إبراهيم عبد المجيد

بعيداً عن الزحام المجنون

الجمعة، 04 أبريل 2014 07:31 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذا طبعًا عنوان رواية رائعة للكاتب الإنجليزى توماس هاردى فى أواخر القرن التاسع عشر، والتى حولت زمان إلى أكثر من فيلم سينمائى، رأيت من بينها الفيلم الرائع بطولة جولى كريستى، وتيرانس ستامب، وبيتر فينش، فى ستينيات القرن الماضى، أستعيره هنا لإجازة طيبة خمسة أيام بعيدًا عن القاهرة وعن تويتر والفيس بوك، والرد على تليفونات الصحافة، والإدلاء بالآراء التى شبعنا من الإدلاء بها، ومن الفضائيات التى يبدو أنها فعلًا موجهة إلى الفضاء بعيدًا عن الأرض، أمضيتها فى البحرين، حيث يقام معرض الكتاب السنوى، وحيث مصر ضيفة شرف هذا المعرض. ومن ثم فهذا العام عدد من الأدباء والمفكرين والفنانين يذهبون بالتتابع، شاركت منهم بالحضور الدكتور يحيى الجميل، والدكتور صلاح فضل،

والدكتور شاكر عبدالحميد، والشاعر الكبير سيد حجاب، وفرقة عطية شرارة الموسيقية، وفرق مسرحية أخرى، وطبعًا سبقنا إلى هناك الدكتور أحمد مجاهد، منسق الأمر كله، ودور النشر المصرية المختلفة، وسيلحق بنا آخرون، مثل الشاعر الكبير عبدالمنعم رمضان.

أنشطة المعرض ندوات وأمسيات شعرية وحفلات توقيع مما تعودت عليه فى المعارض العربية، لكن ما يجذبنى دائمًا هو لقاء أصدقائى من الكتاب العرب الذين لا أقابلهم إلا فى مثل هذه المناسبات، وهكذا التقيت مع الشاعر العمانى سيف الرحبى، والروائية اللبنانية نجوى بركات، والشاعر والروائى أمين صالح من البحرين، والشاعر على الشرقاوى

والروائية فوزية رشيج من البحرين، والروائى اللبنانى أحمد الزين، وغيرهم. ومع بعضهم كانت لى سهرات وجلسات طيبة يرتفع فيها الضحك رغم ما حولنا فى العالم العربى من آلام.. الآمال هى التى تجعلنا نواصل حياتنا، حتى لو لم تتحقق!

من المهم جدًا أن أشير إلى الدور الكبير الذى تمارسه وزيرة الثقافة البحرينية السيدة، الشيخة مىّ بنت محمد آل خليفة، فى رعاية الفنون والآداب هناك، وحضورها الذى لم ينقطع عن كل الندوات صغيرة وكبيرة، وحفلات التوقيع صباحًا ومساءً، وعن جائزة الناقد المرحوم محمد البنكى المخصصة للشباب، والتى ذهبت هذا العام للفنان الشاب خالد المحرقى، وعن الظاهرة الأدبية الرائعة التى دشنتها الروائية نجوى بركات تحت عنوان «محترف الرواية»

وفيها يتدرب المشتركون الموهوبون من العالم العربى على كتابة الرواية، وكيف انطلق هذا العام بتدشين سبع روايات نشرتها دار الآداب لسبعة كتّاب شباب، سأتحدث عنهم فيما بعد، ودشنت الحفل السيدة الوزيرة فى مظهر ثقافى أروع من الروعة.. سبع روايات جميلة يا عزيزى فى يوم واحد!

وطبعًا لن أتحدث عن المكان، فكل مكان فى الخليج أكثر تنسيقًا ونظامًا مما هو لدينا، ساعد على ذلك اتساعه قياسًا بعدد السكان، وانفتاحه على التطور فى البناء بما يناسب المكان، ومن ثم لا تجد أى مظهر من العشوائيات التى أحاطت بمدننا وزحفت عليها، وغير ذلك مما جرى فى مصر جراء التعاون المقيت بين الأجهزة المحلية والمقاولين الجهلاء، مما لا أحب العودة إليه الآن، وأود لو ظللت هناك بعض الوقت حتى تنتهى من قراءة هذا المقال لكن للأسف لا يمكن!

حين أسافر إلى هذه المناسبات أو غيرها، أقرر أن أنسى ما تركته حولى، وأملأ روحى مما سأراه أمامى حتى أعود.. أعتبر رحلتى راحة لا أكثر، وأعود إلى ما أقوله بلا فائدة من أى شىء، فما أكثر ما كتبت عن رحلاتى إلى الخارج، وكثيرًا ما أثرت أسئلة من نوع هؤلاء المسؤولين الذين يذهبون إلى أوروبا لماذا لا يعودون منها بأى أثر، أوله شكل الطرق ونظامها، وشكل المبانى، وآخره احترام البشر، واعتبرت- وهذه هى الحقيقة- أنهم يذهبون ينعمون بالسفر ويتفسحون ويعودون سعداء يمارسون هوايتهم بأن هذا الشعب يحمد ربنا أننا حكامه.

ورغم رغبتى فى الراحة النفسية التى ذهبت بها، وجدت نفسى أتابع بعد منتصف الليل فى غرفتى بالفندق ما يجرى فى مصر، وفى الصباح ونحن نتناول فطورنا لا نستطيع أن نبتعد عن الحديث- ولو قليلًا- عما جرى ويجرى فى البلاد، والذى هو الآن فى ثلاثة طرق، أولها وأهمها هو المعركة مع الإرهاب، والتى لا يختلف على أهميتها أحد، وثانيها هو هذه المظاهرات الطلابية التى لا نستطيع أن نقول إنها كلها مظاهرات إخوانية، بل إن الصراحة تقتضى القول إن مساحة المتظاهرين المعترضين من غير الإخوان المسلمين تزداد يومًا بعد يوم، وأكبر أسبابها - للأسف - هو قانون التظاهر الذى ساوى بين الجميع

الإرهابيين والسلميين - فى المواجهة، بسب عدم حصول المظاهرات على تصريح، لقد كنت وما زلت من الذين رأوا فى القانون خطأ، إذ يحتم الموافقة بعد الإخطار، وكذلك التقدم بإخطار تفصيلى عن سبب المظاهرة، والقائمين بها، وأسمائهم وأعدادهم، وكذلك الشعارات التى سيرفعونها، ونحن نعرف أن الشعارات كثير منها يأتى بالصدفة فى الطريق وفقًا لحال المتظاهرين، ومن ثم كان القانون ومايزال مانعًا منعًا باتًا للمظاهرات مهما بدا من شكله، ومهما قيل إنهم فى الخارج يفعلون ذلك، ففى الخارج يكتفى بالإخطار.

كنت ومازلت أرى فى القانون إعادة لوضع وزارة الداخلية فى مواجهة مع الناس، بينما هى وضعها حماية الشعب كله. ولو كان هذا القانون قد جاء كما يجب، لما كنا سنعدم خروجًا للعنف حقًا فى بعض المظاهرات يمكن مواجهته بالقوانين العادية، لكن شيئًا فشيئًا كان سيظهر بين المتظاهرين من يتبرأ من هذا العنف، ويستمر فى السلم الذى رفعت شعاره ثورة يناير ولا تزال، لكن الآن هناك تسوية للسلم مع الإرهاب، فالخروج للشوارع يعنى الحبس دون تفرقة، وربما يجد السلميون أنفسهم فى موضع الاتهام بالانتماء للإرهاب..

أفقدنا القانون التمييز بين الإرهاب والسلم فى الشوارع، ولم يساهم فى تراجع الكثيرين، بل زادوا بحكم القبض على زملائهم بهذا القانون وأبنائهم وأخواتهم، وصار السلميون وغير السلميين سواء.. كيف يمكن الرجوع عن هذا القانون الآن؟ لا أظن أنه سيحدث، خاصة أن معركة الرئاسة بدأت، والأفضل لمن يحكم الآن راحة الدماغ، وترك الأمر للرئيس القادم، وهذا ينقلنا إلى الطريق الثالث الذى شغلنا فى أحاديثنا القصيرة، وهو الرئيس القادم..

تمضى المسألة الآن بصخب على مواقع الفضاء الافتراضى أكثر من غيره، لكنها رغم كل ذلك ستمضى وتنتهى، وهكذا، فهذه المعركة التى تبدو هى الأهم ستكون تكلفتها من ضحايا وفوضى أقل مما أحدثه قانون التظاهر، لذلك والحمد لله أكتفى منها بالفرجة والانتظار!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة