مدفع رمضان من بعيد لبعيد..

عم حسين حارس المدفع يضرب المدفع ويفطر لوحده بعيدا عن القلق

السبت، 27 يوليو 2013 08:13 م
عم حسين حارس المدفع يضرب المدفع ويفطر لوحده بعيدا عن القلق عم حسين حارس مدفع رمضان
كتبت إيناس الشيخ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعيداً عن صخب الأحداث التى لا يشغل عقله البسيط بمتابعتها، تستقر فرشته البسيطة بمنطقة نائية تفصلها مسافات ضخمة عن شريط الأخبار المزدحم بتفاصيل لا يجد لها "عم حسين" مكاناً وسط فراغ يوم طويل يقضيه منتظراً، خلف البوابة الحديدة الضخمة يضع مصحفاً صغيراً يقرأ فيه قليلاً، ثم يفترش الأرض بجواره محاولاً قتل ساعات نهار الصيام التى يقضيها فى مدينة البعوث الإسلامية بصحبة "مدفع رمضان"، الذى انتهى به الحال متوسطاً ساحة لا يعرف مكانها أحد سوى الصول "حسين"، الذى تمسك بزيه البسيط وخوذته التى احتفظ بها، معلناً انتمائه لإدارة الحماية المدنية، يقضى بها نهار الصيام وينهض لإطلاق المدفع فى الموعد، ولا ينسى أن يصيح بكل ما تبقى فى حنجرته من قوة "مدفع الإفطار اضرب"، غير عابئ بما يحيط به من فراغ أصبح معتاداً طوال الشهر الكريم.

العبارة التى ارتبطت بلحظة الإفطار طوال سنوات لم ينتبه أحد لعددها من قبل، هى عبارة "عم حسين" الذى قضى سنوات خدمته فى إطلاق المدفع كل عام طوال أيام الشهر الكريم، لا ينسى يوماً أن يصيح بالعبارة نفسها طوال فترة خدمته كحارس مدفع رمضان، ذكريات "عم حسين مع المدفع" تعود لما قبل انتقاله لهذه المنطقة، التى انتقلت به بعيداً عن مكانه بقلعة صلاح الدين وبعيداً عن "تقاليع" رمضان، التى خرج منها المدفع وبقى بجانبه "عم حسين" يقضى سنوات خدمته فى صمت.

يمشى "عم حسين" بفخر، فى شوارع وأزقة مدينة أوسيم بقرية برطس التى يقطن بها مع عائلته، سعيداً بتحيات أهله وجيرانه، ودعاباتهم حول مدفع رمضان، الذى يعرف الجميع أن إطلاقه يومياً هو مهمته الخاصة، كعادة يومية يرجع تاريخها إلى عام 865 هـ، ثم يعود مرة أخرى للمخزن بعد انتهاء الشهر.

"بقالى 12 سنة بضرب مدفع رمضان" يتذكر عم حسين بداياته مع المدفع، قائلاً بدأت فى تولى مسئولية المدفع من 10 سنوات، بعد حصولى على فرقة تدريب، ومنذ ذلك الحين وأنا من يتولى مسئولية إحضار المدفع إلى هذا المكان وإطلاقه لمدة ثلاثين يوماً".

حكاية المدفع التى ترجع إلى عقود مضت، يحفظها "عم حسين" عن ظهر قلب، ويتمتع بسردها على من يتذكر وجوده منعزلاً عن العالم، يفتح عينيه لاستقبال من يسأل عن مكان المدفع، ويأخذه فى جولة لمشاهدة المدفع ويروى حكايته: "مصر أول مدينة ينطلق منها مدفع رمضان، ويرجع تاريخه إلى عصر المماليك، وكان مقره الأصلى قلعة صلاح الدين"، يكمل عم حسين قائلاً: "منذ عدة أعوام تم نقل المدفع، خوفاً على الآثار التى تزخر بها القلعة من الاهتزاز الذى يحدثه صوت المدفع، ومنذ ذلك الحين والمدفع ينطلق من هذا المكان".

"أنا بقضى رمضان كله هنا عشان أضرب المدفع، والناس بيجوا هنا لحظة انطلاق المدفع عشان يتفرجوا"، يحكى عم حسين: "كل سنة كان بيجى قنوات كتير أوى من التلفزيون يصوروا انطلاق المدفع، ولكن السنة دى محدش اهتم عشان ظروف الثورة والاعتصامات والأحداث، اللى بيقولوا عليها"، بحزن على حال المدفع الذى يعتبره عم حسين من تراث مصر يتحدث، وسط انشغاله بالاستعداد لانطلاق المدفع الذى يفطر عليه "عم حسين" وحده بعيداً عن المنشغلين برمضان آخر لم يعد يعرف "مدفع الإفطار اضرب".

























مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة