"افتح قلبك" مع د. هبة يس.. "العين الصفرا"

الأربعاء، 24 ديسمبر 2014 01:04 م
"افتح قلبك" مع د. هبة يس.. "العين الصفرا" د. هبه يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت (م.م) إلى افتح قلبك تقول:
أنا حياتى مستقرة إلى حد كبير والحمد لله، لكن عندى مشكلة منغصة عليا حياتى لأنها أصبحت تباعد بينى وبين من أحب من الناس، المشكلة هى أن زوجى (عينه صفرا) بمعنى إنه بكل أسف شخص حسود، وبكل أسف برضه أثر حسده بيظهر فوريا فى أغلب الأوقات، وطبعا الناس خدت بالها وأصبح ده شىء معروف عنه، وبالتالى الناس بدأت تتقى شره وتبعد عنه وعنى أنا وأولادى بالتبعية، لغاية ما لقيت نفسى تقريبا بدون أهل أو أصحاب بعد 5 سنين جواز، حتى قرايبى محدش فيهم بيزورنى أو بيقابلنى إلا لو جوزى مش موجود.

هو شخص فيه صفات كتير حلوة، لكن الصفة دى بالذات بتخليه شخص مكروه من كل إلى حوالينا، وساعات منى أنا كمان، نفسى يبطل الخصلة الفظيعة دى، لأنه أصلا شخص ربنا أنعم عليه بحاجات كتير ماديا ومعنويا، وهو أحسن من ناس كتير أوى من أصحابه، لكن مش عارفه بيحصل له إيه أول ما يشوف أى حد حصلت له حاجه كويسه أو مفاجأة مفرحة.

أرجوكى لا تستهينى برسالتى وبمشكلتى، لأنى بقيت حاسه كأننا عندنا مرض معدى والناس بتتجنبنا، إحساس مؤلم ومهين جدا، وأنا مش عارفه أتعايش معاه.

وإليكى أقول:

الحسد يا عزيزتى من (أمراض القلوب) المستعصية بكل أسف، لأنه مع الوقت والعمر يصبح عادة وطبع فى الإنسان، لهذا فهو يحتاج إلى عزم ونية خالصة من الشخص نفسه للتخلص منه، وليس لنية وعزم شخص آخر، لأنه وكما قالت الآية: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، لهذا عليكى أن تعرفى أن البداية لا بد وأن تأتى من زوجك نفسه، لا بد وأن يشعر هو بالمشكلة، ويكون لديه رغبة صادقة فى حلها والتخلص من هذه الرذيلة، لأن الأمر سيحتاج إلى جهاد كبير، ولن ينجح بسهولة، أو من أول مرة، وسيسقط ويعود أكثر من مرة، لكنه بكل تأكيد مأجور على ذلك، وسيجازى به خير جزاء، فهذا هو الجهاد الأكبر، الذى هو أقوى من جهاد الحرب والقتال بالسيف.

وسأوجه كلامى هنا إلى زوجك وإلى أى شخص ابتلى بهذه المشكلة ويجد فى نفسه إرادة صادقة للتخلص منها، لكن قبل أن أبدأ أحب أن أقول "وما أبرئ نفسى"، لأنه ما من إنسان إلا ومر عليه لحظة حسد، لكن الفرق كل الفرق بين من يتمادى ويطيع شيطانه ويتمنى زوال النعمة من غيره، وبين من ينتبه فورا إلى ما يحدث، ويدفع بكل قوته، ويحول دفة مشاعره بعيدا عن أى أفكار أو أمنيات سيئة، فالحسد لايبدأ بـ(تمنى زوال النعمة من الآخرين) كما نعتقد، بل إن هذا الشعور هو النتيجة النهائية للحسد، بينما البداية هى مجرد الشعور بـ(الألم أو الغيرة أو الضيق) عند رؤية الآخرين فى نعمة، فعلينا جميعا أن ننتبه إلى أنفسنا بمجرد أن ينتابنا أى شعور سلبى عند رؤية نعم الغير، لأن تلك هى اللحظة التى يبدأ فيها الشيطان لعبته معنا، فإما أن نكون واعين و(مصحصحين) له فنصده ونقاومه، وإما أن نكون مأخوذين غافلين فنطيعه كالمسحورين إلى آخر المدى.

