
تحت عنوان "نظرة على الإعلام الاجتماعى فى العالم العربى 2014"، أطلق برنامج الحوكمة والابتكار فى كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية بالتعاون مع نادى دبى للصحافة تقريراً بحثياً حول اتجاهات الإعلام الاجتماعى فى المنطقة العربية خلال العام 2013، ممهداً الطريق لفهم التنامى المستمر لدور الإعلام الاجتماعى فى مختلف أوجه حياة المواطن العربى فى العام 2014.
ويعتبر التقرير ثمرة شراكة معرفية بين برنامج الحوكمة والابتكار فى كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية ونادى دبى للصحافة، ويبنى على مجموعة كبيرة من الدراسات التى أجراها البرنامج ضمن سلسلة تقارير الإعلام الاجتماعى العربى لتحليل تأثير وسائل الإعلام الاجتماعى على الأوجه الإعلامية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لسكان البلدان العربية.
ويتزامن صدور التقرير مع انعقاد منتدى الإعلام العربى فى دورته الثالثة عشرة تحت شعار "مستقبل الإعلام يبدأ اليوم"، ويركز فى محاور ثلاثة على واقع الإعلام الاجتماعى فى العالم العربى حتى نهاية العام 2013، وتوجهات استخدام الإعلام الاجتماعى كمصدر للأخبار فى العالم العربى، إضافة إلى أثره على التعليم عربياً.
وقال الدكتور على سباع المرى، الرئيس التنفيذى لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية: "يقدم التقرير معلومات أساسية حول منصات التواصل الاجتماعى فى المنطقة من أجل المساهمة فى صياغة سياسات أفضل، ودعم الحوكمة الرشيدة، وتعزيز الإدماج الاجتماعى فى الدول العربية. وفى عصر يلعب فيه الإعلام دوراً محورياً فى تشكيل مجتمعاتنا العربية، تهدف الدراسات التى يطرحها برنامج الحوكمة والابتكار إلى تحليل الدور الذى يمكن أن تلعبه منصات التواصل الاجتماعى فى تبادل المعارف والابتكار عبر دعم المشاركة بين الحكومات والمواطنين. وتعكس هذه الشراكة أهمية مساهمة البحث العلمى فى صياغة سياسات عامة قائمة على أسس ثابتة، وربط الجانب العلمى بالتطبيق العملى فى عالم يتسم بسرعة التغير وانتقال المعلومة".
وبدورها قالت سعادة منى غانم المرى، رئيس نادى دبى للصحافة ورئيس اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربى:"يرصد هذا التقرير الأبعاد المختلفة لظاهرة انتشار منصات شبكات التواصل الاجتماعى وعلاقتها بالمشهد الإعلامى وما أفرزته من أنماط جديدة فى الاتصال يمكن وصفها بالإعلام الاجتماعى، فى الوقت الذى وضعت وسائل التواصل الاجتماعى الإعلاميين أمام تحد كبير، وألزمتهم بعملية تحديث وتطوير القصد منها مواكبة القدرة المتنامية لدى أفراد المجتمع العاديين على توصيل المعلومة والخبر بامتلاك الأدوات والمنصات اللازمة لذلك."
ويركز التقرير فى المحور الأول على التوزيع الديموغرافى لمنصات التواصل الاجتماعى، ويبين مثلاً، أنه على الرغم من أن مصر احتكرت فى العام 2013 أكبر حصة من مستخدمى موقع فيسبوك فى العالم العربى، إلا أن الإمارات تصدرت بلدان المنطقة على صعيد الانتشار بنسبة 54% من عدد سكانها بواقع 4,4 مليون شخص يمثلون زيادة بمقدار مليون شخص خلال العام 2013.
وقال فادى سالم، مدير برنامج الحوكمة والابتكار فى كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، والكاتب المشارك فى التقرير: "أصبح الاندماج بين منصات التواصل الاجتماعى والإعلام التقليدى واقعاً ملموساً فى العالم العربى اليوم. فقد أظهر التقرير أن عدد مستخدمى الإعلام الاجتماعى فى العالم العربى نهاية العام 2013 قد قارب 71 مليون شخص من بين 135 مليون مستخدم للإنترنت. وتؤكد نتائج سلسلة البحوث التى أجريناها أن الإعلام الاجتماعى بات منافساً قوياً للإعلام التقليدى بالنسبة لملايين العرب. فقد تبين أن ما يقارب 30 فى المئة من العرب المشاركين فى دراساتنا من مختلف أنحاء العالم العربى يعتبرون الإعلام الاجتماعى المصدر الرئيس للأخبار، وهى نسبة مماثلة لمن يعتبرون الإعلام التقليدى مصدرهم الأول للأخبار".
من جانبها، أكدت منى بوسمرة، مدير منتدى الإعلام العربى، ونادى دبى للصحافة، أن التعاون مع كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية فى إطلاق هذا التقرير يأتى فى سياق استراتيجية نادى دبى للصحافة، لمواصلة نهجه فى تقديم معلومات موثوقة تفيد وسائل الإعلام العربية، على غرار تقرير نظرة على الإعلام العربى، الذى قام النادى بإصداره خلال السنوات الماضية، ويعد أكثر التقارير الإعلامية العربية شمولية. وأشارت بوسمرة إلى أن التقرير الذى تم إطلاقه اليوم فى المنتدى، ما هو إلا بداية لسلسلة التقارير التى سيعمل منتدى الإعلام العربى على إطلاقها فى كل دورة، حرصاً على تقديم كل ما هو جديد ومفيد لخدمة الإعلام العربى.
وبالإضافة إلى تحليل التوجهات والاستخدامات ديموغرافياً حول استخدام وسائل الإعلام الاجتماعى فى المنطقة العربية، تناول التقرير تأثير وسائل الإعلام الاجتماعى على التعلم مدى الحياة فى المنطقة. وقد أجرى برنامج الحوكمة والابتكار فى الكلية دراسة استقصائية إقليمية شملت حوالى 4000 مشارك، تم من خلالها رصد التصورات العامة حول جودة التعليم فى المنطقة، واستخدام التكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعى فى الفصول الدراسية عبر مختلف مستويات التعليم، والانقطاع عن التعليم بسبب النزاعات والتوترات السياسية، وكذلك وجهات النظر حول الإصلاح التربوى.
وقالت رشا مرتضى، الباحثة فى برنامج الحوكمة والابتكار فى كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، والكاتبة المشاركة للتقرير: "يعتبر التعليم أحد المجالات التى شهدت اعتماداً واسعاً على وسائل الإعلام الاجتماعى فى ظل وجود عدد كبير من المستخدمين العرب. وقد أصبح الإعلام الاجتماعى مُمكناً رئيسياً للابتكار والتعاون فى مجال التعليم، مما أدى إلى ظهور مفاهيم جديدة مثل "التعلّم الاجتماعى" و"الدورات واسعة الانفتاح عبر الإنترنت"، يساهم فى تمكين المعلمين والطلاب والمؤسسات التعليمية فى الاعتماد على أدوات الإعلام الاجتماعى لخلق أساليب مبتكرة فى التعليم وبناء القدرات، بالإضافة إلى نقل المعرفة فى المنطقة العربية، فقد أبدى مثلاً ما يفوق 75 فى المئة من ذوى الشهادات العليا والخبرة العملية من المشاركين، استعداداً لمشاركة مهاراتهم وخبراتهم مع الطلبة من خلال وسائل الإعلام الاجتماعى".
وقال 10 فى المئة ممن شملهم الاستبيان، إن مدارس أبنائهم تستخدم منصات الإعلام الاجتماعى فى الصف. أما المدرسون فأشاروا إلى استخدام الإعلام الاجتماعى فى الصفوف الدراسية بعدة سبل مبدعة موضحين أهمية الإنترنت والإعلام الاجتماعى فى مساعدتهم على إكمال تدريسهم للمناهج التعليمية، فضلاً عن أهميتها فى تقديم أدوات مفيدة لمشروعات الطلبة وتشجيعهم على المشاركة الفعالة.
وفى ما يخص التكنولوجيا واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعى فى الفصول الدراسية، قال 55 فى المئة من المعلمين الذين شملتهم الدراسة أنهم يستخدمون وسائل الإعلام الاجتماعية كمورد تعليمى. وفى المقابل، أعرب نحو 56 فى المئة من الآباء والأمهات عن قلقهم إزاء ما تسببه وسائل الإعلام الاجتماعى لأطفالهم من إلهاء وتشتيت للانتباه.
وأشار 84 فى المئة من المشاركين فى الاستبيان إلى ضرورة تعاون الحكومات والقطاع الخاص على تعميم الاتصال بالإنترنت فى الفصل الدراسى، فى حين وافقت نسبة أقل من 77 فى المئة على أن استخدام الإعلام الاجتماعى ينبغى أن يدمج فى عمليات إصلاح المناهج.
وخلص هذا القسم من التقرير إلى التأثير الإيجابى للإعلام الاجتماعى فى تقديم إمكانيات التعلم عن بعد وإشراك الطلبة وأولياء الأمور بصورة جماعية، وتخفيض زمن وكلفة العمليات التعليمية. كما أعربت أكثرية كبيرة من المشاركين فى الاستبيان والذين بلغوا مستوى تعليمياً عالياً عن رغبتهم فى استغلال قنوات الإعلام الاجتماعى، لمشاركة معارفهم وخبراتهم ونقلها إلى أفراد آخرين فى المجتمع من خلال الإعلام الاجتماعى، مما يظهر إمكانية أن يتحول الإعلام الاجتماعى إلى قنوات لمبادرات نقل المعارف.
ولم يتفق المجيبون على الاستبيان على فوائد الإعلام الاجتماعى فى التعليم فحسب، بل على ضرورة إدماجه فى الإصلاح التعليمى على مستويين: كأداة تدمج فى التعليم وفى المبادرات التعليمية وكأداة إشراك فى صناعة السياسات التشاركية للقضايا التعليمية.
واعتبرت إمكانية النفاذ الشاملة إلى الإنترنت والتقنية التى تقدمها الحكومة والقطاع الخاص أحد القضايا الرئيسة للإصلاح التعليمى.