أكرم القصاص - علا الشافعي

ياسين سعيد شعلان يكتب: نقلة جريئة

الثلاثاء، 04 نوفمبر 2014 02:10 ص
ياسين سعيد شعلان يكتب: نقلة جريئة ورقة وقلم - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيراً ما نجتهد فى محاولة البحث عن سبب الفشل الإدارى وتفشى الفساد فى مصر، والذى ينعكس تماماً على كل الجهات الحكومية، ومن ثم يؤثر سلبياً على جميع أوجه الحياة فى مصر.

وقد شهدت مصر فى الآونة الأخيرة تغيرات رئاسية متعددة، حاول كل رئيس أن يقضى على الفساد فى مصر لكن دون جدوى.

والسبب فى أن كل هؤلاء الرؤساء دائما ما يسعون نحو تغيير الأشخاص الذين يعملون فى هذا الهيكل التنظيمى، سواء من خلال تغيير الوزراء أو المحافظين أو بعض كبار الموظفين.

والحقيقة فى أن العيب ليس فى الأشخاص بل فى المنظومة نفسها وطريقة وآلية عملها، فمن الخطأ تغيير سائق سيارة وتبديله بآخر لأنه عمل حادثة بسبب أن السيارة بلا فرامل فلابد من إصلاح العيب أولاً.

حتى لو غيّرنا جميع الموظفين واستبدلناهم بآخرين من المشهود لهم بالنقاء وطُهر اليد، فى ظل منظومة تسمح بالفساد، فسينقلبون إلى فَسَدة فى أسرع وقت.

وهذا يفسر نجاح الدول الأوروبية، وشبه انعدام الفساد لديهم بسبب الأنظمة الموضوعة والمطورة باستمرار بحيث تمنع أى وجه من أوجه الفساد، فالميزة عندهم هى النظام وليس الأشخاص، فنفوسهم وأخلاقهم ليست أفضل من نفوسنا أو أخلاقنا.

ولو نظرنا إلى المحلات القديمة فى مصر التى أمّمناها بعد ثورة 1952 أمثال صيدناوى وعمر أفندى وشملا وشيكوريل، نجدهم كانوا يعملون بأنظمة لا تسمح بالغش أو الرشوة أو السرقة.


فإذا أردت أن تشترى شيئًا منهم فإنك تختار الشىء الذى تود شراءه من أحد العاملين، وتدفع لآخر، وتستلم من آخر، ويتم إصدار فاتورة العميل من أصل وعدة صور، فيذهب الأصل فى اتجاه، وكل صورة فى اتجاه آخر، وهو نظام بدائى يعرفه أى شخص درَس مبادئ المراجعة، حيث يتم الفصل بين الوظائف لعدم التلاعب أو سرقة العاملين للمحل.

هذا النظام البدائى والمعمول به حتى اليوم فى بعض المحلات يحد كثيراً من السرقات والغش كما ينظم سير عملية الشراء، والفكرة هنا فى أن مَن أنشأ هذا النظام لم يعتمد على ضمائر الموظفين أو نفوسهم أو تربيتهم، بل قام بإنشاء نظام يسير عليه العمال حتى دون أن يدركوا فائدة هذه الخطوات.
إن ما أخفق فيه كل الرؤساء الذين حكمونا، هو عدم تطرقهم لتغيير بل ونسف الأنظمة الإدارية القائمة منذ سنين طويلة والتى أثبتت فشلها التام من خلال الوضع العام للبلد، فمثلاً يظل الشارع سنين طويلة غير ممهد وأخيرا يقومون بسفلتته، ثم يفاجأ الجميع بحفر الشارع مرة أخرى بدعوى تغيير مواسير المياه، وبعدها الكهرباء ثم يأتى الغاز ثم التليفونات، فيظل الشارع طوال عمره غير ممهد، مما يؤثر على مستوى دخل الفرد بطريقة غير مباشرة، حيث تُهلك أداوت تعليق السيارات وكاوتشاتها سريعاً فيستقطع المواطن جزءً من دخله لإصلاح ما حدث فى سيارته، كما أنه يصل متأخراً إلى عمله، ويهدر من أمواله ووقته ومجهوده على ما تسبب فيه هذا الشارع غير الممهد بسبب عدم تنسيق الجهات الحكومية مع بعضهم لإخراج هذا الشارع ليكون شارع آدمى غير مؤذي، وهو ما يعد أحد أشكال الاقتصاد المُهدر.

كذلك فى أى جهة حكومية حين يريد المواطن استخراج أى ورقة رسمية أو تجديد رخصة مثلاً أو ما شابه، فإن المواطن يتعامل مع أكثر من شباك وأكثر من موظف، وكل موظف يتعمد تأخير ورقه، حتى يضطره لدفع رشوة فى صورة ( إكرامية ) حتى ينتهى من هذا الطابور ليبدأ رحلة جديدة فى طابور جديد برشوة جديدة !!

بالرغم أن أغلب دول العالم أصبحت تستخدم التكنولوجيا والشبكات فى إنهاء مثل هذه الإجراءات الروتينية، إلا أن مصر لم تتقدم فى هذا المجال، وكأننا لا نريد راحة المواطنين وسرعة إنهاء إجراءاتهم وغلق هذا الباب (الحرام) على هؤلاء الموظفين المرتشين.

كما أنه يمكن بمنتهى البساطة وبدون تكنولوجيا عمل شباك واحد فقط يتم دفع المواطن فيه رسوم الخدمة التى يريدها، ويقوم موظف هذا الشباك بتوزيع الورق على المختصين وإنهائه ثم تسلميه مُنتهِى للمواطن فى موعد محدد، كما هو الحال حينما يذهب المواطن ولديه واسطة أو أن يكون قد دفع مبلغًا محترمًا لأحد (المُخلّصين) والذين يتفقون مع الموظفين من الباطن لإنهاء الإجراءات لصاحب هذه الرشوة مقابل التقاسم معهم فى النهاية.

كل هذه الأساليب الملتوية تم اختراعها وتطويرها فى غفلة أو بعلم من المسئولين عن هذا النظام بسبب تركه طويلاً دون تعديل أو تطوير، وطبعاً بدون رقابة.

إن الحل بسيط وسهل وليس فيه ثمة خيال أو لا معقولية أو صعوبة فى التطبيق، فمن جعلنا قد استطعنا بالفعل تغيير رؤوس البلد أكثر من مرة، ألا نستطيع تغيير المنظومة الإدارية وإعادة هيكلتها بحيث لا تسمح بالفساد؟
لماذا لا نرى قرارات جريئة بتغيير طريقة عمل الجهات الحكومية إلى الطرق الحديثة والمتطورة التى تلبى احتياجات المواطن دون إرهاقه مادياً أو معنوياً !

لماذا لا نستغل فِكر وطاقة وطموح الشباب فى التغيير والتطوير ؟!
الحل بسيط ،، لا يحتاج سوى قرارات جريئة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة