أسامة داود

الصحافة والحرب المقدسة

الجمعة، 06 سبتمبر 2013 03:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحرب على الصحافة تحولت إلى حرب مقدسة، حتى ممن استفادوا منها، وكانت الصحافة السند لهم ضد هجمات الأنظمة عليهم على مدار التاريخ.

كانت الصدمة قاسية للجماعة الصحفية ولمجلس نقابتها بعد إعلان مسودة الدستور الأخيرة التى أعلنت عنها لجنة العشرة المعنية بمراجعة دستور 2012 المشوه، ولكن على ما يبدو أن حرية الصحافة تحولت إلى غصة فى حلوقهم.. فقرروا الإبقاء على التشوهات التى أقرها دستور 2012 فيما يخص الصحافة.

لم أكن أتوقع أن تأتى لجنة العشرة وتنحاز ضد حرية الصحافة وألا ترى فيها سوى ما كان من عدم التطرق إلى أخطر 3 قضايا تخص الصحفيين، وهى عدم إقرار إلغاء العقوبات السالبة للحريات فى قضايا النشر واستبدالها بالغرامة، ولم تتطرق إلى تعديل الخطر القائم، والذى يقر تعطيل وإلغاء ومصادرة الصحف بموجب حكم قضائى، وهذا أكبر خطر لأن التشريعات والتى من المتوقع أن تصنع على يد أى نظام يكره الصحافة، وبكل تأكيد أن الأنظمة جميعها تكون فى عداء مع الصحافة، لأن الصحافة هى التى تكشف عن الفساد والمفسدين، وهى صوت المجتمع، بينما أى نظام يريدها صوتاً له وهى سند المظلومين، بينما أى نظام يريدها سنداً ومعيناً له.

والتعديلات التى أجرتها لجنة العشرة هى مقدمة غير مبشرة لقرارات منتظرة من لجنة الخمسين، التى هى الآن فى مرحلة التكوين، وسوف يصدر قرار بها قريباً.

أزمة الصحافة مع المجتمع صنعها تشويه متعمد من الإخوان خلال فترة حكمهم، التى لم تتجاوز العام، فقد بدأ التشويه بإلصاق اتهامات للصحافة بتوصيفات منها سحرة فرعون، وتناسوا أن الصحافة مثلما هى العين الناقدة للتصرفات الشاذة لنظام حكم الإخوان مثلما كانت هى تقوم بنفس الدور تجاه نظام مبارك.

فالصحافة تمثل سنداً للجانب الأضعف فى ذلك الوقت، وهى المعارضة، ومنها تيار الإخوان المسلمين أنفسهم، لكن على ما يبدو أن الإخوان قد نسوا فضل الصحافة عليهم وعلى المجتمع كله. وأرى أن هجوم الإخوان على الصحافة كان ممنهجاً بطريقة جعلت العديد من شرائح المجتمع تنظر إلى الصحافة بنوع من الريبة والتوجس، وعلى أساس أن الصحفيين يريدون أن يحصدوا مزايا تزيد على باقى المجتمع وهذا غير حقيقى.

ولأن الصحافة هى عين المجتمع ومرآته، وأن حرية الصحافة تخدم حرية المجتمع وتمكنه من كشف ما يدور فى كواليس نظم الحكم ودهاليز الحكومات.

والصحافة الحرة هى التى يمكنها الدفاع عن قضايا لمجتمع دون خوف، بينما تكبيل الصحافة بقوانين تعرقل حريتها سوف ينعكس سلباً على حرية المجتمع وسوف تتقلص قوتها فى الدفاع عن حقوق المواطنين والدولة كلها وهنا سوف يترعرع الفساد وينتشر دون القدرة عن الكشف عنه.

لابد للمجتمع أن يعلم أنه لولا الصحافة ما كانت ثورة 25 يناير، والتى قامت لمواجهة الفساد وتجبر السلطة التنفيذية وفساد النخبة الحاكمة.

كانت الصحافة هى التى كشفت عن مخططات التوريث وصفقات الفساد فى بيع القطاع العام وإهدار المال العام وتوغل طبقة رجال الأعمال التى كانت تمتص دماء الشعب، وعلى يديها تزايدت شرائح الفقر فى المجتمع، بينما تضاعفت ثروات طبقة رجال الأعمال وبعد الزواج غير الشرعى للثروة بالسلطة.

هذه هى مهنة الصحافة، وعلى المجتمع أن يختار ما بين صحافة حرة حتى يضمن حريته أو صحافة مكبلة بالقيود تجعل من حكامه جبابرة وفراعنة عليه!.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة