أرسلت (ت) إلى افتح قلبك تقول:
أنا شابة عمرى 31 سنة، تزوجت زواجا تقليديا منذ 9 شهور تقريبا، لم أكن أعرف عن زوجى شيئا من قبل سوى أنه رجل محترم وعلى خلق، لهذا قبلناه أنا وأهلى، بالرغم من أن ظروفه المادية سيئة، بسبب أنه كان متزوجا من قبل، وخرج من هذا الزواج ببعض الأزمات المادية.
لم يطالبه أهلى بأى شىء تقريبا، قدم شبكة متواضعة، وقال إنه سيتزوج بالأجهزة الكهربائية التى تزوج بها من قبل، وقبلنا بكل هذا، إلا أن العقبة الأساسية كانت أنه لا توجد شقة، فعرض هو على أن نتزوج فى بيت أهلى، فى غرفتى على أن يقوم بشراء غرفة نوم جديدة لى، فرفضت، لأنى أعرف أنى لن أرتاح فى بيت أهلى بعد الزواج أولا، وثانيا لأنه من حقى أن يكون لى بيتى المستقل، حتى وإن كان بسيطا ومتواضعا، ففضلت أن ننتظر عل الله أن يفتح علينا.
بعد فترة بسيطة من خطبتنا جاءت له فرصة عمل فى الخارج، ففرحت جدا، وتصورت أن الفرج قد جاء، لهذا ساعدته وبعت شبكتى وأعطيته ثمنها لأساعده فى بداية سفره، واتفقنا على أن نتزوج فى شقة مفروشة هنا سريعا، على أن نسافر معا، ودون أن نؤثث شقة هنا لأننا لن نعيش فيها، ونصبر حتى يصبح معنا بعض المدخرات التى نستطيع بها فعل أى شىء.
تزوجنا فعلا، لكن وقت السفر فاجأنى بأن تكاليف الإقامة والمعيشة فى ذلك البلد الذى سيسافر إليها مرتفعة جدا، وبالتالى لن نتمكن من ادخار شىء إذا سافرت أنا معه، فطلب منى البقاء هنا مع أهلى فى البداية حتى تستقر أموره هناك، فقبلت على أمل أن يتغير الوضع قريبا، ونجتمع مرة أخرى، وسافر بالفعل بمفرده، وعدت أنا إلى بيت أهلى، إلى غرفتى مرة أخرى، ولكن ليس بمفردى هذه المرة، فأنا أصبحت حاملا، وأصبح أهلى مسئولين عنى أنا ومن فى بطنى.
نزل زوجى فى أول إجازة له، ليصدمنى بأنه لن يسافر مرة أخرى، لأن الأمر غير مجدى بالدرجة التى كان يتخيلها، ولأنه قد وجد وظيفة بمرتب جيد هنا فى مصر.. وها أنا أجد نفسى أنا وزوجى نعيش مع أهلى، وفى غرفتى، وبدون حتى غرفة النوم الجديدة تلك التى كان سيشتريها لى فى أول الزواج.. وهذا عكس ما كنت أتمناه وأنتظره تماما.
وعدنى أن الوضع لن يستمر هكذا، وأنها مسألة وقت، شهر أو اثنين بعدها سيأخذ قرضا ليفرش به شقة خاصة بنا، هذا الكلام مر عليه الآن حوالى 6 أشهر بدون أى تنفيذ بالطبع.
أنا الآن فى انتظار الولادة فى خلال أيام، وأشعر أنى تزوجت ببلاش، وأنى (رخيصة) جدا فى نظر زوجى، فهو لم يتكلف فى زواجى ولا حملى مليما واحدا، وحتى فى بحثنا عن مكان للولادة أجده يبحث عن أقل شىء ممكن، بالرغم من أنه أنفق على زوجته الأولى الآلاف لعلاجها لأنها لم تكن قادرة على الإنجاب بشكل طبيعى، مع العلم أنه كان يعرف بهذا من قبل أن يتزوجها لأنها كانت متزوجة من قبله، وعلى الرغم من ذلك أثث لها بيتا جديدا من الألف للياء، وأنفق على علاجها كل ما كان معه حينها حتى آخر قرش، حتى تزوجنى أنا وهو لا يملك شيئا.
أشعر بإهانة كبيرة، وبظلم شديد، وأشعر أنها كانت غلطتى من البداية لأنى لم أفكر بشكل مادى، وصدقت مقولة أننا (بنشترى راجل)، وأشعر أنه تم استغلالى أنا وأهلى بشكل لم أكن أتخيله.. كل من حولى لا يرضون عن وضعى، ويشحنوننى ضد هذا الموقف، ولكنى أريد أن أعرف رأى شخص حيادى بعيدا عن أهلى، فما رأيك؟.
