يجلس على كرسيه الخشبى المتهالك مستظلا "بالفاترينة" الصغيرة التى وضعها أمامه، معلقا لافتة "الشهداء لنقل الموتى"، يراقب المارة، وينظر بين الحين والآخر إلى شاشة هاتفه فى انتظار مكالمة تخبره بموت أحدهم، والحاجة إلى سيارة لتوصيله إلى مثواه الأخير.
"محمد أحمد يوسف" صاحب الـ"60" عاما، الذى قضى أكثر من ثلثى عمره فى توصيل الموتى إلى مثواهم الأخير، من خلال وظيفته الحكومية، بداية من عمله لمدة 12 عاما بالطب الشرعى حتى خروجه على المعاش واستكمال مسيرته كوسيط بين عالم الأحياء وعالم الأموات، يتحدث عن عمله، "من زمان وأنا شغال فى الشغلانة دى، أنا بحس أن الميتين دول جزء منى، لكن بالرغم من أن الشغلانة دى فيها شىء ربانى بس مشكلتنا أننا مجاورين لمشرحة زينهم، ودى بتخلى كل الحالات اللى بنوصلها بتكون جنائية وأغلبها قتل، وهى دى أكبر مشاكلنا، لأن الأهل فى الوقت ده بيكونوا فى حالة صدمة، وده طبعا بيرجع على تعاملهم معانا".
العلاقة القوية بين عم "محمد" والموتى كانت هى السبب وراء عدم رغبته فى الانفصال عنهم حتى بعد خروجه على المعاش، ليستكمل عمله من خلال مشروعه الخاص الذى يقول عنه إنه فكر به بعد أن رأى الجشع الذى يستغله الآخرون عند توصيل أحد المتوفى لمثواه الأخير "الناس فى حالة فاجعة الموت تفقد تركيزها، ومش هممها الفلوس اللى بتدفعها المهم الميت يرتاح، وده الوقت اللى بيظهر فيه المستغلون للموقف"، يحكى عم محمد قصة حدثت معه كانت من ضمن أسباب استكمال عمله فى توصيل الموتى أن أحد أقاربه توفى وعند توصيله إلى القبر طالب السائق بمبلغ مضاعف الأمر الذى جعله يعقد النية على التخفيف على الناس والقضاء على استغلال ناقلى الأموات.
يضيف عم "محمد"، "أنا عاملها بأقل سعر، ولما بنلاقى حد محتاج أو مش معاه بنوصله مجانا، دا غير أن أهل الخير بيوفروا أكفان للفقراء واحنا بنكون الوسيط، لأن دى حاجة لله والموت له حرمة ومينفعشى نفاصل فى حرمة الميت".
عم "محمد" ناقل الموتى بأقل الأسعار "وساعات مجانًا"
السبت، 22 فبراير 2014 11:21 ص