رصد يوسى ميلمان، أحد أكبر محللى الأمن القومى والاستخبارات الإسرائيلى، فى تقرير مطول بصحيفة "هاآرتس"، كيفية متابعة الأجهزة السياسية والعسكرية الإسرائيلية للأحداث فى مصر، مؤكداً أن تل أبيب تنظر بقلق عميق لتلك الأحداث الجارية فى مصر مع إدراك محبط بأنها لا تستطيع فعل إلا ما هو قليل جداً.
وأضاف ميلمان، أن أفضل مسار لإجراء ممكن أن تتخذه إسرائيل هو أن تجلس ولا تفعل شيئاً مع أمل ضعيف بأن القانون والنظام نوعا ما سيعودان وعلى الأقل اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام المبرمة بين البلدين، والتى صمدت حتى الآن 34 عاماً، ستبقى نوعاً ما على الأقل فى المستقبل المنظور.
وأكد الخبير الإسرائيلى أن هناك مسارين لإجراءات تستطيع إسرائيل اتخاذها، وأن هناك إجراءات اتخذتها بالفعل، أحدهما على "الجبهة الدبلوماسية" وذلك من خلال لعب إسرائيل دور معين فى الاستشارات التى تدور خلف الكواليس مع مسئولين أمريكيين ومن الاتحاد الأوروبى محاولين تقييم الخيارات التى بقيت لهم، مشيرا إلى أن المسئولين الإسرائيليين حاولوا فى عمليات تبادل التقديرات هذه أفضل ما لديهم لإقناع نظرائهم الأمريكيين والأوروبيين ألا يكونوا شديدى اللهجة فى إدانة أعمال العنف التى تحدث فى مصر.
وأشار ميلمان إلى أنه منذ اندلاع ثورة 30 يوينو، عمل المسئولون الإسرائيليون جاهدين لتليين نقد الإدارة الأمريكية الحاد لمصر وإجراءاته.
وأضاف المحلل الإسرائيلى، أن هذا كان نجاحاً جزئياً، حيث وافقت إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما على الأقل جزئياً فى الوقت الحاضر على عدم تعليق مساعدة الـ1.5 مليار دولار المقدمة لمصر والجزء الأعظم منها مساعدة عسكرية، مضيفا أن المسئولين الإسرائيليين، الذين طلبوا عدم ذكر اسمهم بسبب حساسية الوضع، عبروا عن خيبة أملهم للإدانة شديدة اللهجة الصادرة يوم الثلاثاء الماضى عن الحكومة الأمريكية ضد إجراءات الحكومة المصرية لفض اعتصامات "الإخوان المسلمين" من شوارع القاهرة.
وشدد ميلمان على أن قلق إسرائيل هو أن الإدانة والافتقار إلى سياسة أمريكية متماسكة وواضحة سيزيد من الإضرار بأمن إسرائيل.
وأوضح المحلل الإسرائيلى أن المسئولين الإسرائيليين يخشون بشدة فى نهاية المطاف أن تقوض معاهدة السلام والترتيبات الأمنية بين البلدين، لافتاً إلى أن كلاً من إسرائيل ومصر يشتركان بحدود، تمتد 270 كيلومتراً من البحر الأبيض المتوسط إلى منتجع إيلات على البحر الأحمر، وأنه للحفاظ على السلام والهدوء، فقد تعاونت إسرائيل ومصر فى مجال الأمن.
ولفت ميلمان إلى أن إسرائيل قد سمحت مؤخراً أيضاً للجيش المصرى بإحضار تعزيزات عسكرية لسيناء المعزولة السلاح بما فى ذلك مركبات مدرعة وطائرات مروحية حربية فى محاولة، لاجتثاث أوكار الإرهابيين التابعين للقاعدة وأنصارها، وكذلك الخلايا التى وجدت ملجأ فى الصحراء الواسعة والغير مأهولة بالسكان.
وأشار ميلمان إلى أن أعداد الإرهابيين فى سيناء تقدر حالياً حسب التقديرات المختلفة ما بين بضع مئات إلى ثلاثة آلاف، وأن معظم الإرهابيين وأعوانهم من البدو المحليين، وأنهم مدعومون بمتطوعين من اليمن والصومال والعراق و"المنشقين" من حماس فى غزة.
وأضاف ميلمان أن إسرائيل حريصة جدا على سلوك سياسة سلبية غير فعالة فى الحرب ضد إرهابى الجهاد سيناء، وذلك عن طريق تبادل الاستخبارات مع مصر وانتشار بطاريات "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ لاعتراض الصواريخ التى تُطلق باتجاه إيلات، موضحا أن المنطق الإسرائيلى لا يقوم على انتهاك السيادة المصرية وأن يقوض بذلك جهود الجنرال السيسى على كلا الجبهتين، بالتحديد فى الداخل ضد جهود الإخوان المسلمين الهادفة لخلق فوضى ودمار وفى سيناء ضد ما يسمى بالجهاديين.
وأنهى ميلمان تقريره قائلا، "باختصار السياسة الإسرائيلية المخيم عليها فى الوقت الحاضر هو خوف متزايد بأن إسرائيل ليست جالسة فقط على حافة بركان فى حدودها الشمالية المواجهة لحزب الله وللحرب الأهلية فى سوريا، ولكن أيضا أن الحمم تنتشر ببطء باتجاهها من مصر".
محلل إسرائيلى يرصد نظرة تل أبيب للأحداث بمصر.. يوسى ميلمان: القلق والإحباط يصيبان الإسرائيليين خوفاً على "كامب ديفيد".. ورؤية أوباما حيال القاهرة تضر تل أبيب.. وإهاربيو سيناء 3000 أغلبهم من دول عربية
الأحد، 18 أغسطس 2013 12:39 م