و إليك أقول:
من الواضح يا عزيزتى أنك أنتِ وأهلك تتصفون ببعض المثالية التى لم يعد لها مكان هذه الأيام، أو أنكم قبلتم بهذا الوضع تحت ضغط تقع تحته كثيرا من الفتيات عندما تصل إلى أواخر العشرينات دون ارتباط، وبالتالى لا أستطيع أن أقول أنكم أخطأتم عندما قبلتم بزوجك على ظروفه تلك، ولكن دعينى أقول أنكم لم تحسنوا تقييم الموقف، وهذا ما أقوله دائما لأى فتاة تتنازل عن كل شىء فى مقابل أن تتزوج، متخيلة أنه لن يأتى اليوم الذى (ستذهب فيه السكرة وتأتى الفكرة)، لتجد نفسها تعيد حساباتها من جديد بعد أن تتزوج، وتبدأ فى تقييم ما قدمت فى مقابل ما حصلت عليه..
المهم.. ها قد حدث وأنت الآن زوجته، وسيأتى ابنكما إلى الحياة فى غضون أيام إن شاء الله، لهذا لا يجب أبدا أن نتوقف عند حد البكاء على اللبن المسكوب، بمعنى أن الندم لن يفيد الآن، فقد تكونى قد ظلمتى بالفعل، وتنازلتى أكثر من اللازم، لكن هذا لن يضيع أبدا إذا كانت نيتك خير فى الأصل، فقد فعلتى هذا أنت وأهلك فى الأساس تيسيرا على الرجل، وتسهيلا لزواجكما، وهى أمور خير، ومحمودة، حتى وإن كانت مثالية أكثر من اللازم، لكن فى النهاية نيتكم هذه لن تضيع، ولن تذهب هباء، حتى وإن كنتى لا ترى لها أثرا ملموسا الآن.
توقفى عن تضييع طاقتك ووقتك فى تقريع نفسك، والنقمة على زوجك، فكرى معه كيف سيصبح لكما حياة مستقلة بإمكانياته الحالية، أشعريه أن وضعكما هذا مؤقت وإن طال، وأنك تتأهبين لأن يكون لابنك بيته وحجرته الخاصة فى المستقبل، وطالبى بحقك فى أى شىء من الآن فصاعدا، فمثلا اختارى الطبيب والمكان اللذان تريديهما للولادة، لكن احرصى طبعا أن يكونا فى الإمكان، كذلك لا تترددى فى المطالبة بالإنفاق عليكى وعلى مولودك بالشكل اللائق، وهكذا.
ما أريدك أن تخرجى به من هذا الدرس أن زوجك مثله مثل كثير من الرجال لا يتحرك إلا تحت ضغط، أو بمعنى آخر أنه لن يفعل شيئا إلا إذا شعر أنه لا مفر منه، وهذا دورك، اعتبرى نفسك العقل المدبر لحياتكما فى هذه الفترة على الأقل، فكرى وابحثى واستعينى بكل مساعدة ممكنة لبحث توفير سكن مستقل لكما، ولو حتى فى مكان مؤقت، لكن دعى زوجك يتأكد أنك لن ترضى ولن تسلمى بالأمر الواقع مهما تغيرت الظروف.
ثم حاولى تدبير أمر التأثيث تدريجيا، ولو حتى بأن تقتطعى جزءًا من دخلكما لتضعيه فى (جمعية) أو ما شابه، لضمان أن يصبح لديكما مبلغا معقولا بعد فترة، يصلح لأن يكون البنية الأساسية لفرش بيتكما.
طبعا لن أطالبك بالعمل وأنت على وشك الولادة، لكن أعتقد أنك يجب أن تفكرى فى أن يكون لك دخلك الخاص فى أقرب فرصة ممكنة، فمن المؤكد أنك ستحتاجين إلى المساعدة والمساهمة فى بيتك من حين لآخر حتى تتحسن الأمور، ولكنى أنصحك ألا تعلنى عن نيتك فى المساهمة تلك الآن، حتى لا يعتمد عليها زوجك ويتراخى هو.
عليك أن تنظرى إلى الأمر ككل، وليس إلى سلبياته فقط، فها أنت أصبحت زوجة وأم، وتقولين أن زوجك رجل محترم وعلى خلق، وهذه كلها أمور جيدة لا يجب أن تغفليها فى خضم غضبك وإحساسك بالظلم، كل ما هو مطلوب منك أن تتعلمى الدرس وتعرفى كيف ستتعاملين مع زوجك (ماديا) فى المستقبل، فقد يكون الدرس قاسيا أو مؤلما، ولكننا بكل أسف لا نتعلم (ببلاش).
للتواصل مع د. هبة وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com
د. هبة يس
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عاشق اسئلة افتح قلبك
ماشاء الله ربنا يبارك يبارك في حضرتك يادكتوره