تقول نظرية الحسن بن الهيثم: إن الأجسام لابد أن يسقط عليها ضوء حتى تظهر ويمكن رؤيتها.. هل أيضا الأفكار تحتاج إلى هذا الضوء حتى تظهر!؟
ربما يكون بعد أن ساد الظلام مجتمعنا، فبعض الأشياء لا نراها ولكن، ربما يكسبنا هذا الظلام بعض الأفكار تنير لنا الطريق كما يقول المثل الصينى (لا تلعن الظلام ولكن أوقد شمعة)، وبما أنى مكنتش لاقى شمعة، فنورت كشاف الموبايل، وانتظر فكرة.. أنتظر ... أنتظر ... ومازلت أنتظر ... حتى جاءت لى فكرة بالكتابة.
الظلام الدامس يجعلك ترى أشياء تبعد عنك بمترات وربما بأميال وأحياناً يعبر بك بلاد وقارات، ولكن الظلام جعلنى أستكشف أحداثا عبر الزمن، وهذا ما لم أكن أتخيله، فى زمن ماض عاش الفراعنة عصورا ذهبية قاموا فيها بإنشاء وتشييد حضارة لم يتوصل لمثلها الناس حتى بعد 70 قرنا من انتهاء عصر الفراعنة، فكانت لهم أساليب فى الزراعة والصناعة والطب والفن والبناء والزخرفة فريدة من نوعه، قاموا ببناء دولة قوية بموارد طبيعية، ولكن بطموح وإصرار وعزيمة وفكر بشرى، لكن هل سأل أحد نفسه ذات يوم إن كان هناك كهرباء وإنارة كهربية فى عصر الفراعنة؟
لا أظن ذلك فربما كانت هناك إنارة بعقولهم تنير ما حولهم، فكان نور عقولهم يسقط على الأجسام أو الأشياء، فيرونها ويقومون بتسخيرها لاستخدامهم ولحياتهم بل وحياة من بعدهم أيضاَ، كانوا يظنون بأنهم خالدون.. وأصبحوا كذلك، ليسوا خالدين بأجسادهم ولكن خالدون بأفكارهم وأعمالهم، ظل الفراعنة يشيدون ويقومون ببناء حضارتهم على مدار سنين طويلة، دون استخدام الكهرباء، فكم قائد خرج منهم؟ وكم عالم؟ وكم كاتب؟ وكم مهندس؟ وكم معلم؟
عاش الاجتهاد بداخلهم فتولد المجد أمامهم، وأمام من سلفهم، ولم يقوموا بنسب أى فشل لأى عنصر أيا كان خارجيا أم داخليا، ومهما كان بإرادتهم أم خارج عنها، كان الفشل بالنسبة لهم وسيلة للنجاح، فأصبح فشلهم حبة عدس فى حقول أرز ليس لها نهاية، هؤلاء من يطلق عليهم أصحاب النجاح الذاتى دون الحاجة للآخرين، أبهروا التاريخ، ولم تكفهم إشادة ولا كتابة من شاهد أو قرأ عن أمجادهم.
أكيد العصر غير العصر، وأكيد مفيش فراعنة دلوقتى، وأعلم أيضاً أن الطاقة الكهربائية سبب من أسباب الحياة فى عصرنا، ولكن الفراعنة صنعوا هذا المجد فى الظلام.. فماذا فعلنا نحن فى النور؟!
وهنا فصل الموبايل شحنا ومازالت الكهرباء منقطعة، لذلك سأتوقف عن الكتابة لأننى عدت لعصرنا الحالى، وتركت زمن الفراعنة قبل أن يعود الظلام.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة