أكرم القصاص - علا الشافعي

ناصر عراق

الزمن.. حصان أم سلحفاة؟

الجمعة، 26 ديسمبر 2014 01:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد أيام قليلة سيسقط عام 2014 فى سلة الزمن، ويضيع إلى الأبد، لنستقبل بالفرح والسعادة العام الجديد، فما هو الزمن؟ وكيف يمكن للمرء أن يرصده بحذق ويتعامل معه بهدوء وحكمة؟

الطفل يرى الزمن بطيئا.. ثقيلا.. لا يتحرك مثل سلحفاة، يتعجل مروره.. يحلم ويتساءل دومًا.. متى يقفز الزمن إلى الأمام ليسعد بانضمامه إلى فئة الكبار؟ والذى بلغ من العمر عتيا يعاتب الزمن.. يلعنه.. يتابعه بقلب يخفق بشدة ويظن أن الأيام تركض بسرعة مجنونة بلا داع نحو فضاء مجهول، وأمس يوازى العام الماضى، وأول أمس كنا فى القرن السابق، فالزمن عند الكهل مثل حصان لا يتوقف عن العدْو بسرعة تخطف الأبصار.

أما المبدعون فلهم مع الزمن حكايات وأمثال، ويبدو أن الروائيين العظام أدركوا عظمة الزمن وجبروته وشعروا بسطوته وتعاليه، فتعاملوا معه بحذر، وحاولوا النفاذ إلى جوهره، وها هو سيد الرواية نجيب محفوظ يعلن فى ثلاثيته الشهيرة: (ولن يُمنى الإنسان بعدو أشد فتكا من الزمن). كتب هذه العبارة الآسرة بعد أن حطم المرض بنيان السيد أحمد عبدالجواد عندما تراكمت السنون فى جسده فدمرت أجهزته وضعضعت عظامه عندما بلغ من العمر أرذله!

وفى رواية «الحرافيش» يتساءل نجيب محفوظ على لسان الطفل جلال بن زهيرة الذى يحن إلى أمه بعد أن رأى بعينيه مقتلها: (لم لا ترجع الأيام إلى الوراء كما تتقدم إلى الأمام؟)، وبالمناسبة هذه الرواية تعد نموذجًا ناصعًا مشرقا لرصد حركة الزمن فى صعودها المتنامى وتأثيرها الجبار على البشر.

فى حين لم يتورع الساحر ماركيز أن يضع عنوانا بديعًا لأشهر رواياته وهو (مائة عام من العزلة) ليغدو أبطال الرواية أمام الزمن وجها لوجه، فمن ينتصر.. الذين أدركوا حكمته فتجنبوا إغضابه؟ أم الذين عاندوا الزمن وحاربوه، فعاقبهم بالمرض والمذلة والموت!

وأمير الشعراء أحمد شوقى تجاهل الزمن وألاعيبه ومكائده، عندما اكتشف أن حلاوة الزمن تتلخص فقط فى رضا الحبيبة، فها هو يعلن بثقة فى قصيدة «يا جارة الوادى» التى يشدو بها عبد الوهاب: (لا أمس من عمر الزمان ولا غد/ جُمعَ الزمان فكان يوم رضاك). وشوقى أيضا يصل إلى نتيجة موجعة حين يقول فى تحفته سلوا قلبى: (ولا ينبئك عن خلق الليالى/ كمن فقد الأحبة والصحابا).

سيبقى للعلماء رأى آخر فى موضوع الزمن، ولعل ما توصل إليه العالم الفذ إينشتاين يعد نقلة نوعية فى فهم الزمن، لكن تلك قضية أخرى معقدة، يرتبط فيها الزمن بالمكان والكتلة والطاقة، ولنعد إلى تأملات المبدعين الحائرين أمام كرور الأيام ومرور السنوات.

للسينما نصيب أيضا فى التعامل مع الزمن، وكم من الأفلام التى شاهدناها تتكئ على الزمن وتحولاته وانعكساته على الأبطال!

بالنسبة لى يظل الزمن مثل جوهرة ثمينة مختبئة فى بحر عميق، فكيف يمكن اصطيادها والتمتع بها، وإذا ضاعت أو فُقدت، فلا حزن عليها ولا لوم علىّ!

حقا.. علمنا الزمن ألا شىء يدوم سوى المحبة.. فكل عام وأنت طيب.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة