حادث مفاجئ، ينتج عنه بتر لأحد الأطراف فيغير حياة كثيرين إلى الأبد، بعضهم إلى الأسوأ، وبعضهم إلى الأفضل إذا نجحوا فى تخطى الأزمة وتعاملوا معها بشكل صحيح، ولكن قليلين من ينجحوا فى تخطى الأزمة وجعلها نقطة تحول فى حياتهم وحياة الآخرين كذلك، تتسع رؤيتهم لتدرك الحكمة فى اختيارهم ليعيشوا ظروفًا غير تقليدية يؤدون من خلالها دورًا غير تقليديًا فى حياة الآخرين.
"شريف شاهين" مهندس البرمجيات والإلكترونيات الشاب بالمنصورة، الذى تعرض لحادث سيارة فى طفولته، أسفر عن بتر أحد أطرافه، لم يتوقف كثيرًا عند الحادث وما فقده معه، ليواصل حياته بصورة طبيعية، إلا أن التجربة جعلته يفكر كثيرًا فى الأوضاع السيئة التى يعانيها "ذوى القدرات الخاصة" كما يفضل أن يصفهم "شاهين".
ويقول لـ"اليوم السابع": "كان حظى جيدًا لأن أسرتى المتوسطة والبسيطة تعاملت معى بطريقة صحيحة، وأهلتنى نفسيًا لتقبل الحادث والتأقلم مع الظروف الجديدة دون أن أجعلها تؤثر على حياتى، ولكننى طوال الوقت كنت ألاحظ الكثير من السلبيات فى مجتمع ذوى الاحتياجات الخاصة، من بينها الإحباط الذى يسود بينهم، والظروف النفسية السيئة التى يحاصرهم بها المجتمع، فضلاً عن تحول صناعة الأطراف التعويضية إلى تجارة بدون أى مبادئ أو اهتمام حقيقى بالمريض".
يضيف: "تخرجت فى كلية الهندسة، وعملت بجامعة المنصورة فى عام 2005، إلا أننى لم أجد نفسى فى العمل التقليدى، كنت أفكر كثيرًا فى كيفية عمل ما يساعد الناس، انضممت إلى جمعية رسالة كمتطوع، حتى شغلت منصب أمين الصندوق فى مجلس إدارة الجمعية بالمنصورة، ولكننى كنت أريد تقديم شىء خاص يمس ذوى الاحتياجات الخاصة، وتبلورت الفكرة حين زرت أحد مصانع الأطراف التعويضية بألمانيا، وتعرفت على الكثير فى هذا المجال".
"التأهيل النفسى والتأهيل البدنى والإرشادات العلمية للمعاق حول الطرف الصناعى وقلة المعلومات المقدمة له حول كيفية المشى والحركة والجلوس وركوب المواصلات بطريقة صحيحة لا تضاعف من مشاكله، وكيفية التأقلم بشكل عام مع الطرف الصناعى" كانت أبرز ما لفت انتباه "شاهين" إلى ما يعانيه ذوى الاحتياجات الخاصة فى مصر، لذا قرر أن يدشن مؤسسة للاهتمام بهم وتقديم الخدمات غير المتوفرة فى مصر، والتى لا تقل أهمية عن توفير الطرف الصناعى نفسه.
تعاون "شاهين" مع شريكه المهندس "هانى عبد الرحمن حجاج" الذى درس الهندسة الطبية وحصل على شهادات عدة فى تصنيع الأطراف التعويضية، لتكوين مؤسسة "حياة لذوى القدرات الخاصة" ويقول "شاهين" عن المسمى: "لا أحب أن يقول الناس ذوى احتياجات خاصة أو معاقين، فكل إنسان لديه إعاقة بدرجة ما، قد تكون غير ظاهرة، فالجهل إعاقة والحسد والكراهية إعاقة، فأنا أحلم بتغيير نظرة المجتمع لذوى القدرات الخاصة، وهذا جزء كبير من أهداف المؤسسة."
المؤسسة التى أنشئت فى العام 2005 قادت "شاهين" فى العام 2012 إلى الحصول على جائزة أحسن مشروع اجتماعى من الجامعة الأمريكية، حيث تهتم المؤسسة بتوفير أطراف صناعية مصنوعة محليًا لذوى القدرات الخاصة، بمواصفات تطابق احتياجات كل مريض وتتناسب مع طبيعة عمله أو حياته، فضلاً عن تناسبها مع سنه ووزنه، كما تهتم بتوفير التأهيل النفسى للمريض مع التأهيل البدنى وتوعيتهم حول السلوكيات الحركية التى تساعد فى تحسن حالتهم ولا تسبب تدهورها.
تهتم المؤسسة كذلك بتوعية ذوى المريض بكيفية متابعته والمحافظة على التدريبات والتمارين المتبعة مع استخدام الطرف الصناعى، وضرورة معاملته كشخص طبيعى، وتوعية المجتمع بقواعد "إتيكيت" استقبال المعاق حركيًا فى المؤسسات وفن معاملته حركيًا، وكانت النتيجة أن أسماء، محمد، نورهان، مى، حازم.. وقائمة تطول حاملة أسماء أطفال يعيشون حياة طبيعية رغم تعرضهم لظروف غير طبيعية، بفضل توفير الطرف التعويضى المناسب، وتأهيلهم نفسيًا وجسمانيًا للتأقلم مع الوضع الجديد، الذى لا يختلف عن الطبيعى كثيرًا، بعض المجهود والتقبل والرضا والمثابرة يجعلونهم يصمدون فى وجه التحدى، ويصبحون بحق أصحاب "قدرات خاصة" تجعلهم يلعبون الكرة، ويمارسون رياضة الجرى، ويلعبون مع أقرانهم وينجحون ويعيشون حياة طبيعية جدًا رغم كل الظروف.
بالصور..مشروع حياة يحول "ذوى الاحتياجات" إلى "أصحاب قدرات خاصة"
الثلاثاء، 15 أبريل 2014 03:48 م
شريف شاهين مهندس البرمجيات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة