فى 29 يونيو 2012، طل علينا الرئيس محمد مرسى فى ميدان التحرير ليؤدى اليمين الدستورية أمام الشعب المصرى الذى آمل فيه خيرا فهو أول رئيس منتخب بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وجاء من فصيل سياسى برغم الملاحظات الكثيرة عليه إلا أنه كان فاعلا فى الثورة ومشاركا فيها عكس شخصيات أخرى تنافست معه على نفس المقعد ولكن كان تاريخها مع النظام البائد معروف وواضح، وجميعنا يتذكر تأكيدات مرسى آنذاك فى كلمته التى أعقبت اليمين الدستورية عندما قال إن ميدان التحرير صاحب الشرعية الوحيدة والثوار أصحاب الكلمة العليا، مضيفا أنه أتى لميدان التحرير لأنه مصدر الثورة وأصل السلطة والشرعية وأقوى مكانٍ فيها، قائلاً: أنتم مصدر الشرعية التى تعلو على الجمعية ولا مكانَ لأحدٍ ولا مؤسسة ولا جهة فوق هذه الإرادة، فأنتم أصحاب الإرادة التى تقرر وتعزل.
ولكن الحديث السابق عن الشرعية التى منحها ميدان التحرير لمرسى، تناساها الأخير فى خطابه الذى ألقاه علينا وأبدى فيه تمسكه بالشرعية القانونية والدستورية التى ظل يرددها عشرات المرات محترما كلمة الصندوق الانتخابى التى كلفته مهام إدارة شئون هذا البلد ومحذرا كافة الأطراف من الوقوع فى فخ الحياد عن هذه الحُجة القانونية من وجهة نظره، ولكن كلمات الرئيس السابقة، أثارت جدلا كبيرا وذهب كلا الفريقين المؤيد والمعارض لتحليلها وفقا لرؤيته.
فبينما رأى الطرف المعارض لحكم جماعة الإخوان المسلمين أن هذا الخطاب لم يقدم جديدا سوى أنه فتح الباب أمام حربا أهلية لأنه لم يأت بقرارات وخطوات واضحة بل ظلت جمله فى قالب المماطلة البعيدة تماما عن مطالبهم مثلما كان يفعل الرئيس السابق حسنى مبارك فى أيامه الأخيرة وبالتالى فنهاية النظام الحالى ستكون كسابقه ولن يرضى بأى حلول خاصة وأن هذا الخطاب يعتبر تحدى واضح للمهلة التى منحتها المؤسسة العسكرية للنظام، وهذا ما استشفه الرئيس محمد مرسى نفسه عندما تحدث فى خطابه عن مبادرة تم وضعها للخروج من الأزمة الراهنة جاء فيها تشكيل حكومة تجمع مختلف الأطياف وحث المحكمة الدستورية العليا على الإسراع من إنهاء قانون الانتخابات لعرضه على مجلس الشورى والتصديق عليه من قبل رئيس الجمهورية إلى جانب وضع ميثاق شرف إعلامى وغيرها من الحلول التى قال عنها مرسى انه تلقى ردود أفعال بشأنها تفيد برفض الشارع لها ورغم ذلك فهو متمسك بالشرعية ولا بديل عنها أو سبيل للخروج عليها.
أما الطرف المؤيد فكان رد فعله الأول على الخطاب هو أنه مستعد لتقديم أرواحه فداء للشرعية وليست حياه الرئيس وحدها، وكانت رؤيته للخطاب مغايرة تماما فهو من وجهة نظرهم جاء قويا حاسما يهدف لكسب ود الشارع وعاكسا لإمكانية قبول حوار وطنى ومصالحة وطنية شريطة ألا يأتى ذلك على حساب الشرعية، ويبدو كما يرى طرف ثالث محللا للخطاب وفقا لرؤيته أن الرئيس قد نسى إن سابقه حسنى مبارك كان يطلب الانتظار لإنهاء مدته عندما ثار الشعب عليه حتى لا يحدث تعدى على القانون والدستور إلا إن الثانى رفض ذلك وقال كلمته الفصل واسقط نظام ومعه دستوره وبالتالى فهو لن يقبل بالحديث عن شرعية دستورية مازالت هناك أصوات تنادى بتعديله وجاء وضعه من قبل أغلبية مؤيدة للرئيس.
خطاب مرسى يبرز تناقضه.. أغفل شرعية الميدان بعدما أدى أمامه اليمين.. وأكد على الدستورية وتناسى الشعب مصدر السلطات.. ومحا تصريحاته بأن "التحرير هو الثورة"
الأربعاء، 03 يوليو 2013 03:45 م