ورود متناثرة ودموع ممزوجة بالشوق وتجدد آلام الفراق، ملابس ملونة وأجواء غير تقليدية، مشهد يتكرر فى المقابر فى هذا اليوم من كل عام، يخرج المكان عن طبيعته الصامتة ويحوله من مكان لدفن الذكريات، إلى مكان تتجدد به ذكرى أمهات لم نعد نستطيع لقائهم ولكن يمكننا الشعور بأرواحهن ترفرف حولنا، تربت على قلوبنا، وتحاول أن تخفف عن عاتقنا هموم الحياة.
"رحمة ونور ونفحات وصدقات جارية" هى الهدايا التى يقدمها الأبناء لأمهاتهم فى دار الحق، بعد أن فقدت العطور والملابس والورود وكل الهدايا المادية قميتها، بعد أن رحلن ولم يعد ينفعهن سوى الدعاء بالرحمة والعمل الصالح.
"15 سنة بزور قبر أمى فى عيد الأم وعمرى ما قصرت ولا مرة، مهما كانت الظروف" هكذا بدأ "سمير محمد" حديثه، رغم سنوات عمره الستون وصحته المتداعية التى لم يبق منها سوى ما يعينه على الذهاب، يظهر محنى متكئًا على عصاة لزيارة أمه، التى يؤكد بإصرار أنها تشعر بوجوده وتنتظره من عالم آخر، فيتحدى المرض كى لا يخذلها.
"متعود كل سنة أحضر الطلعة من الفواكه والفطير واطلع أزور ست الحبايب فى عيد الأم، ما هو مش ممكن أسيبها فى يوم عيدها، ولا أسيب نفسى من غير ما أحس بحضنها"، يضيف "أول لما بدخل المقبرة خاصة فى عيد الأم بحس بروحها حواليا علشان كده عمرى ما بكيت فى اليوم ده، بالعكس باجى وبقرأ قرأن وأتكلم معاها، واحكى لها عنى وعن أولادى، واسمعها وكأنها صوت جوايا بينصحنى ويرشدنى للطريق الصحيح".
أما "ياسمين محمود" الشابة العشرينية التى لم يمضِ على وفاة والدتها سوى سنتين، يمر عليها هذا اليوم، كأنه دهر ولا يصبرها على فراقها سوى زيارتها لقبر والدتها، وتقول "يوم عيد الأم بفضل أهرب من الواقع اللى بحس إنى ماليش مكان فيه، وأروح للمكان الوحيد اللى تبقى لى من ريحة والدتى".
تضيف "أكثر حاجة بتريحنى إنى بلاقى عالم تانى داخل المقابر عالم يشبهنى، بشوف ناس كتير زيى جايين يزوروا أمهاتهم، وساعتها بحس بعيد الأم وبحس إنى مش لوحدى وبعتبر قراءة القرآن على روحها أفضل الهدايا اللى أقدر أقدمها لها، وحتى دموعى بتبقى دموع لقاء أكتر منها حزن".
فى جو روحانى بدار الحق.. "الصدقة الجارية" هدية أبناء الراحلات بعيد الأم
الجمعة، 21 مارس 2014 03:14 م