عميد معهد الدراسات الأفريقية: المحكمة الدولية أو ضربة عسكرية تحل أزمة النهضة.. الدكتور محمود أبوالعينين: مبارك لم يهتم بأمن مصر المائى.. وتعامل مرسى كان قمة المهزلة والاستهتار

الخميس، 09 يناير 2014 10:57 ص
عميد معهد الدراسات الأفريقية: المحكمة الدولية أو ضربة عسكرية تحل أزمة النهضة.. الدكتور محمود أبوالعينين: مبارك لم يهتم بأمن مصر المائى.. وتعامل مرسى كان قمة المهزلة والاستهتار الدكتور محمود أبوالعينين عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية
حوار أحمد جمعة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن اليومى..

أكد الدكتور محمود أبوالعينين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية، أن الرئيس السابق محمد مرسى خان الشعب المصرى عبر استخدام قضية ملف النيل فى مؤتمر هزلى على الهواء مباشرة، استهدف ضرب المعارضة أمام الرأى العام وليس إيجاد حل لقضية كارثية، مما تسبب فى تراجع هيبة الدولة المصرية أمام دول حوض النيل.

كما اتهم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، بعدم الاهتمام بالعمق الاستراتيجى الأفريقى لمصر، الأمر الذى فتح الباب لدخول الولايات المتحدة وإسرائيل مسرح السياسة بالقارة السمراء، موضحا فى حوار لـ«اليوم السابع» أن إسرائيل ترغب فى وجود حكومة فى جنوب السودان تذعن إليها، وهو أمر شديد الخطورة على مصلحة مصر.. وفيما يلى نص الحوار:

ما تحليلك لما يحدث فى جنوب السودان حاليا؟
- ما يحدث فى جنوب السودان أمر متوقع نتيجة ظروف متشابكة، فالبيئة مهيأة لاندلاع عنف، والمجتمع منقسم عرقيا وقبليا، والإدارة السياسية دبَّ فيها الفساد، هذا بالإضافة إلى توافر السلاح بين الفصائل المتناحرة، ووجود قوى لها أهداف متضاربة، هذا ناهيك عن الانتشار المكثف للميليشيات.

والحقيقة أن جنوب السودان فى المرحلة الأولى من الصراع، وهناك سحب حرب أهلية كثيفة تخيم على البلاد، وهو أمر شديد الخطورة على دول حوض النيل، لذلك هناك محاولات مستميتة إقليميا ودوليا للحيلولة دون ذلك.

إن النظر إلى التركيبة العرقية بجنوب السودان تكشف عن أن جماعة «الدنكا» التى تشكل %40 من السكان تريد أن تستأثر بالسلطات، خاصة أن غالبية القيادات ينتمون إليها، وهناك قبيلة «النوير»، وتمثل %20 من المجتمع، فضلا على الجماعات الصغرى التى تتخوف من هيمنة وسيطرة «الدنكا» على مفاصل الدولة، وهو تخوف منطقى، لذلك تسعى الجماعات الأقل عددا إلى حلول سياسية تمنحها فرصة للتعايش والحصول على حقها فى السلطة والثروة.

الكثيرون يتهمون سلفاكير رئيس جنوب السودان بالتسبب فى الأزمة.. فهل هذا صحيح؟
- أقال سلفاكير 8 وزراء فى يوليو الماضى، والعديد من المسؤولين مؤخرا، بما أشاع شعورا بأنه يحث خطاه نحو الاستئثار بكل شىء، عبر تغيير قواعد اللعبة السياسية الداخلية، بما ينسف فرصة أى مرشح له فى الانتخابات الرئاسية، كما أجرى تغييرا لقواعد الترشح بحيث جعل مجلس شورى حركة التحرير الشعبية يختص دون غيره بتقديم المرشحين بديلا عن المكتب السياسى الذى يحظى منافسه «مشار» بأغلبية داخله، الأمر الذى فجر الوضع الداخلى، إلى درجة أن نبرة الحديث صارت تعلو من حين لآخر حول تقسيم الجنوب المنفصل حديثا عن السودان.



وهل يعتبر سيناريو التقسيم ممكنا؟
- تقديرى أن التقسيم شبه مستحيل، فجنوب السودان أحدث دولة فى العالم حيث استقلت فى يوليو 2011، وهى دولة حديثة لا يوجد لها سواحل وتعانى من صعوبات تتعلق بتصدير البترول، والخرطوم عاصمة الشمال هى منفذها الوحيد، وقد تفاقمت المشكلات بين الدولة الأم «السودان» والتى أصبحت دولة الشمال، والدولة الحديثة «جوبا» بالجنوب، مؤخرا حول البترول وإمكانية تصديره.

ومن المعلوم أن الدخل القومى للجنوب يعتمد بصورة كبيرة على تصدير البترول، الذى يمثل %98 منه، مما يعنى ضرورة الوصول إلى تهدئة تكفل مصالح الكيانين.

على أن الأمر ليس بهذه البساطة، فالاحتقان قد ينسف فرص الحل، وقد يدفع المقسم إلى مزيد من التقسيم، وهذا خطر داهم على المنطقة بأسرها.

هل من الممكن أن ترسل واشنطن قاعدة عسكرية إلى الجنوب؟
- فى حالة تدهور الأوضاع، سيحدث تدخل خارجى، وأعتقد أن واشنطن ستتعاون مع كينيا أو أوغندا لإقامة قاعدة عسكرية أمريكية فى جنوب السودان، وسيكون هناك تواجد أجنبى خارج نطاق الأمم المتحدة، مما سيؤثر على الأمن الأفريقى بأسره والمصالح المصرية والسودانية بشكل خاص.

ما تقييمك للسياسة الخارجية لدولة جنوب السودان مع دول المنطقة؟
- جنوب السودان استقل بعد فترة طويلة من الصراع والحرب الأهلية مع الشمال، وقد تجرع الجنوبيون مرارة المعاملة السيئة والاستعلاء من الشمال، وهم يعتبرون الشمال جزءًا من العالم العربى، الذى لا يحمل ودا لهذه التجربة.

هذا الشعور بالمرارة يدفع الجنوب إلى البعد عن المحيط العربى، لأن السكان عرقيا أفارقة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، هناك تخوف من العرب، وهو الأمر الذى دفع إلى رفض الانضمام إلى الجامعة العربية.

ما تأثير الوجود الكينى والأوغندى فى جنوب السودان على المصالح المصرية؟
- وجود الدولتين قد يشكل تغييرا كبيرا فى قضية ملف النيل، فكينيا وأوغندا ترغبان فى ضم الجنوب إلى اتفاقية عنتيبى، لكن جنوب السودان تعى أن إقدامها على ذلك سيضعها فى مشكلات عدة مع الشماليين ومع مصر والدول العربية التى دفعت باستثمارات إلى الجنوب.

يتهم الجنوب حكومة الخرطوم بدعم الاضطراب.. فهل هذا منطقى؟
- أن تتوجه أصابع الاتهام إلى الخرطوم، فهذا لأنها «عدو قديم»، وهذه رواية من السهل تصديقها من قبل سكان الجنوب، لكن الشمال لا يمكن أن يكون مستفيدا من وجود اضطراب فى «حديقته الخلفية»، لأن ذلك سينعكس سلبا على تصدير البترول، فالجنوب يمتلك ما يقارب من %75 من المخزون الموجود فى السودان إجمالا، وتوقف تصدير البترول لمدة عام، أسفر عن حرمان الجنوب من 650 مليون دولار شهريا، هذا ناهيك عن حرمان الشمال أيضا من عادات كبرى.. مما يجعل تدخل الشمال فى الأزمة مستبعدا.



ماذا عن التدخل الإسرائيلى؟
- أتصور أنه ليست هناك مصلحة إسرائيلية فى اندلاع حرب أهلية بالجنوب، لكنها ترغب فى حكومة تذعن إليها، والمؤكد أنه لن تقبل حكومة فى جنوب السودان إملاء كما تقبل حكومة على رأسها «سلفاكير» الذى ترعرع فى كنف الدولة العبرية، التى كان لها دور كبير فى انفصال الجنوب، ومن ثم ليس ممكنا أن تقف وراء الانقلاب عليه.

كيف يمكن للدبلوماسية المصرية أن تتدخل لحل الأزمة فى الجنوب؟
- لابد أن نعترف أننا فى وضع استثنائى والظروف الداخلية فى مصر تعرقل التحركات الدبلوماسية، فلو نجحنا فى عملية الاستفتاء على الدستور فقد يستطيع وزير الخارجية المصرى التحرك إلى الجنوب ويلتقى الأفارقة.

والحقيقة أن التحرك المصرى لمواجهة الأزمة أصبح ضرورة حتمية، فالوضع الحالى لا يسمح لشمال السودان القيام بهذا الدور، والجنوبيون يعتبرون الخرطوم وسيطا غير نزيه، بعكس مصر التى يثق فيها الجنوبيون لأنها ليس لها مصلحة مع «سلفاكير» أو «مشار».

إن الغياب الدبلوماسى المصرى تسبب فى أن دخلت إثيوبيا على خط الأزمة، فوزير خارجيتها «تواضروس أدهانوم» يقود فريق الحوار مع الطرفين، وقد تحدث مع سلفاكير ومشار، وأكد أنه توصل لحلول إيجابية.

والغريب أن التحرك الإثيوبى ينشط فى حين أن لمصر دورا محوريا فى دعم الجنوب، فقد قدمت منحا لا ترد بقيمة 240 مليون دولار عام 2012، منها 26.5 مليون دولار لتنفيذ مشروعات مائية للرى، وكانت هناك دراسة لبناء سدود صغيرة لتوليد الطاقة، كما تدرس مصر مشروع الربط الكهربائى مع جنوب السودان، إضافة إلى برنامج مصرى لحفر الآبار، هذا ناهيك عن المنح التعليمية للجنوبيين، لكن علينا فى كل الحالات أن نعترف بأن دورنا مايزال منقوصا.



هل يمكن القول بأن السودان خذل مصر فيما يتعلق بسد النهضة؟
- ما يحكم الموقف السودانى هو اتفاقية 1959 المبرمة بين مصر والسودان، وتلزم الطرفين العمل معا فيما يتعلق بأى مفاوضات بخصوص النيل.

تقديرى للمشهد أنه يجب أن يكون التنسيق المصرى السودانى أعمق، لأن هناك مصالح يجب أن تصطفا معا من أجلها.

إن السد يقام بمنطقة فى جنوب إثيوبيا ملاصقة للحدود الجنوبية للسودان، وتبعد ما يقرب من 40 كيلومترا عن السودان، وهى منطقة متنازع عليها بين إثيوبيا والسودان، والواقع أن هناك احتمالات أن يكون تم إبرام اتفاق سرى بين إثيوبيا والسودان يقضى بتنازل إثيوبيا عن منطقة «الفشقة» المتنازع عليها، مقابل بناء سد النهضة، والسودان له مصلحة فى بناء السد لأن إثيوبيا تمثل عنصرا للتقريب بين الجنوب والشمال.

كيف تنظر إلى المفاوضات التى تقودها الحكومة المصرية والسودانية لحل الأزمة؟
- المفاوضات الأخيرة بين الطرفين المصرى والإثيوبى واتفاقهما على فكرة الإدارة المشتركة طبقا لمبادرة من رئيس الوزراء الإثيوبى جعلتنا نعتقد أننا سنصل إلى حل سريع للأزمة، لكن هذه المبادرة تعد استهلاكا للوقت والمراوغة للانتهاء من تشييد السد.

ماذا لو فشلنا فى الوصول إلى حل عن طريق التفاوض؟
- لو فشلنا فى المفاوضات السياسية فأمامنا إجراءان لا ثالث لهما.

أولا اللجوء إلى القضاء الدولى لتحريك دعوى ضد إثيوبيا، والحل الآخر عسكرى وهو توجيه ضربة عسكرية للسد لأنه يضر بمصالحنا، وإن كنت لا أحبذ الحل العسكرى، لكن إن كان الوحيد فعلينا به.

كيف تعامل مبارك ومرسى مع ملف النيل؟
- الرئيس الأسبق مبارك كان مهملا وفوض السلطات الأخرى للتعامل معه، وفى مفاوضات «كنشاسا» تعمقت الأزمة بانسحاب المفاوضين المصرى والسودانى من مفاوضات وزراء الموارد المائية الأفارقة، وقد فشلت كل الجهود لحل الأزمة وتم تحويل ملف النيل إلى رئاسة الجمهورية التى لم تحرك ساكنا.

لقد كنت أول أكاديمى حذر من الأزمة، وأكدت فى عام 1996 أننا نواجه مشكلة حقيقية فى أفريقيا، وفى حوض النيل تحديدا، ولم يهتم أحد وكل ما قام به المسؤولون تمثل فى سعى عمرو موسى وزير الخارجية المصرى آنذاك للانضمام إلى «الكوميسا» لنقترب أكثر من أفريقيا لكن لم نر تطورا ملموسا.

وفى 2002 بمناسبة مرور 50 سنة على ثورة يوليو 1952 عرضت القضية مرة أخرى على مسؤولين فى الأمن القومى والقوات المسلحة، أكدت أن مصر تركز على الداخل ولا تنظر إلى الخارج ولا تهتم بمصالحها الداخلية، وعلق الرئيس مبارك فى مؤتمر بالإسكندرية على كلماتى بالحرف: «بيقولوا أن مصر بتركز على الداخل وبتتجاهل الخارج أيوه أنا مركز فى الداخل».

إهمال الملف الأفريقى سبب لنا مشكلات عديدة وتم إقصاؤنا من أفريقيا وأنشأت الولايات المتحدة «الأفريكوم» وهى قوات موحدة مقاتلة تحت إدارة وزارة الدفاع الأمريكية، وتم استبعاد مصر منها وتم وضعها فى إطار المنطقة المركزية الأمريكية فى الشرق الأوسط، لم يعد لنا تنسيق عسكرى مع الولايات المتحدة فى أفريقيا، وقد أكدت أن ذلك نذير شر ويعنى خروج مصر من أفريقيا، وهذا ما حدث بالفعل، وقد أعطت واشنطن أدوارا إقليمية لدول أخرى مثل كينيا وأوغندا ونيجيريا وإثيوبيا وجنوب أفريقيا والسنغال، وإسرائيل بالقطع تعمل جيدا فى أفريقيا.

أما تعامل الرئيس السابق مرسى فكان قمة المهزلة والاستهتار بأمن مصر القومى إلى حد بث مؤتمر هزلى على الهواء، بهدف توريط المعارضة أمام الرأى العام، دون النظر إلى خطورة بث المؤتمر على هيبة الدولة المصرية.



للمزيد من التحقيقات

"الكهرباء" تضيف 3350 ميجا وات لمواجهة صيف 2014.. وتعليمات مشددة لرؤساء المحطات بسرعة الانتهاء من أعمال الإنشاء.. ومصادر: الأزمة المقبلة فى توفير الطاقة خارج سيطرة الوزارة

سياسيون يرفضون مبادرة الحزب الإسلامى ويصفونها بـ"مضيعة للوقت".. وإسلاميون يرون تطبيقها فى المستقبل.. الحركة الوطنية: كلام فارغ ومرفوضة على الإطلاق.. جمال زهران: وقت المبادرات انتهى

"تمرد" فى مؤتمر جماهيرى بالخانكة للحشد يومى الاستفتاء: نؤيد السيسى رئيسًا.. وحسن شاهين: التصويت بنعم على الدستور واجب وطنى.. محمود بدر: تمريره محافظة على شرعية 30/6..وهتافات "السيسى رئيسى"

قنصل نيويورك لـ"اليوم السابع": التصويت يمر بسهولة ويسر.. وزيادة نسبة إقبال المصريين بالخارج على الاستفتاء.. وزيادة 30% بقوائم المسجلين بكشوف الانتخابات






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة