ركزت صحيفة "لوموند" الفرنسية اليوم الخميس، على قرار سحب كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية والبحرين لسفرائهم لدى الدوحة، مشيرة إلى وجود توترات دبلوماسية بين قطر والبلدان الخليجية الثلاثة.
وأشارت "اليومية الباريسية"، إلى أن هذا القرار "غير المسبوق" فى العلاقات بين دول الخليج العربية تم الإعلان عنه بعد اجتماع "عاصف"، بين وزراء خارجية دول الخليج العربية فى الرياض.
وأضافت أن هذه القمة المصغرة التى عقدت بمبادرة من أمير دولة الكويت، كانت تهدف للتغلب على الخلاف العميق بين الدوحة من جهة، والرياض وأبوظبى والمنامة من جهة أخرى، نظرا لموقف قطر من السلطات الحالية فى مرحلة ما بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى فى شهر يوليو من العام الماضى.
وذكرت "لوموند" أن قطر انحازت علنًا للإخوان المسلمين الذين فقدوا السلطة فى مصر، فى حين قدمت الدول الثلاثة الخليجية الأخرى دعما هائلا، سواء السياسى أو المالى، للحكومة المصرية الجديدة.
وأشارت إلى أنه بخلاف ذلك، فإن الدول الخليجية الثلاث تشتبه فى دعم قطر للإسلاميين المقربين من الإخوان المسلمين بها، لاسيما أن الإمارات العربية المتحدة قامت بإصدار أحكام على العشرات من هؤلاء الإسلاميين على أراضيها، كما صدر بالإمارات أيضا حكم بالسجن سبع سنوات على مواطن قطرى متهم بجمع التبرعات لصالح الإسلاميين.
وفى السياق ذاته، قال كريم صادر المختص بقضايا الخليج – فى مقابلة مع قناة "فرانس 24" الإخبارية الفرنسية إن "الرياض تريد أن تعود الدوحة إلى الصف عبر قطع علاقاتها نهائيا مع الحركات التى تدور فى فلك الإخوان المسلمين".
وتابع "لا شك نحن أمام حدث هام ولسنا أمام أزمة كبرى، كون العلاقات بين الدوحة وجيرانها وتحديدا السعودية مرت فى السابق بفترات أكثر حدة، لنذكر مثلا النزاع الحدودى بين الرياض والدوحة فى التسعينات الذى تخللته اشتباكات مسلحة".
وأضاف "صادر"، أن التدهور الدبلوماسى اليوم وسحب السفراء من قبل السعودية والإمارات والبحرين "يمثل الخطوة الأولى فى الأزمة، فهذا الضغط الدبلوماسى على قطر، خاصة السعودى المدعوم من الإمارات هدفه إيصال رسالة شديدة اللهجة للدوحة وعزلها داخل مجلس التعاون الخليجى".
وعن المشكلة الحقيقية مع الدوحة وأميرها الجديد، رأى المتخصص فى الشئون الخليجية أن الدوحة متهمة بالدعم النشيط للحركة الإسلامية التى تدور فى فلك الإخوان فى الخليج وفى العالم العربى بشكل عام "وليس سرا بأن الدوحة تمارس دبلوماسيتها الخاصة فى الإقليم منذ 20 عاما، الأمر الذى أثار ويثير غيظ الشقيق السعودى الكبير الذى يعتبر منطقة الخليج العربى منطقة نفوذه، ويرى فى الإخوان المسلمين تهديدا على ممالك وإمارات المنطقة.
هذا التنافس ارتفعت حدته خلال الربيع العربى حيث لعبت قطر ومحطة الجزيرة دورا فى دعم الإخوان المسلمين ومن يدور فى فلكهم".
وأضاف أن "أمير قطر الجديد ترك انطباعًا بالقطع مع هذا الخط السياسى، وأبدى رغبة فى العودة إلى الصف، ولكن الوقائع تشير إلى عدد من الالتباسات فى علاقات الدوحة مع الإخوان، فنشاط بعض الخلايا الإخوانية فى دول الخليج، خاصة فى الإمارات حام حوله شبح الراعى القطرى، ولكن المسألة المصرية كان لها دورها الحاسم أيضا فى هذه المشكلة، فقطر وقفت إلى جانب الرئيس المصرى المعزول محمد مرسى على عكس المملكة السعودية وغيرها من دول الخليج".
واعتبر أن "السعودية تريد من قطر، أن تضع حدا للالتباس فى دبلوماسيتها وأن تغيّر بشكل واضح موقفها من جماعة الإخوان، والسعودية التى تواجه اليوم جملة من التغييرات الجيوسياسية فى المنطقة ترغب فى تعزيز نفوذها وجر الجميع للالتفاف حولها فى مواجهة إيران، كما ترغب الرياض فى الحيطة من تحركات احتجاجية داخلية.