منذ 1804 وحتى 2013 حوالى قرن وعقد، قام الشعب المصرى بـخمس ثورات، وست انتفاضات، هى: ثورات 1804 بقيادة عمر مكرم، 1882 بقيادة عرابى، 1919 سعدزغلول، 1952 عبدالناصر، ثم 25 يناير 2011، نتوقف قليلا أمام الثورات قبل أن نعرج على الانتفاضات، ثورة 1804 حققت الوثيقة الدستورية الأولى فى الشرق بعد الفرنسية والإنجليزية والأمريكية، ولكن الثوار سلموا حكم البلاد لأسرة محمد على (147 سنة)!! ثورة عرابى 1882 كان أول بزوغ لشعارات الكرامة الوطنية «مصر للمصريين» ولكنها أدت للاستعمار البريطانى لمصر (70 سنة)!! ثورة 1919 حققت الإرادة الوطنية ودستور 1923، ولكن انشقاقات زعماء الوفد أضاعت أغلب مكاسب الثورة، ويكفى أن نعرف أن الضحايا الذين سقطوا على يد صدقى باشا ومحمد محمود باشا (من قادة الثورة) من 1930 إلى 1935 أكثر من الذين سقطوا على يد الاستعمار البريطانى، ثم ثورة يوليو 1952 وكيف أفرغها بعض قادة الثورة من مضمونها وأدت بنا لاحتلال الأرض، وأخيرا ثورة 25 يناير وكيف أدى فقدان القيادة وغياب الرؤية إلى ما نحن فيه، أما عن الانتفاضات: انتفاضة 1930/35 وأدت إلى عودة دستور 1923، وانتفاضة الطلبة والعمال 1946 وأدت إلى إلغاء معاهدة 1936، 1968 ضد أحكام الطيران واستجاب لها عبد الناصر، 1972 وأدت إلى تحرير الأرض 1973، 1977 واضطرت السادات إلى إلغاء قراراته، 30 يونيو 2013 أدت إلى عزل مرسى.
يلاحظ أن الشعب المصرى هو الشعب الوحيد فى العالم الذى ثار وانتفض (11) مرة فى (210) سنوات، بمعدل ثورة أو انتفاضة كل أقل من عشرين عاما تقريبا، كما يلاحظ أن جميع انتفاضاته التى كانت من أجل مطلب واحد، حقق أهدافها، وجميع ثوراته لم تحقق أهدافها وتم إجهاضها، كما تجدر الإشارة إلى أن القوى الدينية المنظمة (مثال جماعة الإخوان منذ 1928) لم تشارك فى أى من الثورات والانتفاضات من 28 وحتى بدايات 25 يناير، بل على العكس ناهضت الجماعة انتفاضة 30/35 ووقفت بجوار الديكتاتور إسماعيل صدقي، وناهضت ثورة يوليو وحاولت قتل ناصر 1954، وتحالفت مع الاستعمار البريطانى ضد مفاوضات الجلاء 1955.. إلخ.
لكن السؤال الذى يبحث عن إجابة: لماذا تحقق الانتفاضات أهدافها، ولا تحقق الثورات أهدافها؟ هل بسبب العامل الخارجى؟ مثال 1882 و1967؟ ومكانة مصر التى يناهضها الغرب؟ وهل لوجود دولة إسرائيل التى زرعت بالمنطقة دورا منذ 1948؟ أم بسبب النخب الثورية الفاقدة للرؤية من سعد زغلول وحتى البرادعى؟ وإذا عدنا للتاريخ سنجد أن رفاق ثورة 1919 انشقوا عن الثورة وفعلوا بها ما لم يفعله الأعداء، كذلك تحالفات الوفد والبرادعى والكرامة إلخ (أغلبية مكونات الإنقاذ كانت حلفاء للإخوان حتى نجاح مرسى يونيو 2012). الغريب أن هذا الشعب العظيم يتمتع بخواص لا تتوفر فى أى شعب، يثور ويضحى وعلى سبيل المثال لم يستشهد فى كل هذه الثورات والانتفاضات أى قيادة!، كما أنه شعب طويل النفس، لاحظ استمرار انتفاضة 30/35، والاستمرار من 2011 وحتى الآن فى موجات ثورية، وأيضا لديه الاستعداد لنقد ذاته، انتخب الإخوان وتراجع عنهم فى 30 يونيو، رغم أننا لم نسمع عن أى نقد ذاتى من القيادات سواء المدنية أو الإسلامية، كل تلك الأسئلة والمعطيات تستحق مما تبقى من الضمير البحثى أن تجد إجابات، ويبقى السؤال الأخير: لماذا لم تستطع الأمة منذ 1804 الوثيقة الأولى وحتى 2012 أن تقدم دستورا متوافقا يعبر عن كل أبناء وأطياف الأمة، هل يعود ذلك لفشل الثورات؟ أم لكون المصريين لم يتوافقواعلى عقد اجتماعى على مر السنين بسبب الصراع بين مكونات الهوية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد صبحى ابوستيت
مقالك فى شهر فبراير الماضى قولت عليها " هوجة يناير " الآن هى ثورة
" وتجعلون رزقكم أن تكذبون "
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حسين
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamad Solian
تحليل تاريخى واحصائى متميز لكاتب مصرى ابن مصرى. تحياتى للاستاذ سليمان ..
عدد الردود 0
بواسطة:
ودارت الأيام
سياسة الهرتله
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد ونس
لان المصريين يربطوا السياسه بالرومانسيه او بالمصالح