أصبح عجز الموازنة العامة بمثابة الصداع المزمن فى رأس الحكومات المتعاقبة، خاصة مع استمرار ارتفاعه بمنحنى تصاعدى، أدخل الاقتصاد المصرى فى منحنى شديد الخطورة متخطيا نسبة الأمان المتعارف عليها عالميا.
حقق عجز الموازنة العامة للعام المالى المنقضى 2012/2013 ارتفاعا كبيرا هو الأعلى على الإطلاق، بقيمة 240 مليار جنيه تمثل نسبة 13.8% من الناتج المحلى الإجمالى، بحسب ما كشفته مسودة الحساب الختامى لعام حكم الإخوان المسلمين، الذى انتهت وزارة المالية من إعداده قبل أيام.
وقال مصدر مسئول بالوزارة، إن هذه التقديرات مبدئية وقابلة للتعديل، على أن يصدر بها قرار بقانون من رئيس الجمهورية باعتماد الحساب الختامى عقب الانتهاء منه، لعدم وجود برلمان فى الوقت الحالى لمناقشته واعتماده طبقا للقانون.
وأوضح المصدر فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن إجمالى العجز المستهدف بالموازنة السابقة عند إعدادها كان يقدر بنحو 135 مليار جنيه، مشيرا إلى أن سبب الارتفاع الرهيب فى العجز كان وراء فتح 3 اعتمادات إضافية بالموازنة لمواجهة العجز فى تمويل توفير المواد البترولية بقيمة إجمالية بلغت 82 مليار جنيه.
وتابع المصدر إن حيث الوزير الأسبق ممتاز السعيد أصدر قرارا بفتح اعتمادين إضافيين بقيمة إجمالية 50 مليار جنيه، فى حين أصدر الوزير السابق فياض عبد المنعم قرارا بفتح اعتماد إضافى بالموازنة أقره مجلس الشورى المنحل فى آخر أيام انعقاده بقيمة 32 مليار جنيه، وهو ما تسبب فى تخطى العجز للنسبة المستهدفة وحتى توقعات ارتفاعها.
من جانبه قال الدكتور عبد المنعم لطفى مدرس المالية العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بنى سويف، أن عجز الموازنة المتحقق بالحساب الختامى للعام المالى 2012/2013، بنسبة تقارب 14% من الناتج المحلى الإجمالى تعنى كارثة تمويلية على حد تعبيره.
وأوضح لطفى أن المعدل العالمى لاستمرار نسبة العجز فى الحدود الآمنة يتراوح ما بين 1 – 3%، وهو ما يعنى تخطى مصر لمعدل الأمان بواقع 11% تساوى 4.5 ضعف للنسبة المتعارف عليها عالميا.
وأشار مدرس المالية العامة إلى أن هذا الارتفاع الرهيب لعجز الموازنة سيمثل تحديا كبيرا على الحكومة الحالية فى تنفيذ موازنة العام الجارى 2013/2014، والتى تستهدف تحقيق عجز قدره 186 مليار جنيه بنسبة 9.1% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو ما يصعب تحقيقه عمليا فى ظل السياسة التوسعية التى تنتهجها الحكومة الحالية.
وأكد لطفى على أن اتساع العجز يشكل ضغطا متزايدا على الجهاز المصرفى، والذى تعتمد الحكومة عليه بشكل كبير فى سد عجز الموازنة من خلال طرح أذون وسندات خزانة، وهو ما يعنى توقعات ارتفاع أسعار الفائدة على الاقتراض الحكومى، وبالتالى زيادة أعباء سداد هذه الفوائد.
وأشار مدرس المالية العامة إلى أن العجز بموازنة العام المالى الحالى سيشهد زيادة كبيرة عكس ما كان متوقعا، خاصة مع استهداف تحقيق 11 مليار جنيه من تعديلات قانون ضريبة المبيعات والذى كان منتظر إقراره بمجلس الشورى قبل حله، بما يمثل فجوة مبدئية بالإيرادات العامة بقيمة هذا المبلغ، وهو ما ينذر بتخطى العجز لما هو مستهدف بنسبة كبيرة قد تفوق ما حدث خلال العام المالى المنقضى، خاصة فى ظل الاضطرابات التى قد تحول دون قدوم استثمارات جديدة.
جدير بالذكر أن قيمة العجز بالحساب الختامى قد سجل ارتفاعا كبيرا عما رصدته المؤشرات الأولية لوزارة المالية عقب ثورة 30 يونيو قد بين وجود عجز موازنة للعام المالى 2012/2013 بقيمة 234 مليار جنيه تمثل 13.19% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو ما تم تعديله فى المسودة النهائية للحساب الختامى الذى انتهت منه الوزارة قبل أيام قليلة، ليرتفع العجز إلى 240 مليار جنيه بنسبة 13.8% من الناتج المحلى الإجمالي.
وتبين المؤشرات الأولية خطورة استمرار الوضع المالى للبلاد على ما هو عليه، فى ظل ارتفاع العجز بشكل كبير عن الرقم المستهدف فى بداية العام المالى المنقضى بحوالى 135 مليار جنيه، تعادل 7.6% من الناتج المحلى الإجمالى، طبقا لبيان الحكومة المعلن عند مناقشة الموازنة بالبرلمان.
ونتيجة للوقفات الاحتجاجية المتكررة وزيادة المصروفات بشكل كبير خلال العام المالى المنقضى رفعت الحكومة من توقعاتها لقيمة العجز لتسجل قيمة تتراوح ما بين 196- 200 مليار جنيه فى أقصى حالاتها، وهو ما لم تتمكن الحكومة من تحقيقه فعليا، رغم المفاوضات مع صندوق النقد الدولى التى تعتمد على خفض العجز بنسبة 1% سنويا، بحسب تصريحات سابقة لوزير التخطيط الدكتور أشرف العربى وقت توليه الوزارة فى حكومة هشام قنديل.
وقال مصدر مسئول بوزارة المالية لـ"اليوم السابع"، إن نتائج المؤشرات الأولية للعام المالى المنقضى جاءت متطابقة إلى حد كبير مع توقعات خبراء صندوق النقد الدولى أثناء النقاشات حول الوضع الاقتصادى، وهو ما كانت تعترض عليه الحكومة باستمرار مؤكدة قدرتها على تحقيق نسب العجز المستهدف.
وأشار المصدر إلى أن الوضع الاقتصادى الحالى سيئ للغاية، ولابد أن يكون للحكومة الجديدة خطة واضحة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لأن الاعتماد على المساعدات لن يمكن استمراره إلا لفترة محدودة، وإلا يتجه الاقتصاد المصرى لمسار لا يحمد عقباه.
"ختامى" موازنة العام الماضى يحقق أعلى عجز على الإطلاق 240 مليار جنيه.. النسبة قاربت 14% من الناتج المحلى.. وخبير: معدل العجز تخطى حدود الأمان العالمية بـ11%.. وموازنة العام الحالى تحمل الأسوأ
الأحد، 01 سبتمبر 2013 04:41 م