهو الماء الناتج عن عمليات التمثيل الغذائى، أى الماء الذى يتكون كمنتج ثانوى لتحلل الدهون فى الجسم.
وقام العلماء بفك الشفرة الجينية للدب القطبى بعد أخذ عينات من دم وأنسجة 79 دبا من جرينلاند، كما استعان العلماء بعينات من عشرة من الدببة البنية لدراسة الخريطة الجينية لها (الجينوم).
وقال راسموس نيلسن خبير وراثة النشوء والارتقاء بجامعة كاليفورنيا فى بيركلى إن المعلومات الوراثية أظهرت أن الدب القطبى انحدر من أنواع الدب البنى منذ نحو 400 ألف عام، أى منذ فترة قريبة نسبيا عما كان يعتقد من قبل، وأفادت تقديرات سابقة بأن الدب القطبى نشأ منذ خمسة ملايين عام.
وأضاف نيلسن "خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن تكيفت الدببة القطبية على البيئة الباردة فى المنطقة القطبية وعلى التغذى على طعام جديد، شاهدنا آثار هذا التحور فى جينوم الدب القطبى".
والدب القطبى بفرائه الأبيض كرمز للمنطقة القطبية أكبر الحيوانات آكلة اللحوم على كوكب الأرض، وهو الأضخم بين أنواع الدببة الثمانية، ويحتل الدب القطبى قمة السلسلة الغذائية فى المنطقة القطبية، ويقضى معظم وقته فى البحار المتجمدة ويفترس عددًا من أنواع الفقمة ويزن الدب البالغ منه نحو 770 كيلوجراما.
والدب القطبى ضمن الأنواع المهددة بالانقراض، إذ يسهم تغير المناخ فى تآكل حجم البحار المتجمدة التى يعيش بها، ويصل إجمالى عددها ما بين 20 ألفا إلى 25 ألفا. وتساعد نوعية طعامه على تراكم الدهون حول جسمه مما يتيح له عزل جسمه عن البرودة الشديدة المحيطة به، فضلا عن الطفو فوق سطح الماء عند السباحة.
وبسبب هذه الدهون يرتفع مستوى الكوليسترول الضار أو منخفض الكثافة والدهون الثلاثية فى دم الدب، وهى مستويات قد تسبب أمراض الأوعية الدموية لدى الإنسان، إلا أنه يبدو أن التحورات الوراثية فى جيناته تحول دون ذلك.
ومن بين هذه الجينات جين مسئول عن إخراج الكوليسترول من مجرى الدم، وعدم دخوله إلى الخلايا، مما يقلل من مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية.
كيف يتجنب الدب القطبى مخاطر غذائه الملىء بالدهون؟
الجمعة، 09 مايو 2014 12:54 م
دب قطبى - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة