(افتح قلبك مع د. هبة يس).. دقة بدقة

الأربعاء، 28 مايو 2014 01:05 م
(افتح قلبك مع د. هبة يس).. دقة بدقة هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت (...) إلى افتح قلبك تقول:

أنا زوجة عمرى 29 سنة, وأم لثلاثة أطفال أكبرهم فى السابعة من عمره, تزوجت عن قصة حب طويلة جدا, بدأت عندما كنت لا زلت فى الثانية عشرة من عمرى, أى أن زوجى كان أول رجل فى حياتى بمعنى الكلمة, فكل ما كان يفعله كان بمثابة معنى للرجولة فى نظري, وكل ما كان يتركه أو لا يحبه فهو شىء ممقوت وسئ فى اعتقادى, ودون حتى أن أفكر فى الأسباب.

زوجى يكبرنى ب 8 سنوات, وبالتالى كنت أعتقد دوما أنه على صواب وأن رأيه الأرجح, وأن خبرته فى الحياة أوسع وأكبر, خاصة وأنه ناجح جدا فى عمله, ويضرب به المثل فى الفهم وحسن تقدير الأمور أكثر من غيره فى مجاله, لهذا سلمت له عقلى وقلبى من أول يوم لزواجنا, لا بل حتى قبلها, من أول يوم عرفته فيه, وصرح لى فيه بحبه.. منذ حوالى 17 سنة مضت.

إلا أننى وبعد الزواج اكتشفت شيئا فشيئا أن زوجى ليس بالمثالية التى كنت أعتقدها, بل وأنه غير ناضج وغير حكيم فى بعض نواحى الحياة, من أهمها طريقة تعامله معى ومع أولاده, فهو لا يزال طفلا يفكر فى نفسه وفى أولوياته أكثر من أى شىء آخر, حتى ولو كان ذلك على حسابنا نحن, أو على حساب والديه... ولكنى كنت دائما أنظر إلى نصف الكوب الممتلئ, وأرجح كفة مميزاته, وأبدى حبى له على كل شىء, حتى أنى لم أكن أصدق من كن يحاولون لفت انتباهى إلى بعض مواقف زوجى غير السليمة, وكنت أفسرها على أنها غيرة أحيانا, أو على أنها سوء ظن فى الأحيان الأخرى.

فكنت أحاول تكذيب نفسى عندما أشعر باهتمامه الزائد بإحداهن, وأنكر بكل قوتى كلام إحدى قريباتى عندما تقول لى أنها رأت زوجى مع إحداهن فى مكان عام, فى الوقت الذى كان يقول لى فيه أنه فى عمله, وكنت أحاول دائما أن أمحو من مخيلتى أى تقصير أو خلل من ناحيته, لا أدرى إن كان هذا بدافع حبى له, أو بدافع خوفى على بيتى, أم أن ذلك كله كان من باب السذاجة و"الخيابة".

حتى عندما تعرضت لفتنة شديدة فى فترة ما من حياتى, حملت نفسى كامل المسئولية, ولم انتبه إلى أنه قد يكون ذلك بسببه ولو حتى بشكل جزئى.. ودعينى أحكى لك.

أنا أعمل فى عمل حكومى منذ أن تخرجت, ومع نفس المجموعة تقريبا, لذلك فنحن عشرة سنين _ رجالا ونساء _ وكلنا نعرف بعضنا جيدا أكثر مما يعرفنا أقاربنا الذين لا نراهم إلا كل بضعة سنوات, ولا أستطيع أن أحكى لك كم كنت محظوظة بهذه المجموعة من الصديقات والزملاء, فهم مثال حقيقى للـ(جدعنة) والشهامة, فكم وقفوا بجانبى فى ظروف حملى وولادتى ووفاة والدتى, وغيرهم وغيرهم من الأوقات, كما كنت أفعل أنا مع الكثير منهم طوال الوقت, أشخاص طيبون, محترمون, أعتبرهم ودون مبالغة سند لى فى الدنيا من بعد أسرتى الحقيقية.

كلنا متزوجون ولدينا أولاد, ونعرف أزواج وأولاد بعضنا البعض جيدا, لكثرة المناسبات الاجتماعية التى جمعتنا جميعا كأسر, لهذا فقد كان يسود فى مكتبنا جو جميل من الود والاحترام والتقدير لكل فرد فينا.

