نقلاً عن اليومى..
أجواء حرب تعيشها شمال سيناء، بكل ما تحمله الكلمة من المعانى.. ثمة مشاهد لا تخطئها العين: «جدران عليها آثار رصاص، واجهات متاجر محطمة، وشوارع كاملة أصبحت أرضا للأشباح، بعد هجرها أهلها، أما المبانى الحكومية فهى كومات من الركام والحطام، بما فيها أقسام الشرطة ومكاتب البريد والمدارس».
تبدأ الجولة بحى الصفوة، حيث قسم رابع العريش.. المبنى أصبح أطلالا متهالكة، أثرا بعد عين، ولم يبق منه إلا صورة شاحبة فى ذاكرة المواطنين.
يقول أحد الشباب: لا يبدو أن هناك نية لإعادة بناء القسم، فمنذ ثورة يناير انتهى هذا المبنى بعد تدميره من قبل الجماعات المتطرفة.
أما نقطة الإسعاف «الوحيدة» بالعريش، فيقف أمامها أربعة عمال على أتم الاستعداد لوقوع كارثة جديدة ينتج عنها سقوط ضحايا جدد.. الموت هنا ليس مجرد جزء من الحياة، إنه أهم مفردات اليوم.
وفى محيط الحى الرئيسى وعلى بعد أمتار من قسم رابع توجد كنيسة «مار جرجس» الكنيسة الأم فى العريش، وهى مغلقة بعد حرقها وسرقة محتوياتها يوم 30 يونيو الماضى.
شهود عيان بالمنطقة أكدوا أن ملثمين كانوا يستقلون دراجة نارية ألقوا زجاجات مولوتوف على الكنيسة التى احترقت ساعات دون وصول قوات الإطفاء.
ويقول أحد أهالى المنطقة واسمه عبد الحميد سنهود، صاحب محل أدوات كهربائية: الكنيسة كانت مغلقة بالجنازير قبل 30 يونيو بعشرين يوما، ولم تؤد فيها الصلوات، والأمن لم يكن موجودا قبل الحادث بشهرين، وعندما هجم الملثمون لم يردعهم أحد، مضيفا: «أصحاب المحلات أغلقوا الأبواب، والمتطرفون نهبوا الكنيسة وكتبوا على أبوابها عبارات منددة بعزل مرسى وتهديدا بعقاب الأقباط فى حال سقوط الرئيس المنتخب».
وضع الأهالى فى محيط الكنيسة والمصالح الحكومية أكثر من بائس، فالتجار لم يستطيعوا فتح متاجرهم لطلب الرزق إلا منذ أيام، ومن كان يملك القليل من الشجاعة لفتح متجره، يشعر بالخوف على حياته.
ويقول أحد التجار: فى ثورة يناير كان الإسلاميون يحرسون الكنائس لكن بعد يونيو لم يعد أى منهم يشارك الأهالى فى حماية مقدسات الأقباط، بل على العكس، هناك تهديدات مباشرة منهم للاعتداء على الأقباط، ومعروف أن عددا كبيرا من أقباط سيناء هاجروا خوفا من حملات الغضب والكراهية.
بعض أهالى المنطقة أرجع حوادث الكنائس إلى عناصر السلفية الجهادية وبعض المتشددين من أتباع الجماعة الإسلامية والبعض الآخر أشار إلى أنهم مجموعة بلطجية غير معروفين لدى السكان ولا أحد يستطيع الجزم بما يبتغون من إشعال الموقف.
الحاج المهدى 55 عاما يروى ما حدث يوم 30 يونيو قائلا: «دفع اثنان من أهالى الحى حياتهما ثمن محاولة حماية الكنيسة، حيث اعتدى عليهما ملثمون مسلحون، فأسقطوهما مضرجين بدمائهما بعد أن استقبل صدرهما طلقات الرصاص من البنادق الآلية».. مضيفا: «نعيش جميعا الخوف مسلمين وأقباطا، لا أحد يعلم مصيره، فإن لم يكن إرهاب المسلحين يكون ارتفاع الأسعار الجنونى ونقص الموارد الأساسية، كما نعانى من أزمة فى السولار والمياه وبعض السلع التموينية».
وفى محيط حى مسجد الرفاعى، بدأت موجة جديدة من أحداث العنف، لا تزال آثارها واضحة على جدران الحى والمقرات الحكومية، ففى شارع الجيش تكمن المأساة الأكبر حيث توجد معظم المبانى الحكومية بعد أن أصبحت ركاما محطما.
ووفقا لشهادة شهود العيان فقد خرجت مظاهرات يحمل المشاركون بها الأحجار «الدبش» والأسلحة البيضاء فتوجهوا إلى مبنى المطافئ وعربات المدرعات التى كانت تقف أمامها، ليطوقهم من الجهة الأخرى بعض العربات التى تحمل الأسلحة الآلية كان الهدف يتمثل فى شل مفاصل الدولة وإشعال الجحيم.
ولا يقل المشهد داخل مبنى المطافئ سوءًا عن المشهد خارجه، فهناك عشرات الملابس لرجال الإطفاء ملقاة على الأرض، وامتدت أيادى الخراب إلى غرفة المراقبة خريطة الحماية المدنية ممزقة تحمل بعض آثار الدماء، وعلى سلالم المبنى دفاتر السلامة الأمنية محترقة لم يتبق منها شىء، وعلى الجدران الرئيسية جملة بالأحمر العريض «جمعة 30 يونيو إعدام السيسى».
ويؤكد الأهالى أن الاشتباكات بين قوات الجيش والشرطة والعناصر الإرهابية استمرت نحو ثمانى ساعات متصلة، كانت حربا حقيقية لدرجة أن سماء العريش بقيت مضاءة بالطلقات النارية بعد رحيل الشمس. وعلى مقربة من مبنى المطافئ، حيث مبنى البريد والمخبز، لا آثار للحياة، حتى تشعر بأنك هبطت على كوكب المريخ، أما مبنى أمن الدولة القديم، فمنذ تحطم فى ثورة يناير، لم يعد حتى الآن.
ووفقا لشهادة محمد صبرى فإن الإسلاميين اتخذوا وقت اشتباكهم مع قوات الأمن المبنى مركزا للاحتماء وتوجيه الضربات لأفراد الأمن.
ورغم مرور عامين ونصف العام على تحطيم مبنى أمن الدولة لا يزال الركام فى مكانه ولم يتم رفعه، وهو مشهد يوحى بالخراب لسكان المدينة.
ويؤكد البدو أن أتباع التيار الإسلامى كانوا يريدون الانتقام من المبنى الذى كثيرا ما اعتقلوا فيه وتعرضوا للتعذيب، مشيرين إلى أن بعضهم أقام «صلاة شكر»، داخل المبنى عقب تنصيب الرئيس المعزول محمد مرسى.
العريش.. مدينة الأشباح والحطام والحرائق .. آثار الرصاص على الجدران ومبانى الدولة محطمة والدكاكين مغلقة.. والملثمون يحكمون
السبت، 14 سبتمبر 2013 10:11 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رفاعي
كلام قديييييييييييييم
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن سيناوى
الرجاء النشر