لهذا أوصيكم ونفسى، قبل أن نسمح لأنفسنا بأن ننزلق فى هذه الخطيئة، أن نفكر ولو لثوانٍ فى بعض النقاط سريعا:

- هل عندما تحسد شخصا ما، وحتى لو كان حسدك سببا فى زوال النعمة منه، فهل سينفعك هذا فى شىء؟، هل سيزيدك شيئا؟، هل سيمنحك ما لديه أو ما تريد؟... بمنتهى البساطة لا، لن يتغير حالك أنت بأى حال من الأحوال إلى الأفضل، هذا إن لم يتغير إلى الأسوأ، لأنه كما تدين تدان، وربنا (الديان) يعامل كل إنسان بما قام فى قلبه... إذا عمليا وفعليا وواقعيا أنت لن تستفيد شيئا إطلاقا، فلماذا حرق الدم والأعصاب؟، واستنفاذ طاقتك فيما لا يفيد؟.

- هل بوقوع نعمة ما للغير سيقلل هذا من فرصة حدوث أى خير أو نعمة لك أنت؟، بكل تأكيد لا أيضا، فكل شىء نصيب، وما كان لك لن يصيب غيرك، وما كان لغيرك لا يمكن أن يصيبك أنت، سواء سلبيا أو إيجابيا، فالأرزاق محسومة ومكتوبة من قبل أن نخلق، فاهدأ واطمئن، لن يأخذ أحد دورك أو فرصتك أو رزقك، حتى وإن بدا الأمر كذلك، كما يحدث فى بعض أوقات التنافس أو التسابق على شىء ما كوظيفة أو سفر أو دراسة أو حتى زواج.

- هل فكرت من قبل أنه عندما تحسد شخصا ما فإنك بذلك على من تعترض؟، أنت لا تعترض على الشخص ولا على النعمة نفسها، ولكنك فى حقيقة الأمر تعترض على المنعم نفسه، أى أنك ببساطة تعترض على حكمة و
إرادة الله، فأنت تقف لتقول له- و لو حتى فى نفسك- لماذا فعلت له هذا؟، لماذا اخترته هو؟، لماذا أعطيته من دونى؟، و كأنك تعطى لنفسك الحق لأن تقول هذا يأخذ وهذا لا، من أنت لتقسم الأرزاق؟ وأنت نفسك تنتظر رزقك من الله، وتعيش بحكمته وجوده وكرمه؟... الأمر يحتاج إلى (إفاقة)... انتبه على من تعترض، وعلى من تريد أن تعدل وتملى شروطك ورغباتك.

- هل تعرف أنك عندما تنكر نعمة الله على شخص ما، تفعل ذلك لماذا؟، لأنك تشعر بأنك أفضل منه، و أحسن منه، أوتستحق عنه، تقول فى نفسك ( لماذا يحدث له ذلك و أنا أكثر جاها أو مالا أو علما أو حتى أحسن شكلا)؟، أى أن ما يدفعك للشعور بالحسد و الاعتراض هو شعورك ب (الكبر) فى حقيقة الأمر، و تلك هى مصيبة المصائب، أن يعتقد أحدنا فى نفسه أنه أفضل من غيره، من أين عرفت؟، و كيف تيقنت؟، ألا يمكن ان يكون من تستقل به هذا هو الأفضل عند الله؟، ألا يمكن أن تكون نهايته و آخرته أفضل منك؟، ألا يمكن أن يكون كبرك و غرورك هذا فى حد ذاته سببا لاحباط عملك الذى تتفاخر به؟، ألا يمكن أن تكون قد اغتررت بنعم الله عليك (الصحة، الجمال، المال، العلم، الجاه، السلطة) و ظننت أنها من نفسك و بفضلك أنت، فأصبحت كالأعمى المخدوع الذى يظن أنه خير الناس بلا منازع؟ ... استيقظ...لن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر، أى من كان يعتقد أنه أفضل من بقية خلق الله لمجرد أن الله فضله عليهم فى بعض المجالات، ناسيا أنه من الممكن أن تسلب منه كلها و توهب لغيرة فى لحظة.

