أحياناً ما نندم على أشياء حدثت, سواء كانت صغيرة أو كبيرة, نلوم أنفسنا على فرص أهدرناها, كلمات ندمنا على أننا تفوهنا بها, وأخرى ندمنا لأننا لم نقولها, أحلام نندم على عدم تحقيقها, رغم أن الفرص كانت مواتية حينها وغيرها كثير.
يشعرالأنسان بالندم عندما يواجه مشاعر حزن, خجل, إحباط أو شعوربالذنب, إذا لم يحقق ما كان يتوقعه أو يخطط له, هناك من لا يكترث للشعور بالندم, فلا يستغرق سوى لحظات ويتجاهله, بينما غيره يملأه الإحساس بالندم, يشعر بالغضب, يبرر, يتجاهل, يلوم نفسه وقد يلوم الآخرين.
كثيراً ما يكون الندم نتيجة لتأنيب الضمير, من الطبيعى أن تحدث أشياء لا نتوقعها, كأن نتعرض لموقف مع الآخرين يسبب لنا رد فعل عنيف, فنتصرف بتلقائية وعفوية بدون تفكير, ثم نعود ونلوم أنفسنا, لأننا تصرفنا بطريقة غير لائقة.
الندم أحد العوامل المكونة للشعور بالذنب, الذى يؤدى للشعور بالوحدة, الغضب, عدم الثقة بالنفس, القلق, والوساوس الذى قد يؤدى للاكتئاب, لذا يجب ألا يضخم الإنسان من أخطائه حتى لا تسبب له آلاماً نفسية وتعرقل تفكيره, فمهما كان الإنسان على قدر كبير من الاتزان النفسى، إلا أنه يرتكب أخطاءً عليه أن يحاسب نفسه ويراجع تصرفاته وأفعاله, كى يهذب سلوكه إذا تعرض لمواقف مشابهة.
من الصعب على الإنسان أن يحارب فى أكثر من جبهة فى نفس الوقت, لذا عليه أن يحدد أولوياته ومسئولياته, يواجه المواقف بشكل منفصل كل عن الآخر, يتحلى بالمرونة, يعتذر بلطف, يقدم المساعدة فى حدود إمكانياته, يطلب المساعدة لو احتاج, لا يحمل الآخرين ما لا ذنب لهم فيه, يتعلم أن يقول لا بكل هدوء, إزاء ما يشعر بأنه فوق قدرته بدلاً من القيام بأشياء يندم عليها فيما بعد.
أكثر الناس عرضة للشعور بالندم الأشخاص المندفعين فى قراراتهم وحكمهم على الآخرين, يخطئون لكنهم لا يعتذرون إلا بعد فوات الآوان! كى نخفف الشعور بالندم, علينا أن نعترف بأخطاءنا أمام أنفسنا قبل الآخرين, نواجه نتائجها ونعتذرعنها, نستفيد منها ونراجع أنفسنا دائماً لنتجنب تكرارها, نتعلم كيف نحاسب أنفسنا كما نحاسب غيرنا, نتعلم ليس فقط من أخطائنا بل من أخطاء الآخرين أيضاً.
علينا أن ندرب أنفسنا كيف نتحكم فى ردود أفعالنا بهدوء دون تهور أو اندفاع, لا نركز كثيراً فيما حدث فى الماضى, بل نفكر فى الحاضر والمستقبل, نحتفظ فقط بالتعلم الإيجابى من المواقف التى مرت بنا, نعترف بأخطائنا, نقف, ننظر, نتأمل ونفكر, نملك إرادة قوية وقناعة أن الحياة تعطينا دائماً فرصاً أخرى، وأنه لم يفت الأوان لتصحيح أخطائنا.
مهم جداً التعامل مع الشعور بالندم, فلا نجعله يفسد حياتنا, ولا ينعكس بالسلب على حاضرنا ومستقبلنا, نفرق دائماً بين الندم البناء والندم الهدام, كى نستطيع أن نُغير فى المستقبل ما لم نستطع تغيره فى الماضى, فالندم لا يعنى البكاء على ما مضى, بل محاولة تصحيح الأخطاء وتجنبها فى المستقبل.
