أرجعنى رحيل توفيق صالح إلى بعض ما كان بيننا مثلا:
"الجمعة: 13/1/1995: فى جلسة مع المرحوم توفيق صالح والأستاذ نجيب محفوظ حضرها محمد ابنى قلت لمحمد: "ماذا كنت تعنى حين قلت أمس للأستاذ أنه لم يعد ينتمى للبلد إلا الإرهابى لدرجة أنه- دون غيره- يتصور أنه يضحى بحياته من أجلها؟ وأعدت عليه قول الأستاذ أمس إنه لو صح ذلك، فقد تحول الهتاف الرائع، "نموت ويحيا الوطن"، إلى واقع مؤلم يقول: "نموت، ويموت الوطن معنا".
قال محمد: "إن الشعور الذى نفتقده أنا ومن مثلى هو أن الواحد منا لا يمتلك هذا البلد، لا يمتلك الشارع، لا يمتلك المقهى، فى حين أن جيلكم، كان يمتلك البلد فعلا، وهذا هو ما كان يدفع الواحد منكم أن يدافع عنها، ويضحى فى سبيلها ويتمرغ فى ترابها.
رد توفيق صالح مخاطبا الأستاذ :"إن جيلنا لم يكن يمتلك البلد بالصورة التى يتحدث عنها محمد، بل الإنجليز هم الذين كانوا يمتلكون البلد، ويمتلكوننا بالمرة".
رد محمد: "إن وجود الإنجليز لا يمنع الشعور بالامتلاك، قد أشعر أننى أمتلك الشىء حتى لو كان فى حوزة غيرى، فأنا مالكه برغم أن غيرى يستولى عليه الآن، لكن ما دام هو ملكى فسوف يعود إلىّ، بل إن سعيى لاسترداده، قد يزيد من شعورى بامتلاكه".
قال الأستاذ: "إن الجيل الأكبر والسابق والأسبق كان يولد فى "وطن"، ويعيش فى"وطن"، ويملأ وعيه ما هو "وطن"، ثم حلت مسائل أخرى بجوار ما هو "وطن"، ذلك أن الأمور تطورت فحل الدين والأيديولوجى محل الوطن "إسلامية" "لا قومية"، وكذلك "أممية شيوعية".
وحين انهار الاتحاد السوفيتى، وصار التعصب الدينى إلى ما صار إليه، لم يعد الشباب يتبين ما هو الوطن فكان هذا الضياع الذى آلمنى والذى أعلن عنه محمد".
قلت: "إذن فالمسألة ليست أن الشاب الإرهابى هو الذى يشعر بالمسئولية، وبالتالى فهو الذى ينتمى إلى ما تبقى من وطن، وحتى لو أنه يشعر بمسئولية ما فهى مسئولية ضد الوطن، وليست لصالحه ، ثم إن مسئوليته المزعومة تنقلب إلى دافع أعمى لتحقيق ما يفتقده شخصيا من حق الإنتماء إلى أرضه وناسه إلى التمسك المتعصب بأجزاء المفاهيم التى حشروها فى دماغه....إلخ.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
hosam
الطبيب والعالم الوطني الملتزم
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم داود
كان انسانا رائعا
البقية فى حياتك يا دكتور