- أتعرف أنه عندما تحسد أحدا أو تحقد عليه أنك تهديه أفضل ما لديك؟، فأنت تعطيه من حسناتك... تخيل!!، فكر معى فى هذه النقطة وحدها ستجد أنك أنت الخاسر بكل المقاييس عندما تحسد، فلا أنت قادر على سلب الشخص المحسود النعمة، ولا أنت قادر على ضره، أو نفع نفسك، بل والأكثر من ذلك أنك تفيده وتنفعه... تعطيه من حسناتك وكدك وتعبك على طبق من فضة!!...أى ساذج أنت؟؟، فلقد نبهنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، فتخيل معى أنك تصدقت بمال وفير، أو صمت يوما شديد الحرارة، أو قاومت نفسك لتقوم الليل فى ليلة باردة، ثم تأتى يوم القيامة لتجد كل هذا وقد ذهب لفلان... لماذا؟، لأنك حسدته!!... ياللخسارة.

- فكر دائما فى أن (الدنيا دوارة)، وأن ما تعطيه لغيرك اليوم حتما وستأخذه منه غدا، لهذا فإنك إن دعوت لأخيك بظهر الغيب، ردت عليك الملائكة قائلة (ولك المثل)، أى أنك وكأنك دعوت لنفسك تماما، لهذا فإن كنت تتمنى الخير وتريد النعمة لنفسك- وكلنا هذا الشخص- فالأسهل لك أن تدعو بها لغيرك، بدلا من أن تتمنى زوالها منه، فكن على ثقة أن ما ستتمناه له سيأتيك أنت فى يوم من الأيام، ولو حتى بعد حين... فأيهما أفضل؟ أن تدعو له بالخير أم بالشر؟.

- كم وددت لو أصبح هناك دراسة عملية لحساب كمية الطاقة المفقودة عندما يحسد أو يحقد الإنسان، ولكن حتى وبدون حسابات ألا تشعر أنت نفسك بأن دمك يغلى؟، وأن حرارتك ترتفع؟، وأن جسمك يرتعد؟، وأنك تصبح فى أسوأ حال ممكن حينها؟، ألا تشعر أنت بنفسك وقد كرهت الدنيا بما فيها؟، ألا تشعر أنت بنفسك أنه لا يمكن لك أن تستمتع أو أن تشعر بأى شىء إيجابى حولك حينها وربما لبعدها بفترة من الوقت؟... لماذا يا أخى؟... (عليك من ده بإيه؟)، حافظ على هدوءك ورضاك، وسلامك الداخلى أوفر لنفسيتك ولصحتك، أنت تحرق فى نفسك فعلا لا قولا فى مثل هذه الأوقات، والأدهى من ذلك أنه بلا فائدة أو طائل، فلن يغير سخطك فى الأمر شيئا إلا بإذن الله.

وفى النهاية... وباختصار شديد... ماذا عليك أن تفعل عندما تشعر ببداية لعب الشيطان فى صدرك؟، أول شىء عليك فعله عند رؤية نعمة الغير أن تقول "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، لتذكر نفسك أن ما تراه ليس إلا بإرادة الله وبحوله وقوته، لا بشطارة الغير ولا بإرادته ولا لأنه عزيز على الله، ولتذكر نفسك أيضا بأن الله قادر على منحك مثله وأكثر إن أراد.

الخطوة الثانية هى أن تدعو لهذا الغير بالبركة، قل ولو حتى فى سرك (اللهم بارك له)، فبذلك أنت تدفع عن نفسك فكرة أنك تريد أن يصيبه مكروه، أو أن تنتزع النعمة منه، بل بالعكس أنت تسأل الله أن تدوم بل وتزيد له وعليه.

الخطوة الثالثة أن تدعو لنفسك بالمثل، قل "اللهم بارك له وارزقنا مثله، أو خيرا منه"، فأنت بذلك تثلج صدرك من ناحيته، وتطمئن نفسك بأن الملائكة تؤمن على دعائك وأن الله سيستجيب لك حتما ولو بعد حين.

اغسل نفسك يا أخى من هذا الدنس، طهر روحك وقلبك، ارح عقلك وفكرك، تمنى الخير لك وللغير، ودع الأمر كله لله، فلا أنت ولا غيرك يملك نفعا ولا ضرا لنفسه فضلا عن غيره.

الصفحة الرسمية للدكتورة هبه يس على الـ"فيس بوك":
Dr.Heba Yassin












مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة