أكد عدد من الأدباء والمثقفين ممن عملوا فى المجال الصحفى، على أن الصحافة ليست مقبرة الأدباء، خاصة إذا أدرك الكاتب مدى الفرق الأساسى بين كتابة الصحافة والأدب.
جاء ذلك خلال اللقاء الذى عقُد، أمس، بالجامعة الأمريكية تحت عنوان "الصحافة والأدب" والذى أداره الناقد الدكتور حسين حمودة، بمشاركة الأديب الكبير يوسف القعيد، وهالة البدرى، وعزة بدر، وهيدرا جرجس، وسمر نوار.
وقال "القعيد" إنه على الأديب الذى يعمل بمجال الصحافة أن يفرق جيداً بين الكتابة الأدبية والصحفية، مستشهداً بكل من الكاتب إحسان عبد القدوس وفتحى غانم الذين عملا بمؤسسة روز اليوسف.
ورأى "القعيد" أن الصحافة أفادت فتحى غانم، حيث قدم تجربة درامية فى روايتى "زينب والعرش"، "الرجل الذى فقد ظله"، أما إحسان عبد القدوس فقد حدث معه العكس، واصفاً إياه بأنه كان يكتب رواياته كما يكتب مقالاته، لم يقيم فاصلاً حقيقياً بينهما، وهو الدرس الذى تنبه له فتحى غانم، حيث إنه لم يكتب أدباً للجريدة، بل دائمًا ما كان يردد: الأدب للمنزل والصحافة للمكتب.
وأشار"القعيد" إلى أن الصحافة أفادت العديد من الأدباء فى نشر أعمالهم الأدبية، وفى الوقت نفسه استهلكت الكثير منهم. مشيرًا إلى أن جارسيا ماركيز قال عبارة "الصحافة تناسب الروائى تماماً شريطة أن يعرف الوقت المناسب لكى يتركها".
وتابع "القعيد" عندما دخلت مجال العمل الصحفى وجدت مقولة "الصحافة مقبرة الأدباء" والتى تشير إلى أن من يدخل هذا المجال يفقد القدرة على الكتابة، ولكن من خلال تجربتى الشخصية لم أضار من العمل الصحفى، على العكس تماماً فقد تعلمت منه.
وأشار "القعيد" إلى أن أول موضوع صحفى كتبه كان عبارة عن تحقيق عن السيول التى دمرت كرداسة، حيث فوجئت به منشوراً على هيئة مقال مختزل فى عمود بمجلة المصور، مما أغضبه ولكنه تعلم فيما بعد أن العبقرية تكمن فى التركيز.
وتابع "القعيد" العمل الصحفى ساعدنى على التخلص من "الطرطشة" العاطفية والتعبيرات المستفيضة، موضحاً بأن جزءاً أساسياً من موهبة آرنست هيمنجواى يعود لعمله فى الصحافة خلال فترة الحرب فى بلاده ووصفه بدقة تامة للمعارك.
ودعا "القعيد" إلى أن يكون هذا اللقاء نواة حقيقية لدراسة الأدباء الذين عملوا بالصحافة، أو على حد تعبير الإذاعى طاهر أبو فاشا "الصحفيين الذين أدركتهم حرفة الأدب".
وتابع "القعيد" بعد روايتى الأولى كان الجميع يحذزنى" إياك والصحافة" ولكنى لم أستمع إليهم، لكنى استفدت كثيراً من الصحافة والتى جددت لغة الخطاب لدى، فمن خلالها أشم رائحة مصر، خاصة إذا كان الكاتب صحفى لديه حس أدبى أتى به للصحافة من خلال العمل الأدبى قراءةً وتذوقاً.
وقالت الكاتبة هالة البدرى، رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، فكرت فى العمل الصحفى منذ طفولتى حيت كنت أكتب الشعر منذ الصغر وأعتقدت أن أقرب مجال لممارسة الأدب هو العمل بمجال الصحافة.
وأشارت هالة إلى أنها اقتحمت مجال الصحافة خلال الجامعة، موضحة بأنها عاشت فى توازى مع الأدب، ومن خلال الصحافة اكتسبت العديد من الخبرات. وأضافت هالة البدرى قمت برحلة داخل مصر تحت عنوان "ينابيع الإبداع فى مصر" تعرفت خلالها على الفروق الحقيقية للناس فى مصر من خلال عملى كصحفية وهذا بالطبع أفاد كتابتى الأدبية.
ودعت هالة البدرى، إلى دراسة صورة الصحفى داخل أعمال الأدباء الذين عملوا بمجال الصحافة، مشيرة إلى أنها أعطت جزءاً من تجربتها الصحفية لأبطال بعض روايتها.
وقالت هالة البدرى، بعد أن توليت رئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، لم أعد أملك الوقت الكافى لكتابة شىء فى الأدب، مضيفة أذُهل من قدرة الكاتب الكبير جمال الغيطانى على قدرة الإبداعية وإدارته لمجلة أخبار الأدب سابقاً.
وتحدثت الدكتورة عزة بدر، عن تجربتها الصحفية بروز اليوسف، وقالت لم يحدث لدى مشكلة فى العمل بين الصحافة والأدب، حيث إن اختيارى للعمل بهذا المحال كان واضحاً منذ البداية. مضيفة بأنها تعلمت الكلمة الجميلة والجذابة من خلال هذا المجال.
وأشارت عزة بدر إلى أن رسالتها للدكتوراه كانت فى إطار الصحافة الأدبية، مشيرة إلى استفادتها من اللقاءات الصحفية والموضوعات التى قدمتها فى تجربتها الأدبية، كما أشارت إلى حديث فرجينا وولف عن الصحافة والأدب.
وقال الكاتب هيدر جرجس الصحفى بمجلة الإذاعة والتليفزيون، إن العلاقة بين الصحافة والأدب ملتبسة جداً، مشيراً إلى أنه التحق بالعمل الصحفى لشعوره بأنه الأقرب للأديب، موضحاً بأن تغطيته للملف القبطى أفادته فى كتابة روايته "صياد الملائكة".
وقال هيدرا، إن الصحافة لم تؤثر على أدبياً، بل ساهمت فى تدعيمى وكما أن عملى بالديسك أضاف لى فوائد لغوية، حيث الكتابة المختصرة العميقة والتلغرافية، مشيراً إلى أن الصحافة ظُلمت كثيراً من خلال علاقتها بالأدب، فمن المفترض أن يخلص الصحفى للخبر ويكون هدفه الوحيد تقديم المعلومة دون أن يؤثر على رأى القارئ.
وقالت سمر نور، الصحفية بأخبار اليوم، استفدت من العمل الصحفى خلال كتابة روايتى "محلك سر" رغم أن البطلة ليست صحفية، كما أشارت إلى تجاربها الصحفية فى عدة صحف وتأثير ذلك على نظرتها للحياة ككاتبة.