الأخضر مش مجرد لون.. يمتزج بكل تفاصيل الحياة ويوحى بالتفاؤل بالابتكار

الثلاثاء، 25 فبراير 2014 12:11 م
الأخضر مش مجرد لون.. يمتزج بكل تفاصيل الحياة ويوحى بالتفاؤل بالابتكار صورة أرشيفية
كتبت أمنية فايد وسارة درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هو واحد من أكثر الألوان حظًا، فاقت سمعته الحسنّة الأبيض، الذى يتراجع أمامه لارتباطه بالكفن، بينما يرتبط الأخضر دائمًا بالحيوية والنضارّة، وعزز موقفه ذكره فى القرآن الكريم كلون ملابس أهل الجنة، وارتبط دائمًا فى عقولنا بالخير والنماء ولأمان والراحة.

بمجرد أن نلمحه فى أية مؤشرات نشعر بالاطمئنان، وقد نتجاوز أية أرقام طالما "المؤشر أخضر"، وحتى فى الأحلام التى يحمل دائمًا تفسيرها معنى مغاير لما هو فى الواقع، يحافظ الأخضر على مكانته بكونه "بشرى خير"، وتتوج سيرته الطيبة بارتباطه الدائم بالصحة ربما لأن "الخضراوات" هى أفضل صديق للصحة.


من علم "مصر الملكية".. وصولاً لـ"الأندرويد" و"ليزر المظاهرات".. الأخضر أسلوب حياة

مساحة خضراء يتوسطها هلال أبيض و3 نجمات، كانت هذه الراية التى ترفرف فى ربوع البلاد كعلم رسمى لمصر، رمزًا لـ"مملكة مصر الحرة المستقلة" بعد صدور تصريح 28 فبراير 1922 الذى أعلن إنهاء الحماية البريطانية على مصر، وكان الأخضر يرمز إلى الوادى والدلتا ذى الأيدى البيضاء على مصر منذ عهد الفراعنة.

والآن، حتى بعد تغير ألوان علم مصر إلى الأبيض والأحمر والأسود، وحتى بعد تدهور حال الوادى والدلتا وانحسار الرقعة الخضراء أمام الكتل الخرسانية وصفوف الطوب الأحمر، لا يزال للأخضر سطوته على حياتنا وتوغله فى كل شبر فيها.

وخلال العام الماضى، تحديدًا منذ 30 يونيو، برز الأخضر بشكل أساسى بدءًا من الليزر الأخضر الذى كان أحد أبرز معالم التظاهرات التى ملأت الشوارع والميادين فى ذلك اليوم وما بعده، والذى استخدمه المتظاهرون فى كتابة لافتات من نوع خاص فوق المبانى المحيطة بهم وحتى الطائرات التى تحلق فى الجو، وصولاً إلى لون زى الجيش الذى تصدر المشهد منذ 30 يونيو، بعد أن تبنى مطالب الشعب وتكفل بتحقيقها، وقيادة مصر خلال المرحلة الانتقالية إلى "منطقة خضراء".

وبذكر الطرائف التى تقفز إلى أذهاننا فور تذكر "الليزر الأخضر"، لا يمكن أن ننسى "فطوطة" القزم الذى يرتدى بدلة خضراء، وكان شخصية خيالية كوميدية قدمها الممثل الكوميدى سمير غانم من خلال فوازير بالاسم نفسه، فى العام 1982، ولا تزال تعيش فى وجداننا إلى اللحظة، وترسم الابتسامة على وجوهنا كلما تذكرناها.

ويرتبط اللون الأخضر كذلك فى أذهاننا بالدولار، العملة المميزة باللون الأخضر، والتى تتحكم فى مؤشرات كثيرة فى حياتنا، حيث ترتبط بقيمتها أسعار الذهب والنفط وحتى السلع الغذائية والملابس، وكل تفاصيل حياتنا تقريبًا، لذا تمثل أهمية كبيرة فى نفوس المصريين ويرونها حلاً للكثير من مشاكلهم.

كما يميز الأخضر زى الأطباء فى غرف العمليات، حيث يساعد هذا اللون الأطباء على الرؤية بشكل أوضح أثناء إجراء العمليات، لأنه اللون المقابل للأحمر، لون الدم، فى عجلة الألوان، كما أنه مريح للعين ويساعد على تجديد نشاط الطبيب بعد فترات طويلة من النظر إلى اللون الأحمر.

