
على الرغم من مرور قرابة 41 عاما على تحرير تراب سيناء يوم 6 أكتوبر ومرور 32 عاما على رفع العلم المصرى على مدينة رفح فى 25 أبريل 1982 إلا أن سيناء ما تزال كما هى قطعة من القمر مهملة بشكل كبير.
فشبه الجزيرة التى يعانى شمالها أكثر كثيرا من جنوبها لا تزال تنتظر نصيبها من التنمية الذى تأخر كثيرا رغم أنها تحتوى على كثير من الكنوز.

ومشروع تنمية سيناء الذى كان مخططا له توطين 3 ملايين مواطن وإنشاء عشرات المصانع وتوسع زراعى كبير على ترعة السلام لابد أن يخرج من إطار الحلم إلى إطار الواقع ولابد للحكومة والرئيس القادم أن يتوجه إلى سيناء لاستخراج كنوزها وانتشالها من الإهمال الذى عانت منه لسنوات، وولد التطرف والإرهاب الذى زحف إلى المحافظات المجاورة.

أهالى سيناء انفسهم باتت لديهم قناعة أن حلم الاستقرار والتنمية لن يتحقق وهو ربما أقرب إلى الكابوس منه إلى الحلم لا يرون إلا احتفالات إعلامية بعيد تحرير سيناء وهو ما يذكرنى بمواسم هجرة الطيور من أوروبا إلى محمية الزرانيق، تصل الطيور إلى سيناء لعدة أشهر ثم ترحل كما جاءت، إنها تماما مثل مواسم الاحتفالات تلك التى حولت سيناء إلى فتاة بدوية جميلة بزيها التقليدى وشيخ بدوى يجلس قرب "بكرج" القهوة العربى.. وتمر الأيام.. يتم افتتاح عدة مشروعات خدمية، ويقوم عدد من الوزراء بالمشاركة فيها، فيما تقتصر مظاهر الاحتفال الأخرى على حفل فنى وعزف الموسيقات ابتهاجا بالذكرى، وسرعان ما تنتهى وتعود الطيور إلى وكناتها وأعشاشها فى أوروبا ووطنها، وتعود سيناء إلى أهلها يعانون من ضعف التنمية الحقيقة التى تمسهم وفشل الحكومة فى تفعليها وفى استكمال المشروعات التى وعدت بها كالعادة وينزوى الإعلام عنها مجددا إلا من أخبار القتل والدمار والإرهاب.

فسيناء لم تشهد مثلا مشروعا عملاقا يؤدى إلى استقرار وتنمية، والقضاء على مشكلات الشباب.. حتى الوسط ما زال يفتقد مثل هذه التنمية، وبالتالى تظل المشكلات قائمة والشباب يبحث عن وسيلة لكسب الرزق إما بالتهريب أو الاتجار بالمخدرات والأسلحة أو تهريب الأفارقة والأجانب إلى إسرائيل أو العمل فى التهريب إلى قطاع غزة وغيرها من الظواهر التى حولت سيناء إلى مغارة حاضنة للخراب فقط.

آن الأوان أن ترى حكومة المهندس إبراهيم محلب سيناء التى يراها أهلها بأعينهم الحقيقية، أن ترى مقترحات أبنائها للتنمية والتى تتمثل فى إنشاء مجتمعات عمرانية بالوسط واستغلال المياه الجوفية فى الزراعة وتوصيل ترعة السلام لمنطقة السر والقوارير، وتركز على علاج المشكلات المجتمعية والقضاء على البطالة والتوسع فى الاستزراع السمكى، والاستفادة من مياه السيول وإنشاء مصانع أخرى، حيث لا يوجد إلا مصنعين للدكتور حسن راتب لإنتاج الأسمنت وآخر للقوات المسلحة.. إذن أين التنمية فى سيناء؟ أين الوسط الفارغ؟ لا يسمع بليله إلا صوت الجرذان وبعض الحيوانات البرية تخترق ظلام الليل وتمحو السكون وتسامر البدوى القابع أمام منزله أو عشته البدوية.

وما زالت سيناء فى الذكرى الـ32 بتحريرها غير مرتبطة بالوادى حتى كوبرى السلام فوق قناة السويس بمدينتى القنطرة شرق وغرب بالإسماعيلية، أصبح رمزا لمعاناة سيناء بعد إغلاقه تماما لدواع أمنية وبالتالى العبور من قناة السويس بات مستحيلا وبات وسيلة تعذيب وليس تقريب الكوبرى الذى تكلف 680 مليونا بات مجرد جسر خرسانى فوق القناة لا قيمة له.
وتنتظر سيناء تحرير جوع الأرض واستخراج كنوزها التى تصدر بالقروش إلى أوروبا ومنها إلى إسرائيل.

إننى أدعو جميع الجهات أن تكلف الحكومة بالإسراع فى التنمية العرجاء فى المحافظة ابتداءً من بئر العبد إلى رفح إلى نخل والحسنة مرورا بالشيخ زويد والعريش، إن التنمية السياحية بسيناء شبه متوقفة رغم وجود 220 كيلو على مياه البحر المتوسط، وكما هو حال السياحة حال بقية المجالات.
منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير شهدت المحافظة حالة كبيرة من الانفلات الأمنى ما دفع القوات المسلحة إلى خوض معركة شرسة لا هوادة فيها ضد الإرهاب حتى الآن خلفت مئات القتلى والمصابين فى صفوف الإرهابيين وعشرات الشهداء فى صفوف الجيش والشرطة وبات الطريق الدولى القنطرة شرق بئر العبد العريش الشيخ زويد رفح عبارة عن وحدات أمنية أغلقته وتغلقه لعدة ساعات يوميا بالإضافة إلى قطع الاتصالات لمنع الإرهابيين من تفجير قنابل عن بعد والمحصلة معاناة للأهالى والعابرين والتجار عمق منها إغلاق كوبرى السلام فوق قناة السويس ولجوء العابرين للعبور من المعديات التى لا تستوعب السيارات العابرة بالتالى يحتاج الفرد لأكثر من 4 أو 5 ساعات للعبور فقط خلال السفر من سيناء للمحافظات المجاورة
مشهد السيدات اللائى يبعن الخضروات والفاكهة فى ميدان الشيح زويد وقرب معبر رفح انتهت إلى غير رجعه بعد أن بات الميدان هدفا للقتل والإصابة والانفلات،
وحتى الزراعات المتواجدة على جانبى الطريق الدولى لم تسلم من التجريف وزراعات كثيرة باتت الضرورة ملحة لتعويض أصحابها بشكل مناسب، من أجل الشعور بإنفاق 3 ملايين دولار تعويضات يحقق مكاسب أكثر ولا يعد مبلغا كبيرا فى ظل ما تتعرض له الآليات العسكرية لبعض العمليات الإرهابية.

أهالى سيناء، وبحسب ما يؤكده الناشط السياسى مصطفى سنجر الذين يرون أن الدولة بتحركاتها الأمنية بدأت الخطوات الصحيحة لتطهير سيناء، لا يزال لديهم الأمل فى أنه سيعقب الحرب على الإرهاب حرب، فبداية من عصر مبارك مرورا بفترة المجلس العسكرى إلى حقبة محمد مرسى وحتى اللحظة، لا تزال الحكومات تنظر للمكان وعينها على الاعتبارات الجغرافية الملاصقة للحدود مع الكيان الصهيونى وقطاع غزة، فيما توجه الوعود تلو الوعود للبشر دون أن يتحقق أى منها، ويتوالى إنشاء الأجهزة المختصة بتعمير أو تنمية سيناء، دون أن ترى المشروعات العملاقة النور، وباتت جملة "أهل سيناء يعاقبون بسبب الجغرافيا" أقرب للواقعية الحكومية، بينما الأصح أن توجه الدولة الاهتمام للبشر كضمانة أبدية للأمن القومى المصرى، والعامل الأساس نحو استعادة استقرار المكان يتطلب النجاح فى إعادة البشر إلى الحياة بتوفير الخدمات الرئيسية والاستماع إلى رغبات وأحلام الشباب الذين يشكلون عماد التكوين البشرى فى سيناء حاليا".

ولم يتبق إلا مشروع "الـ7 مصانع" وهو مشروع أعدته محافظة شمال سيناء بواسطة خبراء مركز معلومات ديوان عام محافظة شمال سيناء لتدشين 7 مصانع متكاملة تعتمد على إمكانيات المحافظة من الخامات التعدينية والطبيعية.
وأشارت الدراسة التى تضمنتها أوراق المشروع إلى أنه يتوافر بشمال سيناء العديد من الثروات المعدنية حيث يبلغ عدد الخامات المعدنية 13 نوعا باحتياطيات كبيرة، وهى على النحو التالى: الرخـام - وأحجار الزينــة - والحجر الجيرى - والطفلــة - والجبــس - والرمال الصفراء - والمـــارل – والكبريت - والفحم الحجرى – والدولوميت - والتربــة الزلطيــة - والرمال البيضــاء - والرمـال الســوداء - وكلوريد الصوديوم (ملح الطعام)، ويتم استغلال هذه الخامات من خلال (113) محجرا مرخصا بالإضافة إلى وجود 6 ملاحات تقوم بإنتاج سنوى لخام الملح بما يعادل نحو (1.3) مليون طن، ويتوافر بالمحافظة 3 مناطق صناعية تتميز كل منها بمميزات نسبية مختلفة عن الأخرى (منطقة الصناعات الثقيلة بوسط سيناء - منطقة الصناعات المتوسطة ببئر العبد – منطقة الصناعات الحرفية بالمساعيد بمدينة العريش).

أما عن أهداف المشروع فهى التخفيف من حدة البطالة بتوفير 1200 فرصة عمل دائمة، والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية بالمحافظة، وتعظيم العائد من الخامات المحلية بتصديرها مصنعة، وتوفير مصادر دخل مستقرة للمواطنين، وتوطين الصناعة فى مناطق متخصصة للحفاظ على البيئة المحلية خالية من التلوث، ومدة المشروع 3 سنوات، بميزانية مقترحة 750 مليون جنيه.
وعن أهم الأنشطة المقترحة للمشروع فهى إنشاء مصنع للعوازل الكهربائية، ومصنع للطوب الرملى، ومصنع للزجاج المسطح، ومصنع لتقطيع ونشر وجلى وتجهيز الرخام، ومصنع لإنتاج بلوكات الرخام، ومصنع لتكسير وطحن الحجر الجيرى، واستخلاص وتجهيز الرمال السوداء.
والعائد المنتظر حال إقامة هذه المشروعات يتمثل فى تحسين المستوى المعيشى للمجتمع البدوى، وتوفير فرص عمل مؤقتة أثناء تنفيذ المشروع وعمالة دائمة للتشغيل والصيانة، وارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المحلى فى قطاعات إضافية، وتلبية احتياجات المجتمع المحلى من المنتجات بسعر مناسب، وفتح آفاق جديدة لتنمية الصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر والعمل الحر.
