(افتح قلبك مع د. هبة يس).. "لوى ذراع"

الأربعاء، 30 أبريل 2014 01:15 م
(افتح قلبك مع د. هبة يس).. "لوى ذراع" د. هبة يسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت "هاء" إلى افتح قلبك تقول:

أنا سيدة عمرى 48 سنة، تعليمى متوسط، تزوجت منذ أن كان عمرى 18 سنة تقريبا، وأنجبت ولدين وبنتا، زوجى أيضا تعليم متوسط، ولكنه رجل مكافح وعصامى، استطاع بتوفيق الله أن يصبح صاحب مصنع للموبيليا بعد أن كان موظف حسابات بسيطا فى بداية زواجنا.

أرسل إليك بخصوص ابنى الأكبر، عمره 26 سنة، لكنه لا زال فى السنة النهائية فى إحدى الكليات النظرية، هو غير مهتم بالتعليم وبإتمام دراسته الجامعية، لأنه يعمل منذ صغره مع والده فى المصنع، حتى أصبح ذراعه اليمنى كما يقال، وأصبح والده يعتمد عليه فى جزء كبير من عمله، خاصة ذلك الذى يتطلب السفر والتعامل مع الأجانب.

قضى أولادى جزءا كبيرا من عمرهم فى المنطقة الشعبية التى تزوجنا فيها أنا وأبوهم، حتى فتح الله علينا واستطعنا الانتقال إلى منطقة راقية تتناسب مع وضعنا المالى الجديد، كان ابنى الكبير وقتها فى المرحلة الإعدادية، غيرنا مدرسته بالطبع، واشتركنا له فى نادٍ محترم، وانتقلنا إلى مجتمع مختلف كثيرا عما سبق، لكن ابنى غير اجتماعى بطبعه، ولا يهتم بإقامة علاقات مع الآخرين، خاصة مع الجنس الآخر، لهذا فقد ظل بلا أصدقاء أو معارف من مجتمعنا الجديد لفترة طويلة من حياته، وعندما فكرت أن أخطب له وعرضت عليه أكثر من فتاة رفضهن جميعا، بحجة أنه لا يفكر فى الارتباط حاليا.

لكن الكارثة الكبرى أنى اكتشفت أنه مرتبط بالفعل، أو شبه مرتبط، فبعد ضغط وإلحاح منى اعترف لى أنه تعرف على فتاة منذ 3 سنوات، ووعدها بالزواج، بل دخل بيتهم وفاتح أمها أيضا، على أن يتمم الأمر بشكل رسمى فور حصوله على شهادته الجامعية.

عندما قال لى ذلك صدمت، وغضبت، وفكرت.. أى فتاة تلك وأى أهل هؤلاء الذين يقبلون بالانتظار لمدة 3 سنوات هكذا دون أى اتفاق رسمى؟، وكيف سمحوا لابنى أن يدخل ويخرج من بيتهم طوال هذه المدة؟.. شعرت بأن هناك شيئا ما خطأ، وبالفعل تأكدت.

"الهانم" التى يحبها ابنى سيدة فى الـ32 من عمرها، مطلقة ولها بنت عمرها 10 سنوات، طلبت الطلاق من زوجها بعد أن دخل السجن فى جريمة سرقة، وهى تعيش مع أمها وأخيها فى منطقة تحت الشعبية بكثير، فى بيت "تحت السلم"، والأدهى والأمر من ذلك.. أتعرفين ماذا تعمل هذه السيدة؟.. بياعة فى محل فاكهة وخضار فى السوق.

طبعا يا دكتورة أنت متصورة حجم صدمتى، لم أصدق فى البداية أنها تلك التى يريد ابنى أن تحمل اسمه، وأن تكون أما لأولاده فى المستقبل، حاولت أن أكذب عينى عندما رأيتها تقف بعباءة سوداء، وسط السوق تبيع وتشترى، لم أستطع تخيل نفسى وأنا أقدمها للناس على أنها زوجة ابنى فى يوم من الأيام.

أقسم بالله، إنى لا أتكبر على أحد، ولم أنس أبدا أن بدايتنا نحن أيضا كانت بسيطة، لكن لك أن تعرفى يا دكتورة أن بنتى وابنى الآخرين فى كليات طب وصيدلة جامعات خاصة، وأنهم سيصبحون شيئا محترما فى غضون شهور أو سنوات قليلة، كيف سيصبح حالهم بعد هذه الزيجة؟.. من سيتزوج ابنتى ولها زوجة أخ بهذا المنظر وبهذه الظروف؟.. كيف سأدخلها بيتى وتعيش معنا بعد ما رأيت وعرفت عنها وعن مكان وظروف معيشتها؟.

ناهيك عن إحساسى القاتل بأنها ضحكت على ابنى، فهو شاب خام جدا، لم يحب ولم يعرف فتاة طوال حياته، بينما هى مطلقة ومجربة، وتعرف من أين تؤكل الكتف، كيف له أن ينظر إلى مثلها إلا إذا قامت هى بالتخطيط لإيقاعه والرسم عليه؟.. صحيح أنها جميلة شكلا، لكن ابنى لم يكن من النوع الذى يلتفت إلى الجميلات يوما ما، حتى فى مراهقته، لم يكن أبدا ممن يتعلقون بالبنات ويلفتن انتباهه.

فاتحت ابنى فى الموضوع، وواجهته بكل ما عرفت، فلم يرد علىّ سوى بأنها ليس لها ذنب فى أنها تزوجت من شخص اتضح لها فيما بعد أنه "حرامى"، وليس لها ذنب أيضا فى أنها ولدت لتجد نفسها فى عائلة بسيطة وفقيرة، وبالطبع ذكرنى بأننا كنا فقراء وبسطاء فى الأصل، وأننا عشنا فترة كبيرة من حياتنا فى مكان مشابه لما تعيش فيه هذه السيدة الآن.

ثم قال لى: "إنها ليست "بياعة" فى محل، وإنما هى "تاجرة" والمحل ملكها، اشترته منذ سنة تقريبا، وأنها تخطط للانتقال للعيش فى شقتها الجديدة، والتى هى فى منطقة نائية جدا، بعد أن تنهى تشطيبها، وأنهما رتبا لأن يعيشا فيها سويا بعد الزواج، على أن تظل ابنتها مع جدتها فى بيتهم القديم، بحيث تزورها مرة أو مرتين فى الأسبوع فقط.

صرخت فى وجهه بكل قوتى، قلت له يستحيل أن أوافق على مثل هذا "المقلب" الذى سيدخل نفسه فيه، وهددته بأنى سأخبر والده الذى لا يمكن أن يقبل بهذا أيضا، لكنه واجهنى بكل قوة وقال لى: "إنها أول وآخر حب فى حياته، وإنه لن يتخلى عنها مهما حدث، وإنه لن يتزوج مطلقا لو لم يتزوجها، ظللت أصرخ أصرخ يومها، حتى أفقت على أن نصف وجهى لم أعد أشعر به، وجاء تشخيص الطبيب أنه شلل مؤقت فى عضلات الوجه نتج عن انفعال زائد، وطلب منى ألا يتكرر هذا الموقف، وإلا سأدخل فى مشاكل لا أحد يعرف منتهاها.

بعدما هدأت أخذت أفكر فيما قاله ابنى، من أين لمثل هذه البنت بثمن محل وشقة؟.. حتى لو كانا متواضعين وبأسعار قليلة نسبيا؟.. شككت فى الأمر، وظللت أبحث وراءه حتى عرفت أن ابنى أنا هو من دفع لها هذه المبالغ، ومن أين؟.. لن تصدقى.. من مال أبيه الذى يأتمنه على كل صغيرة وكبيرة فى المصنع.

صدمت صدمة عمرى عندما عرفت أن السرقة التى تعرض لها مخزننا فى العام الماضى كانت من ترتيب ابنى، بالتعاون مع حارس المخزن، وعندما عرفت أن بعض العمولات التى كان يطلبها لبعض الأشخاص لم تكن لأحد سوى "حبيبة القلب" أكثر من 150 ألف جنيه سرقها ابنى من أبيه من أجل عيونها!.. وبهذا اكتملت المصيبة، فهو ليس مسحورا أو مضحوكا عليه فقط، بل "حرامى" أيضا وخائن للأمانة.

صارحت أباه بكل شىء، فطرده من البيت بعد معركة كبيرة سمع بها كل الجيران، ولم نعرف عن ابننا شيئا لمدة 3 أيام، حتى عاد من نفسه إلى البيت بعد أن نفذ ما معه من مال، وبعد أن أفرغ سيارته من البنزين، وبعد أن أصبح شبحا من قلة الأكل والنوم.

أعرف أن المشكلة عويصة، لكنى عندما قرأت رسالة الأسبوع الماضى "عايز حقى" تشجعت على إرسال مشكلتى لك، لا لشىء إلا لأوضح لك وللناس الوجه الآخر من المشكلة، فصاحب الرسالة السابقة كان يشكو من تعسف أهله معه ورفضهم لزواجه بمن يحب، والتى هى بنفس ظروف تلك التى يريد ابنى الزواج منها تقريبا، وها أنا أرسل لك لأوضح لك كم نشعر -نحن الأهل- بالقهر والضغط وقلة الحيلة فى مثل هذا الموقف، فنحن نشعر بأنه يتم "لوى ذراعنا"، إما نوافق تلك السيدة على لعبتها وتخطيطها، أو أن نخسر ابننا إلى ما لا نهاية.

وإليك أقول:

كان الله فى عونك يا سيدتى، فكم الصدمات التى تلقيتها ليس بالهين إطلاقا، وأخص بالذكر خبر اكتشافك لسرقة ابنك لأبيه، فهذه طامة كبرى حقا.

