من الغريب فى مصر أن أغلب اللصوص وجهاء أثرياء
يدعون الشرف بينما أغلب الشرفاء فقراء محتاجين
يدعون إلى القرف. وقديما قال شوبنهاور (إن الشرف
لا يكتسب بل يفقد) ولكن هنا فى مصر أكدنا له أن
الشرف (رايح جاى) يفقد ويكتسب جملة وقطاعى.
على أى حال هناك علاقة عكسية فى مصر بين
الشرف والترف. فأغلب من يريد الشرف ينسى الترف
وأغلب من يريد الترف ينسى الشرف. وهناك من
ينسى الاثنين تحت شعار الحياة صعبة. وبعيدا عن
المناظرة وفلسفة الأخلاق الحميدة الحياة فى مصر
فعلا صعبة وتجبر الكثيرين على الانحراف أو الاكتئاب
أو الانتحار. ولست بصدد تحليل الأسباب النفسية
والاجتماعية لهذه المنظومة الإنسانية العجيبة، ولكن
فلنتحدث عن الأوضاع السياسية التى أجبرت شعبنا
الطيب الحبوب على هذه المسخرة. كانت البداية
حينما اقتربت صناعة الثروة من صناعة القرار، ولم
يكن هذا التقارب للبحث فى مصلحة البلاد بل لتبادل
المصلحة بين الطرفين وعيالهم، وكلنا يذكر حكومة
نظيف أيام مبارك حينما أصبح كل رجال الأعمال
وزراء، وحينما أصبح كل الوزراء رجال أعمال فى أكبر
(نهيبة) حدثت للاقتصاد الوطنى. بعض المثقفين
المحترمين وقتها أطلق عليه الزواج الباطل بين
السلطة ورأس المال والبعض الآخر فضل أن يشبههم
(بشبكة دعارة). وعلى اختلاف تشبيه العلاقة فإن
النتيجة كانت مجموعة كبيرة من الحيتان والقطط
السمان التى شفطت موارد هذا الشعب الجوعان
فاحتلت كل الأراضى واحتكرت كل الصناعات، وغالت
فى أرباحها حتى أصبح التضخم الاقتصادى ظاهرة لا
تقهر مثلها مثل الرجل العنكبوت وأنفلونزا الخنازير.
ثم قامت ثورة 25 يناير وصالت وجالت ونزلت على
مفيش، ولم تحصل البلاد على مليم أحمر من هذه
التركة المنهوبة، بل لم يعلن أحد عن حجم ديونهم
للبنوك الوطنية، وكيف يسددون أو يتصالحون أو
يتقاسمون. الأدهى والأنيل أن مجموعة كبيرة من
هذا القطيع الفاسد عاد بعد ثورة 30 يونيو وهو يدعى
البطولة والشرف. وعودة هذه الوجود الفاسدة مقلق
للغاية، لأنه يثير العديد من المخاوف من أن النظام
القديم يعود فى خطة مدروسة، بل إن وجودهم على
الساحة الآن وتأييدهم للمرحلة الانتقالية وما بعدها
يشوه المرحلة بما فيها من إنجازات تحسب للعديد
من الوجوه والمؤسسات الوطنية. ثم إن وجودهم
يلغى أى مصداقية للدولة فى القضاء على الفساد.
فهم باختصار المادة الخام للفساد فى البلاد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
المهندسة مني خليل
مسؤلية من ؟؟؟؟؟؟؟