تُعد "اللّمة" والتجمعات العائلية على موائد الإفطار إحدى أبرز مميزات الشهر الكريم، بعد أن أصبح التقاء أفراد الأسرة على مائدة الطعام أمرًا نادرًا فى السنوات الأخيرة، ولكن هناك من تحرمهم طبيعة عملهم من مائدة الإفطار مع أسرتهم وأحبائهم أوحتى الإفطار فى بيوتهم، ليصبح الطريق مائدة إفطارهم اليومية، فى السيارة أوفى القطار، ربما يفطرون فى بلدٍ لم تطأها أقدامهم أبدًا، ولا حتى يعرفون اسمها، هم لا يختارون أكلة مفضلة لتناولها فى الإفطار، بل يأكلون وجبة منوعة من كل ما يتوفر لدى رفقاء السفر، الذين يعوضونهم عن "لمة العيلة" بلّمة جديدة، وأسرة جديدة، ربما لا يلتقونها إلا يومًا واحدًا.
على الطريق منذ أكثر من 30 سنة يفطر عم هنداوى إبراهيم، سائق قطار خط الإسكندرية ـ القاهرة، غالبية أيام الشهر بين جنبات كابينة القطار التى حفر عليها زكريات سنواته الطويلة على الرحلات اليومية التى ينقل بها الأفراد ذهابًا وإيابًا.
يحكى لنا عم هنداوى حكايات رمضانية على الطريق ويقول "أقضى غالبية أيام رمضان على الطريق بين مختلف المدن والقرى، أشاهد عادات وتقاليد ظاهرية، مثل اهتمام سكان طريق مدينة طوخ بتزيين الشوارع والمنازل الريفية الخاصة بهم، ووقوف بعض الشباب على أرصفة بعض المحطات لتوزيع العصائر والتمر، ولكن أنا لا أستطيع أن أقف إلا بالمحطات المخصصة لى.
ويواصل حديثه "الإفطار على الطريق بالنسبة ليا عبارة عن جبن وطعمية وعنب، فغالبية السائقين يفضلون هذه الأنواع من الاطعمة لأنها خفيفة وسهلة الحمل لفترات طويلة".
ويتابع "أبنائى يحزنون كثيرًا خلال السنوات الأخيرة لعدم إفطارى معهم، ولكن أسلوب عملى يفرض عليا بعض الأشياء، ولكن أحاول أن أعوضهم أيام الإجازات.
أما عم محمد حفظى، يعمل سائق قطارات داخل محطة مصر، ويقول "أنقل القطارات من المخازن إلى الرصيف فى موعدها، أعمل فى هذه المهنة منذ أكثر من 15 عامًا، أفطر كل يوم فى رمضان مع زملائى على الرصيف، فنحن نشعر بالجو الأسرى الجميل الذى نخلقه لأنفسنا على الرصيف".
ويسرح عم حفظى ويقول "م نفكر يوم أن نحضر "أكلة حلوة فيها لحمة أو فراخ" لأن أطفالنا ليسوا معانا فى هذه اللحظات، ولكن نأكل فول وطعمية وجبن وكشرى وباذنجان وعنب وبطيخ، أكلات قد تبدو بسيطة فى عيون الأخرين، ولكن هى أفضل الأكلات بالنسبة لنا، لأننا نتجمع حولها ونتناولها برضا".
ويحكى أحمد عبدالرحيم الذى يعمل فى القاهرة ويسكن فى الغربية، ويسافر يوميًا بين المحافظتين عن رمضان على الطريق ويقول "ما بيحسش برمضان بجد غير اللى بيفطر على طريق سفر"، ويضيف "ساعة ما المغرب يأذن فجأة تحس إنك فى بيت العيلة مش فى ميكروباص.. الناس كلها بتعزم على بعض بالأكل والشرب واللى مش معاه أكل بياكل بالعافية وبياكل كتير، والأكل كله بيبقى ملكية عامة كأنها عزومة"، ويتابع "فى مرة من المرات وأنا مسافر ست كبيرة طلعت حلة محشى وحلفت ميت يمين إن السواق يركن وناكل كلنا مع بعض منها".
أما الأسطى هشام شعبان الذى يعمل سائق على طريق طنطا ـ القاهرة يقول "إحنا ما بنعرفش نقف نفطر على الطريق، بنكسر صيامنا بأى حاجة ولما نوصل نبقى نفطر، علشان معانا زباين مستعجلة عايزة تفطر فى بيوتها بردوووراها مشاغل"، ويضيف "بيقابلنا ناس كتير فاعلين خير بيصمموا إنهم يوقفونا ونفطر على الطريق بس ما ينفعش".
فيما يقول الأسطى خميس سائق السوبرجيت على طريق كفر الشيخ ـ العريش "إحنا طبيعة شغلانتنا بتخلينا نفطر فى أى مكان على حسب الشغل، وبنفطر أى حاجة وجبات سريعة من على الطريق أومن أى حد يقابلنا، وساعات الزباين يكونوا عاملين حسابهم ويطلعوا أى حاجة من معاهم نفطر بيها"، ويضيف "الصحبة بتبقى حلوة لكن طبعًا بيبقى نفسى أفطر فى بيتى مع ولادى زى أى حد".
فى رمضان على الطريق: "الميكروباص" يتحول بيت عيلة.. والفطار "أى حاجة"
الأحد، 28 يوليو 2013 09:19 م
عم هنداوى إبراهيم
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله الفنان
هى دى مصر الأصيلة