إلا أنى ومنذ حوالى سنتين تقريبا بدأت ألاحظ تقرب أحدهم لى بشكل لم أعتده من قبل, تلميحا ثم تصريحا ثم ما هو أكثر, فقد بدأ الأمر بمجرد نظرات وابتسامات أكثر من المعتاد, ثم ببعض الكلمات الرقيقة بين الحين والحين, ثم بعض الهدايا فى المناسبات الخاصة بي, والسؤال فى التليفون عن صحتى إذا كنت متعبة, أو عن صحة والدتى قبل وفاتها, أو حتى عن أولادى ومشاكلهم, حتى فوجئت به يصرح لى ذات يوم بأنه يحبنى وأنه لا يستطيع مقاومة مشاعره أكثر من ذلك.

ذهلت.. فهو متزوج, وأنا أعرف زوجته جيدا, وهى إنسانة لطيفة وجميلة إلى حد كبير, كما أنى متزوجة, وهو يعرف أنى أحب زوجى, وأنى لا أتخيل رجلا غيره فى الدنيا.. فماذا إذا؟ ثم كيف له أن يشعر تجاهى بكل هذه المشاعر فجأة هكذا من عامين فقط, ونحن فى نفس المكتب سويا منذ سنوات طويلة؟.. أليس أمرا غريبا؟!!

استنكرت مشاعره تلك بالطبع, وتجاهلته فى البداية, ثم دفعته بقوة وحدة عندما زاد الأمر, كل هذا وأنا أحمل نفسى الذنب والمسئولية, وألوم نفسى على كل كلمة قلتها له فى يوم من الأيام, حتى وصل الأمر إلى مداه حينما حاول الاقتراب منى بشكل لا يصح أثناء رحلة جماعية نظمها العمل, يومها عدت إلى بيتى منهارة, أنعت نفسى بأبشع وأقذع الصفات, وأنظر إلى زوجى وأطفالى نظرات ألم وحسرة, وكأنى الزوجة الخائنة التى تخفى عنهم سرا عظيما.

اتخذت قرارى وعزمت أمرى وأخذت إجازة لمدة 3 شهور من العمل, كى ابتعد عن هذا الشخص مؤقتا, حتى أصل إلى قرار نهائى بشأنه, وأثناء هذه الشهور الثلاثة لم أكن أرد على إتصالاته , ولم أكن أسمح بأى وسيلة تواصل بيننا نهائيا, حتى يسر الله لى أمرى, وساعدنى فى الانتقال إلى هيئة أخرى تابعة لنفس جهة العمل, ولكن فى مكان آخر.

لن أخبرك حجم الألم الذى أعانيه من افتقاد صديقاتى وصحبتى القديمة, فأنا أشعر بوحدة وغربة فظيعة فى مكانى الجديد, وأشعر بخسارة رهيبة لن تعوض, وكأنى فقدت عزيز أو غالي, ولكنى تصبرت وقويت نفسي, وقبلت بدفع هذا الثمن فى مقابل الحفاظ على نفسى لزوجى ولأولادى ولبيتى كما كنت دوما.. وحمدا لله انتهى الأمر عند هذا الحد من وقتها.

فاذا بى اكتشف من حوالى شهرين فقط أن زوجى العزيز, الرجل الذى صنته فى غيابه كما فى حضوره, تزوج بأخرى كان يعرفها من مدة... منذ متى ؟... منذ سنتين... وعندما تحريت الدقة, اكتشفت أنه تعرف عليها فى نفس الوقت الذى كنت أمر فيه بمحنتى السابقة تلك !!!...
الآن فقط بدأت أفهم لماذا لم يجن جنون زميلى هذا إلا فى ذلك الوقت بالذات بالرغم من أنه يعرفنى من سنين, الآن فقط فهمت لماذا تعرضت أنا لمثل هذه الفتنة رغم أنى من أبعد ما يكون عن النظر للرجال أو حب الاختلاط بهم, الآن فقط فهمت لماذا تجرأ على زميلى إلى هذا الحد بالرغم من أنه شخص محترم وملتزم إلى حد بعيد... لأنه حقا (افعل ما شئت, فكما تدين تدان).

أنا لا أرسل إليكى لتحلى لى مشكلتى, أو لتخففى من صدمتى, أو لتساعدينى على اتخاذ القرار, فقد اتخذت القرار بالفعل وانتهى الأمر, لكنى أرسل إليكى من أجل شىء واحد فقط, من أجل أن أصرخ بعلو صوتى فى وجه كل خائن وكل (بصباص) وكل من لا يتقى الله فى نفسه أو فى أهل بيته... افعل ما يحلو لك, سيرد لك فى أهلك, فى زوجتك, فى بنتك, فى أختك, أقسم لك أنه لن يمر هكذا دون أى خسائر كما تظن, فحتى وإن كنت رجل الرجال فى عين زوجتك _ كما كان زوجى فى عينى _ وحتى وإن كانت زوجتك أعف الناس, وحتى ولو كانت تحبك حتى أخمص قدميها, فلن يمنع كل هذا من أن ترى فيها ما تفعله فى الآخرين من ورائها.