وفى الفترة الأخيرة برز الأخضر بشكل مؤثر فى حياتنا من خلال منصة "الأندرويد" التى أحدثت انقلابًا فى عالم التكنولوجيا، وعلى الرغم من أنها انطلقت رسميًا فى العام 2007، إلا أنها انتشرت بشكل واسع فى مصر خلال العامين الأخيرين، بعد انخفاض أسعار الهواتف الذكية التى تعتمد على "الأندرويد" نسبيًا.

ولأنه لون أهل الجنة ربما، أو لأنه لون قبة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، يعشق الصوفيون اللون الأخضر، معتبرينه كناية عن شرف الانتساب لأهل بيت الرسول، خاصة أتباع الطريقة القادرية الذين يتمركزون فى مصر وسوريا والعراق وشرق أفريقيا، وهم يعتبرونه لون النفس الراضية بقضاء الله، الزاهدة فيما سوى الله، والتى تتصف بالورع والرضا والنسيان والاستغراق فى الجمال المطلق.

وكما يمثل الأخضر الإيجابية، يمثل أيضًا "الإيجاب" والتأييد أو التصويت بـ"نعم" فى مختلف الاستفتاءات التى شهدتها مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير، وحتى الاستفتاء على الدستور بعد 30 يونيو، حيث استخدمته كافة الإعلانات التى تدعو إلى التصويت بنعم على الدستور، مرة بالتلميح والإشارة إلى كونه لون الدائرة فى خانة الموافقة باستمارة التصويت، وأخرى بالتصريح والدعوة الواضحة إلى التصويت بالإيجاب على الدستور، وفى كل مرة، كان الأخضر يكتسح، وتأتى النتيجة النهائية لتعلن أن كفة "نعم" هى الراجحة.

ولكن للأسف، تخضبت سيرة "الأخضر" الحسنة فى نفوس المصريين بالدم، منذ مجزرة بورسعيد فى العام 2012، حيث كان الأخضر هو لون الزى الخاص بالفريق "المصرى البورسعيدى"، الذى أفضت هزيمته فى هذه المباراة إلى أكبر كارثة فى تاريخ الرياضة المصرية، وحفرت جرحًا لن يندمل فى قلوب المصريين، بعد أن أودت بحياة 77 شهيدًا، وخلفت قرابة الألف جريح.

"دستور 2013".. "الضوء الأخضر" لممارسة الحقوق والحريات.. "مالكش حجة"

أطلق إشارة البدء فى اكتساب حقوق لم تكن تستطيع الحصول عليها من قبل، ولم يتحقق ذلك إلا بدستور 2013، الذى منحنا "الجرين لايت" لممارسة حقوقنا التى طال البحث عنها، ومن أهم إشارات الضوء الأخضر التى قدمها الدستور للمصريين، هو حق المولود فى الجنسية المصرية لمن يولد لأب أو أم مصرية، والاعتراف به ومنحه أوراقًا رسمية تثبت بياناته الشخصية، وهو ما ينهى معاناة الآلاف من أبناء المصريات المتزوجات من أجنبى من أجل الحصول على الجنسية المصرية، إضافة إلى حق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، و توفير الوظائف العامة على أساس الكفاءة ودون محاباة أو واسطة.

وكما منح الدستور المواطنين الحق فى الحياة الكريمة ضمن نظام التأمين الاجتماعى، فى حالة عدم قدرة المواطن على إعالة نفسه أو أسرته بسبب العجز والشيخوخة والبطالة، بالإضافة إلى توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والصيادين والعمالة غير المنتظمة، وحرية الاعتقاد المطلقة وممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية.

ولأن البحث العلمى ضرورى لتقدم الشعوب أعطانا الدستور الضوء الأخضر للبدء فى البحث العلمى بحرية وتشجيع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية وبناء اقتصاد المعرفة، مع مراعاة الباحثين والمخترعين وتخصيص له نسبة من الإنفاق الحكومى لا تقل عن 1% من الناتج القومى.

وعن الرأى والتعبير منح الدستور "الجرين لايت" لحرية التعبير والإضراب السلمى بما يتناسب مع تنظيم القانون، وحق المواطنين فى المساواة أمام الحقوق والحريات والواجبات دون تمييز بسبب دين أو عقيدة أو جنس، وكل من يقبض عليه أو يحبس يجب معاملته بما يحفظ كرامته ولا يجوز تعذيبه بجميع صوره وأشكاله.

ولأن الحصول على بعض المعلومات كان أمر صعب من عدة سنوات، كفل الدستور حق الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب ويجب الإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، بالإضافة إلى حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقى، ويحظر بأى حال من الأحوال فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية.

وبعد الكثير من الجدل والنقاشات أعطى دستور 2013 "الجرين لايت" لحق التبرع بالأنسجة والأعضاء ولكل إنسان الحق فى التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته، ولم يغفل الضوء الأخضر ليعطى للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة والتظاهرات وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية غير حاملين سلاح من أى نوع بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون، وحق تكوين الأحزاب السياسية، والجمعيات والمؤسسات الأهلية والنقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى مع ممارسة أنشطتها بحرية ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل فى شئونها.

أما الطفل خاصة المعاق تم إعطاؤه "جرين لايت" لبعض الحقوق التى تغير مجرى حياتهم، أعطت الحق لجميع الأطفال فى أوراق تثبت نسبه وتطعيم إجبارى مجانى ورعاية صحية وتربية وتعليم وتنمية و وحمايته من جميع أشكال العنف، ورعاية الأطفال الموهوبين والمخترعين وأعطت للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة حق التأهيل للاندماج فى المجتمع، وأن تحفظ لهم حقوقهم الصحية والاقتصادية وممارسة جميع حقوقهم السياسية ودمجهم مع غيرهم من المواطنين.

وكان للمرأة المصرية نصيب من "الجرين لايت" فى دستور 2013، وأصبح لهن الحق فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها، كما توفر لها الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً.

وتضمن الدستور "جرين لايت" للشباب من حيث اكتشاف مواهبهم وتنميتها، وضمهم فى العمل السياسى والاجتماعى، بالإضافة إلى حقوق مصالح المصريين المقيمين بالخارج وحمايتهم وكفالة حقوقهم وحرياتهم ومشاركتهم فى الانتخابات والاستفتاءات.

ورغم مجموعة الحقوق والأضواء الخضراء التى حصلت عليها نسب المهشمين فى المجتمع فى هذا الدستور تبقى الأحلام أكثر للحصول على المزيد من أضواء الحرية تضيف إلى حياتنا الحقوق التى حرمنا منها.

"إشارتك خضرا" و"العتبة الخضرا" و"الكوسة".. لون واحد ومعانٍ مختلفة

يدخل اللون الأخضر فى حياتنا، ليس فقط فى الملابس وألوان الحوائط، بل فى كلمتنا التى تلازمنا يومياً كتعليق على مواقف نصادفها فى حياتنا اليومية.

ومن أهم المصطلحات التى اقتبسناها من اللون الأخضر والتى تعطى إشارة للإقدام واليسر فى الحياة، هى "إشارتك خضرا"، أطلقها المصريون للإشارة إلى سهولة الخروج ومغادرة المكان، وهى اقتباس من إشارة المرور الخضراء التى تدل على سلمية السير فى أمان دون الاصطدام بالعربات التى تسير.

و"طريقك أخضر" المصطلح الذى يحمل أكثر من معنى، فقد يعنى أن خططك المستقبلية أو طموحاتك "فى السليم" ولا يعوق طريقك إليها شىء، وأحيانًا يحمل إشارة خفية لمطالبة المخاطب بالرحيل، أو تعنى اعتراضنا على ما يقوله لنا.

ويدخل اللون الأخضر أيضاً فى بعض المصطلحات التى تدل على الاستهتار والسخرية، من أمثال، "الكوسة" التى ترمز إلى الواسطة والمحسوبية التى يعانى منها الكثير أثناء البحث عن عمل أو الانتهاء من إجراءات ورقية من المصالح الحكومية، وفكر المصريون فى هذا المصطلح نتيجة أن "الكوسة" من الخضراوات سريعة التلف وكان يسمح فقط لبائعها بالدخول والمرور من أبواب مصر فى أى وقت من اليوم فى عصر المماليك والفاطميين، لذلك أطلق المصريون على أى شىء يمر بدون مراقبة أو إتقان فى العمل اسم "كوسة".

ورغم أنها أهم المناطق التجارية فى مصر، إلا أنه منذ إطلاق فيلم "العتبة الخضراء" للفنان القدير إسماعيل ياسين، اختصر المصريين أحداثه فى عنوانه الأصلى، كدليل على النصب وعدم فهم من يوجه له المصطلح ما يقوله أو يشتريه.

وأخذت الفتيات من مسجد "خضراء الشريفة" مصطلح تقصد به الفتيات التى تمثل دور البراءة والسير على الطريق المستقيم دون أخطاء.

"الوفد".. حزب الأغلبية "الأخضر" قبل ثورة يوليو.. "الذابل" حتى ثورة يناير

فى العام 1918، ألف الزعيم سعيد زغلول وفدًا يضم مجموعة من أبرز رجال مصر الوطنيين بينهم "عبد العزيز فهمى"، و"على شعراوى" وأحمد لطفى السيد"، وغيرهم، وأطلقوا على أنفسهم "الوفد المصرى" الذى يهدف إلى الدفاع عن قضية مصر دوليًا، بعد الحرب العالمية الأولى، لتحقيق استقلالها من الاحتلال البريطانى.

وبعد تألف الوفد، تم اعتقال سعد زغلول ونفى إلى مالطة مع مجموعة من رفاقه فى 8 مارس 1919، فانفجرت ثورة 1919، فكانت من أقوى عوامل زعامة زغلول وتمكين حزب الوفد الذى ظل "الحزب الجماهيرى الكبير" والذى تولى الوزارة فى مصر معظم الوقت منذ العام 1924 وحتى قيام ثورة 1952.

وكان الأخضر هو اللون الميز لحزب الوفد، والذى كان معبرًا بقوة عن واقعه، حيث كان حزبًا قويًا يانعًا وذا تأثير قوى فى الحياة السياسية بمصر، ولكن هذا التأثير لم يمتد مع "حزب الوفد الجديد" الذى يعد امتدادًا لحزب الوفد المصرى القديم، حين عاد إلى نشاطه السياسى فى العام 1978 فى عهد الرئيس أنور السادات بعد سماحه بالتعددية الحزبية.

وبعد تجميده فى العام 1981 فى أعقاب اعتقالات سبتمبر 1981 التى طالت مؤسسة فؤاد سراج الدين، عاد إلى ممارسة نشاطه السياسى فى العام 1984، ولكنه لم يعد بنفس القوة وتسببت الصراعات داخل الحزب منذ العام 2006 فى ذبوله وجعله واحدًا من الأحزاب الكرتونية الأخرى التى أثقلت الحياة السياسية قبل ثورة 25 يناير.

الأخضر.. لون الإبداع والراحة النفسية وحب الحياة

للون الأخضر تأثير كبير سواء على حالتك المزاجية أو على تصرفاتك الشخصية، ووجد العلماء أن اللون الأخضر يعمل على بعث السعادة وحب الحياة المبهجة، تعرفنا على أهمية اللون الأخضر، وتقول الدكتورة هبة عيسوي، أستاذة أمراض الطب النفسى بجامعة عين شمس، "اللون الأخضر يشير إلى الابتكار والتفكير الإبداعى، والبعد عن المألوف، مما يخلق بطريقة غير نمطية شخص جرىء متحمل للمسئوليات، يتحمل نتيجة تصرفاته وأفكاره، يحب المخاطر متطور بشكل سريع".

وتضيف "أما اللون الأخضر فى حد ذاته كلون يبعث على الراحة النفسية، مما يجعل الناظر إليه لا يشعر بالضيق لأنه يعمل على الاسترخاء الذهنى والعضلى، فله قدرة على غسل المتاعب لهذا تم اختياره لونًا للزى الرسمى للأطباء فى المستشفيات بالإضافة إلى أنه لون جدران غالبية المستشفيات، حتى يساعد بدوره على منح المرضى الراحة النفسية كلما نظروا إليه".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة