66عاما مضت على حرب 48 الحرب التى وصفها العرب بالنكبة.. 66 عاما مضت على قيام "إسرائيل".
تحتفل اسرائيل سنويا بعيدها القومى وقد اتسعت مساحة الأرض التى احتلتها.. ونحتفل نحن "بنكبتنا" القومية التى اتسعت أيضا عاما بعد عام.. 66 عاما شهدت حروب ومذابح وجرائم إبادة ارتكبتها إسرائيل، بعد 66 عاما كيف حالكم ياعرب؟ من هو عدوكم يا عرب؟ للأسف أصبح لكل نظام عربى عدو داخلى، والصراعات الداخلية تستنزف قوة الأنظمة العربية وهى فترة ذهبية لإسرائيل ها هو الدم العربى يسيل بأيد عربية.
وسط أوراق النكبة السوداء يبقى جانب مضئ وهو دور الصحافة المصرية فى كشف الفساد دون خوف من الملك وحاشيته أو من مؤسسة الجيش شن الكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس حملة صحفية - لازلت نموذجا تدرسه الأجيال للصحافة الاستقصائية - بدأها 16 مايو 1950 وجه فيها اتهامات لعدد من المسئولين واتهمهم بالإثراء من وراء صفقات الأسلحة والذخائر الفاسدة.. وكشف سماسرة السلاح الذين تسببوا فى هزيمة الجيش المصرى فى الحرب من أجل فلسطين، وشرح كيف أن القنابل التى استخدمها المصريون كانت تنطلق للخلف لتصيبهم.. وأن الخيانة التى وصلت لشراء الأسلحة من اليهود هى التى أدت للهزيمة.. وكشف بالأسماء عن قيادات اشترت قصورا فى اليونان على حساب دماء الشهداء الذين قتلهم الرصاص المغشوش، وطالب الحكومة بالكشف عن المشتركين فى جريمة الأسلحة الفاسدة.
استطاع إحسان عبد القدوس بهذه الحملة أن يخلق رأيا عاما قويا يطالب بمحاكمة الفاسدين، ما نشره إحسان أحرج البرلمان ودفع عضو بمجلس الشيوخ فريد أبوشادى لجمع مقالات إحسان والتوجه بها إلى وزير الحربية وقتها مصطفى نصرت وقال له سأقدم استجوابا إلى الحكومة وبعد عدة لقاءات مع وزيرى الحربية والداخلية والقائد العام للجيش تم الاتفاق على تحويل ما نشره إحسان للنيابة للتحقيق فيه.
وتم استدعاء إحسان وبدأ التحقيق معه 11 يوليو 1950، واستمر التحقيق 3 أيام قدم خلالها إحسان الوثائق التى تثبت صحة ما كتبه.. وبعد التحقيق انتقل ملف القضية إلى مكتب النائب العام.. الذى أمر باعتقال عدد من المتورطين وشكل لجنة فنية على أعلى مستوى لاختبار ما بقى من الأسلحة وثبت عدم صلاحية الكثير منها.
وتم تقسيم القضية إلى قسمين الأول خاص بالمتهمين فى قضية التعاقد على شراء الأسلحة من الخارج، والقسم الثانى خاص بالتلاعب فى شراء الأسلحة والذخائر من الصحراء الغربية.
وظلت القضية فى المحاكم حتى 17 نوفمبر 1951 وانتهت ببراءة المتهمين، وهى البراءة التى علق عليها إحسان عبد القدوس قائلا: إن العقبات التى وضعت فى طريق القضية أهدرت وأخفت أدلة اتهام.. وأنه بما نشر لم يكن يستهدف أفرادا تاجروا واستوردوا أسلحة وإنما استهدفت نظاما سياسيا أتاح لأفراد استيراد أسلحة فاسدة.
وكانت حملة الأسلحة الفاسدة لإحسان عبد القدوس أحد الأسباب القوية لقيام ثورة يوليو وزوال النظام الملكى.. ما قدمه إحسان نموذجا لصحافة استقصائية بدأت بفرضية "الأسلحة والذخيرة الفاسدة التى استوردها وتاجر فيها كبار مسئولين سبب هزيمة 48" وأكد الفرضية بالوثائق والمستندات.. وترتب على النشر أثر وصل إلى حد الثورة وتغيير النظام.
صحافة "إحسان عبد القدوس" الكاشفة الموثقة التى تهدف للصالح العام هى ما نحتاجه بديلا عن صحافة التخمينات والتسريبات وإطلاق التهم بدون دليل.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد واحمد ابراهيم !!
تحية لنجوى طنطاوى !!......وتحية لروح!!... فارس الرومانسيية !! الرائع/احسان عبد القدوس !!
فوق !!