أنا أعرف أن قراء بابك كثير, وأن منهم عدد لا بأس به من الرجال, لهذا أرجو أن تصل رسالتى إليهم جميعا من خلال بابك, لعلى أكون السبب فى إيقاظ ضمير أحدهم.

وإليك أقول:

أشكرك جدا على صراحتك, وعلى شجاعتك, وعلى تفكيرك النبيل فى أن تنفعى غيرك بتجربتك, حتى وإن كانت مريرة ومؤلمة بالنسبة لك, أنا حقا أقدر لك هذا, وأتمنى من كل قلبى أن يعود عليكى هذا بخير لا تتوقعيه أو تتخيليه حتى.

أضم صوتى إلى صوتك, وأؤيد كل كلمة قلتيها, وربما سأضيف قصة صغيرة إلى قصتك, اسمها (حكاية السقا).

يحكى أنه كان هناك تاجرا ورعا تقيا يعمل فى البقالة والعطارة وغيرها من متطلبات المطبخ, وبالتالى فقد كان أغلب زبائنه من النساء, لهذا فقد كان يحرص دوما على غض بصره, وعلى ألا يطيل الحديث, وألا يقول أو يفعل أى شىء يفسر بأى شكل خاطئ, وظل هذا التاجر على هذا الحال سنوات طويلة, حتى اشتهر بذلك, لدرجة أنه فى يوم من الأيام ذهبت إليه سيدة لتشترى منه وهى ترتدى ملابس كاشفة, ثقة منها فى أنه لن ينظر إليها مهما حدث, لكنه نظر, وأعجبه حسنها, ولكنه انتبه إلى نفسه سريعا فغض بصره, وانصرف إلى غيرها محاولا تجاهلها فى أول يوم.

ثم تكرر الموقف فى اليوم التالى, فقد لمحت تلك السيدة نظرة الإعجاب فى عينى التاجر, فأعجبها ذلك, فذهبت إليه فى اليوم الثانى, ونظر إليها ثانية, ولكنه لم يلتفت عنها سريعا هذه المرة, بل أطال النظر, وتمعن فيه.

ثم جاء اليوم الثالث, فالرابع, حتى مر أسبوع, حتى عزم التاجر على ما هو أكثر من النظر هذه المرة, وفكر فى أن يلمسها , وعندما جاءت له مد يده بالفعل نحوها, ولكنه تذكر فى آخر لحظة أنها لا تحل له, وأنها فتنة, وأنه أبدا لم يكن ممن يستبيحون حرمات الآخرين, فابتعد عنها بسرعة, وظل يستغفر ويتوب طوال طريق رجوعه إلى منزله.

وعندما وصل إلى بيته وجد آثار بعض الفخار المكسور على باب بيته, فسأل زوجته عنه عندما دخل, فاذا به تحكى له أنها بدأت تلاحظ شيئا غريبا منذ أسبوع, فقد نظر إليها (السقا) _ الذى يجلب لهم الماء منذ سنوات _ نظرة لم تعتدها منه أبدا من قبل, ولكنها ظنت أنها ربما تكون زلة أو سقطة منه ولم تهتم لشأنه, إلا أنه أعاد الكرة فى اليوم الثانى, ثم الثالث, حتى وصلت به الجرأة إلى أنه حاول لمس يدها وهو يصب لها الماء فى ذلك اليوم, ولكنها سارعت بسحب يدها فسقط إناء الماء الفخارى, وانكسر, لهذا لا زالت هناك بعض القطع المكسورة منه أمام الباب.

فأفاق التاجر فجأة إلى نفسه, واستوعب الدرس جيدا, وضم زوجته إلى صدره قائلا: لا تخافى, لن يتعرض لك السقا أو غيره بسوء بعد اليوم, فلم تفهم الزوجة, وسألته لماذا؟ فأجابها بكلمة حكمة: (دقة بدقة, ولو زدت لزاد السقا).

أعتقد ان الدرس واضح, وإن رسالتك وصلت, ويارب بفايدة.

للتواصل مع د. هبه وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

دوللى

اين الحل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة