نقلا عن اليومى...
ينظر «عبدالوهاب شندوبة» 16 عاما فى ساعة يده تقترب عقاربها من الثامنة مساء، حيث موعد انتهاء عمله، يهرول مسرعا إلى ملعب كرة القدم بمنطقة بيت العائلة بالسادس من أكتوبر، متناسيا الإجهاد وساعات العمل الطويل، ويتذكر فقط حصته اليومية من طفولة لم يعد يملك منها سوى كرة قدم وملعب مغلق بأسلاك حديدية.
عبدالوهاب شندوبة هو واحد من مئات الأطفال السوريين الذين أجبرتهم ظروف الحرب على ترك منازلهم، وحياتهم وأتوا لمصر مع عائلاتهم محملين بأعباء تبدأ من ذكريات حرب قاسية وتنتهى بمسؤوليات مادية، واجتماعية تم إجبارهم على تحملها.
تتنوع معاناة الأطفال السوريين بين العمل وتحمل المسؤولية والاستغلال سياسيا واجتماعيا، فبعضهم يتعرض للاستغلال السياسى والمشاركة فى التظاهرات، والبعض يتعرض للاستغلال الاجتماعى من قبل عصابات أطفال الشوارع المصريين وآخرين يحاولون الهجرة بشكل غير شرعى بحثا عن لقمة العيش وتأمين حياة كريمة لأبنائهم.
لقمة العيش أولا
البداية مع الأطفال الذين يعملون من أجل توفير لقمة العيش، وتشير حالة عبدالوهاب شندوبة إلى ما يحدث لمئات ممن يدفعهم تدهور أحوالهم المادية للعمل من أجل إعالة أسرهم بعد أن فقدوا عائلهم، بسبب وفاته فى الحرب أو تعرضه لإصابة تمنعه من العمل.
تتمركز أغلب عمالة الأطفال السورية بمنطقة «بيت العائلة»، حيث يسكن عدد كبير من عائلاتهم وتتنوع أعمالهم بين غسل الأطباق والتنظيف فى المطاعم، والمصانع مقابل أجور مالية تبدأ من 500 جنيه شهريا حتى 1200 وفقا لعدد ساعات العمل وطبيعته.
يقول عبدالوهاب الذى لم يتوقف عن فرك عينيه أثناء الحديث، لتطبيقه ورديتين متتاليتين فى العمل وعدم قدرته على النوم، «أقوم بتأمين مبالغ مالية لى ولأسرتى».
ويستطرد حديثه قائلا «أعيل أسرتى الآن بعد توقف والدى عن العمل لإصابته فى يده أثناء عمله بأحد مصانع البلاستيك المصرية، وأحصل على أجر مقابل 1200 جنيه يوميا وهو مبلغ جيد مقارنة بما سبقه الذى لم يزد عن 900 جنيه».
وفقا لعبدالوهاب فمن المفترض أن يدرس بالصف الثالث الإعدادى، ولكنه لم يكمل دراسته بسبب ظروفه المادية القاسية، ويقول «كنت أحلم بإتمام دراستى وأجبرتنى الظروف على تركها».
فلعبدالوهاب الموجود بمصر منذ 8 أشهر خمسة أخوة هو أكبرهم، مسؤول عن إعالتهم بالكامل، يصف عبدالوهاب العمل الذى لم يعتد على القيام به من قبل بالشاق، قائلا «أعمل فى مصنع لتصنيع الجراكن البلاستيك، ودوام عملى هو 12 ساعة يوميا، تبدأ من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساء».
أصعب ما فى العمل كما يؤكد عبدالوهاب، هو حمل المعدات الثقيلة داخل المصنع، إضافة إلى طول فترة ساعات العمل.
يقضى عبدالوهاب ساعة ترفيه واحدة يوميا ويلعب بها كرة القدم مع أصدقائه بالملعب الصغير بالحى الذى يسكن به بمنطقة السادس من أكتوبر.
وبمنزل بسيط مكون من غرفتين لا تزيد مكوناتهما عن قطع صوف مبطنة للنوم والجلوس وأغطية يستخدمونها بديلا عن السجاد، يقطن مؤيد بسام 16 عاما الذى لا تختلف قصته مع العمل كثيرا عن عبدالوهاب سوى فى التفاصيل فمؤيد، بدأ يعمل منذ شهرين بعد أن أنفقت الأسرة كل الأموال المدخرة التى أتت بها من سوريا.
مؤيد الذى ترك دراسته وقرر أن يعمل بعد أن أجبرته ظروف عائلته على هذا يقول «لا يوجد عائل بالأسرة بعد والدى غيرى فلى خمسة إخوة منهن أربع بنات وولد صغير يتمم دراسته، فتركت دراستى وعملت لتوفير راتب شهرى لهم».
مؤيد يعمل بمصنع خياطة، يحصل منه على راتب 900 جنيه شهريا وهو مبلغ قليل لا يتوافق مع حاجة الأسرة المفترض أنه يوفر لها إيجار البيت ومصاريف المنزل.
يعمل مؤيد ثمانى ساعات تبدأ من الساعة السابعة صباحا حتى الرابعة عصرا، ورغم ضعف الراتب، لكن مؤيد يقبل به لأنه لا يستطيع تحمل مشقة العمل الآخر ذى الأجر المرتفع والجهد الأكبر.
تعرض مؤيد من قبل إلى عجز باليد لعدم قدرته على رفع المواد الثقيلة بمصنع الحفاضات.
أما حمزة الرفاعى فحتمت عليه ظروف الحرب أن يترك أسرته بسوريا للعمل وتوفير راتب شهرى لهم، ويقول «تركت أسرتى بسوريا وقدمت لمصر للعمل وإرسال أموال لهم، بعد أن فقدوا مصدر رزقهم الوحيد إثر القصف».
يعمل حمزة فى مصنع للخياطة بمبلغ 900 جنيه شهريا ينفق منها 300 جنيه ويرسل الباقى لأسرته.
الاستغلال من قبل أطفال الشوارع والعمالة الرخيصة
يتعرض الأطفال السوريون للاستغلال من قبل أطفال الشوارع المصريين، فيما يعرف بالعمالة الرخيصة.
ويقول أحمد مصيلحى الناشط بائتلاف حقوق الطفل والذى رصد عددا من هذه الحالات، لم نستطع مقابلة أحد منهم «الأطفال السوريون فى مصر يواجهون عددا من المشاكل تبدأ بالعمل فيتم استغلالهم باعتبارهم عمالة رخيصة، يحصلون على أجور أقل من العمالة المصرية، فى ورش تصليح السيارات بمنطقة السيدة زينب والمعادى».
ويضيف مصيلحى «كما يتم استغلال الأطفال الذين يفقدون أسرهم بعد القبض عليهم وترحيلهم من قبل عصابات أطفال الشوارع غير المنظمة، الذين يستخدمونهم فى التسول وبيع المناديل». وأكد مصيلحى أن ما حدث للأطفال السوريين مخالف لحقوق الطفل.
الاحتجاز والهجرة غير الشرعية
تعرض عدد من الأطفال السوريين للاحتجاز بعد القبض عليهم أثناء محاولتهم الهجرة بشكل غير شرعى من مصر ومنهم طارق جمال 16 سنة ويعيش مع أسرته فى مطروح ويقول «حاولت الهجرة للسويد، لتوفير أموال لأسرتى ثم مساعدتهم على الهجرة من مصر إلى هناك، ولكن قوات الشرطة المصرية أحبطت محاولة سفرى أنا ومجموعة من الشباب وقاموا باحتجازنا لمدة ثلاثة أشهر، قضيناها فى قسم الشرطة بالاسكندرية».
ويقول والد طارق «نعلم أننا خالفنا القانون المصرى ولكننا لم نخالف القانون الإنسانى.
يتذكر طارق المكان الذى احتجز به جيدا ويقول «احتجزونى مع الرجال الكبار، لأن الأطفال ينامون مع أمهاتهم فى مكان الحجز المخصص للسيدات».
استغلال الأطفال بالتظاهرات السياسية
يشارك فريق دفاع الائتلاف المصرى لحقوق الطفل فى الدفاع عن أحد الأطفال السوريين الذى تم القبض عليه أثناء الاشتباكات التى وقعت بميدان عبدالمنعم رياض بين أنصار جماعة الإخوان المسلمين والشباب المعارضين.
ويقول فادى وجدى المحامى عن المتهم «بدأت قصة الطفل السورى عندما تعرف على أحد السوريين بالصدفة والذى حدثه عن توفير عمل له فوافق، فاصطحبه إلى مجموعة من القيادات الإخوانية بمنطقة 6 أكتوبر الذين أعطوه مبلغا ماليا، وأكدوا له أنهم سيعاودن الاتصال به». وأضاف وجدى: ثم اتصلوا به، وطلبوا منه الذهاب للشرقية وأعطوه خرطوشا للمشاركة فى تظاهرة هناك، وبعدها عاودوا الاتصال به للمشاركة فى اشتباكات عبدالمنعم رياض حيث قام بضرب خرطوش وطوب على معارضى جماعة الإخوان. ويستطرد وجدى: وأثناء محاولته الهرب تم إلقاء القبض عليه ومن وقتها وهو محتجز بالمؤسسة العقابية بالمرج، حيث يتعرض للاعتداء.
للمزيد من التحقيقات...
الكنائس تحشد للتصويت بـ"نعم" فى الاستفتاء.. البابا تواضروس: نعم تعطى بركات وخيرات.. والأرثوذكسية تشكل غرفة عمليات مركزية وأساقفتها يحشدون الأقباط.. والإنجيلية والكاثوليكية يدعون لتمرير الدستور
المنافسة على رئاسة "الدستور"تشتعل فى الساعات القادمة..ولجنة الانتخابات تغلق باب الترشح ظهر اليوم..هالة شكر الله تحسم قائمتها.. وحسام عبد الغفار يشكل فريقه النهائى..والغموض يحيط بموقف جميلة إسماعيل
سياسيون يشيدون بموقف الفريق السيسى حال الترشح للرئاسة.. ويؤكدون: حصل على تفويض الجيش بتصفيق القادة والشعب يقول كلمته فى استفتاء الدستور.. وحملة "مصر بلدى" تدعو لفعاليات يوم 25 يناير لتفويضه للمنصب
حدود مصر تحت السيطرة الأمنية قبل الاستفتاء..مصادر:القرضاوى زار ليبيا منذ أسبوع لتفقد معسكرات جهاديين أنشأت بدعم قطر وتركيا..والأمن يتحد مع القبائل لضبط الحدود الغربية..وتشديد على غزة للتصدى للتكفيريين
أطفال سوريا اللاجئون فى مصر.. جيل البراءة المفقودة .. يعملون فى ظروف شاقة مقابل أجور متدنية.. ويتم استغلالهم فى الأحداث السياسية
الأحد، 12 يناير 2014 10:00 ص