الحائط الصغير لمحل الأدوات المنزلية، الذى ربت منه أولادها هو كل أملاك الحاجة كريمة الشاعر، صاحبة الاثنين والستين عام، هو ميكرفونها الصغير الذى تصرخ من خلاله على المارة بكلمات سياسية فى مرة، ودينية فى مرة أخرى، واجتماعيه فى مرة ثالثة، تندمج مع قلل المياه المتراصة فى نظام مثلما كل شىء فى شوارع حى الزمالك، التى قضت بينها سنوات عمرها بالكامل فى روتين لم تغيره إلى يومنا هذا، يبدأ فى تمام السادسة صباح برشة مياه وتوزيع السلام على رفقاء الكفاح، وينتهى مع العاشرة مساء، عقب يوم عمل طويل يضاف إلى رصيدها الكبير فى الحياة.
مساحة بسيطة، وكلمات أبسط، تنظر لهم الحاجة كريمة بسعادة وتقول: "بس غيروا فى أفكار ناس كتير، وقفوا قدامهم وبان فعنيهم أزاى افتكروا حاجات حلوة يمكن تكون بتضيع منهم، أو نبهتهم لحاجة غلط ذى تتبع مراقبة الناس مثلا اللى كتباها هنا".
تتابع الحاجة كريمة: "كنت بكتب حاجات سياسة اليومين اللى فاتوا لكن اليومين دلو ما بقتش أكتب سياسة ذى الأول، عشان كنت بكتب حاجات للجيش، وكل يوم أرجع ألاقى الإخوان قطعوها، فقولت أعمل حاجة تفضل شوية تبقى بعيد عن السياسة، والناس تقدر تستفيد بيها".
تشير إلى الكافيتريا الممتلئة بالزبائن والمقابلة لمحلها فى شارع يحى إبراهيم، وتقول: "وأنا صغيرة كان ده محل أبويا كان فكهانى الله يرحمه، وكنت بساعده فيه من 6 الصبح بارضو، وبعد ما أتوفى أخويا قرر يخليه كافيتريا بس أنا ما حبتش التغيير ده واشتغلت لوحدى عشان أساعد جوزى، ومن 15 سنة جوزى أتوفى، وشيلت مسئولية أولادى الأربعة".
بنتين وولدين أدخلتهم جميعا الجامعات حتى تخرجوا، ويدرس أولادهم الآن فى مدارس اللغات فى نفس الحى الراقى، ومع كل هذا لم تتخلى السيدة عن شكلها البسيط، ومحلها الصغير الذى تفتحه كل يوم فى السادسة صباح، لترش المياه وتضيف لها إعادة تنميق اللافتات.
.jpg)
.jpg)
.jpg)