فكرت فى رسالتك كثيرا، وحاولت شحذ ذهنى لعلى أصل إلى أى طريقة لمساعدتك، فتوصلت إلى حقيقة قاطعة بالرغم من أنها مؤلمة، وهى أن ابنك لن يترك هذه السيدة فعلا، فلا شك أنها سيطرت عليه بشكل غير قابل للتغيير، لدرجة جعلته لا يجد حرجا فى أن يسرق من أجلها، ويسرق من؟.. أباه!.. فهل يمكن أن يتبقى لدينا أى شك فى سيطرة هذه السيدة على ابنك بعد ذلك؟.

بعيدا عن كونها سيئة أو حسنة النية، وبصرف النظر عن كونها مظلومة فى زواجها الأول أو لا، وبدون أن نفكر فى مستواها الاجتماعى والمالى والأخلاقى، فأنا وأنت على يقين من أن هذه العلاقة حتى إن تمت فستكون قصيرة العمر، فلن تصمد طويلا بعد أن يكتشف ابنك حقيقة الوضع الذى وضع نفسه فيه، بعد أن يخفى أثر الحب، وتذهب نشوة العواطف، لكن السؤال هنا هو كيف لنا أن نعجل بهذه النهاية قبل أن تصبح العواقب وخيمة وأكثر تعقيدا؟.. الإجابة هى أن نجعلها هى تتركه بنفسها، لا أن ننتظر أن يفيق هو ويتركها، فربما لن يحدث ذلك قبل وقت طويل من الآن.

سأقترح عليك اقتراحا ربما لن تتقبليه فى البداية كأم تخاف على ابنها وتتمنى له حياة جيدة ومستقرة، لكن فكرى معى قليلا.. ما الذى جعل هذه السيدة تهتم بابنك بالذات دون غيره؟.. شبابه.. صغر سنه.. قلة خبرته، لكن أكثر ما أغواها هو وضعه المادى أولا وأخيرا، ابن صاحب مصنع، لديه ما لديه من دخل كبير وسيارة وربما شقة وغيره من الإمكانيات الصعب توافرها مع شاب فى مثل سنه، أليس كذلك؟.. لكن ترى ماذا سيكون رد فعل هذه السيدة إذا عرفت أنه لم يعد هناك أى من هذا؟.. ماذا لو عرفت أن ابنك لم يعد يعمل مع والده، وبالتالى فهو بلا دخل ولا وظيفة، كما أنه لم يُنهِ دراسته الجامعية بعد، وبالتالى فهو لن يحصل على أى وظيفة مماثلة نهائيا، هذا إن حصل على وظيفة من الأصل.

ماذا ستفعل عندما تعرف أنه أصبح بلا مال، بلا سيارة، بلا إمكانيات، بلا أى شىء؟.. هل تعتقدين أنها ستظل تظهر له حبها واهتمامها؟.. وكم من الوقت ستستطيع تحمله فيه وهو بهذا الوضع؟.. وكيف سيعيشان معا هكذا؟.. هل ستتزوجه وتنفق عليه هى؟.. بكل تأكيد سيظهر له وجهها القبيح سريعا، فهى تريده ليرفعها معه، لا لأن تبقى كما هى، وتتحمل مسئوليته وعبئه هو أيضا.

كما أنه من الواضح أن ابنك لن يتحمل الحياة القاسية طويلا، فقد سبق له أن عاد إليكم بعد بضعة أيام من طردكم له، عندما أصبح خاويا بلا مال ولا مأوى، فماذا لو أدرك أنه مطلوب منه أن يعتمد على نفسه تماما، وأن يبدأ معها من الصفر وحدهما، هذا لو اعتبرنا أن الشقة والمحل اللذين اشتراهما لها ابنك هما الصفر، كيف تعتقدين له أن يتصرف؟.

سيدتى، أعرف أن هذا الحل قاس جدا، وأنه من الصعب على أى أم أن تترك ابنها فى الشارع وفى أدراج الرياح، لهذا دعى هذا ليكون نهاية المطاف، بعد أن تفشل كل حيلك معه، سواء بالإقناع أو بإدخال أحد الوسطاء، أو حتى بإشراك أحد من إخوته أو أصدقائه فى الأمر، لكنى وللأمانة أكاد أجزم لك أن شيئا من هذا لن يجدى نفعا، فهو يراكم تتدخلون فى حياته وحرية اختياره وحقه فى الحياة، لهذا سيقاومكم بشدة، وسيقابل كل كلامكم بالرفض التام، لكن دعينا نجرب كل الطرق الممكنة قبل أن نأخذ أى إجراءات قاسية.

طلبى الأخير منك هو ألا تتوقفى عن دعاء الله لابنك بالهداية وبصلاح الحال، حتى إن كان على عكس رغبتك، اطلبى العون منه فلا معين إلا هو.

للتواصل مع د. هبه وافتح قلبك: h.yasien@youm7.com





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة