مخيم الزعترى للاجئين السوريين يتحول إلى "موطن بعيد عن الوطن"

الجمعة، 19 يوليو 2013 02:09 م
مخيم الزعترى للاجئين السوريين يتحول إلى "موطن بعيد عن الوطن" مخيم الزعترى للاجئين السوريين
الزعترى (ا ف ب)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بات مخيم الزعترى للاجئين السوريين المزدحم بالبيوت المتنقلة والخيام فى الصحراء شمال الأردن موطناً لنحو 150 ألف لاجئ، ليصبح خامس أكبر تجمع سكانى فى المملكة، وافتتح المخيم فى يوليو العام الماضى ليواجه الأردن شحيح الموارد كابوس إيواء الأعداد المتزايدة من السوريين الفارين من رعب الحرب فى بلدهم، ويأوى المخيم الآن، وفقا للسلطات والأمم المتحدة، أكثر من 150 ألفا من اللاجئين الذين يحاولون استعادة حياتهم والوقوف على أقدامهم مجددا رغم أنهم يسمعون ليلا أصوات الحرب الدائرة فى بلدهم.

ويجرى استبدال معظم الخيام المؤقتة بكرفانات (بيوت متنقلة) تكلفة كل منها نحو 2500 دولار. ويحوى المخيم الآن 16500 بيت منها، ويأمل القائمون على المخيم أن يصل عدد تلك البيوت إلى 30 ألفا قريبا، وقال مسئول المخيم من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين كيليان كلاينشميت لوزير الخارجية الأمريكى جون كيرى الذى زار المخيم الخميس "لا أجمل من الموطن"، وسلط الضوء على حقيقة انه مع عدم وجود حل فى الأفق لإنهاء الصراع الدائر منذ 28 شهرا فى سوريا، فان سكان المخيم باتوا يهيئون أنفسهم بشكل متزايد لإقامة طويلة ويحاولون هنا استئناف حياتهم.

والعديد من سكان المخيم هم من درعا جنوب سوريا القريبة من الحدود مع الأردن، مهد الاحتجاجات التى انطلقت فى مارس 2011 ضد نظام الرئيس السورى بشار الأسد، والتى تحولت لاحقا إلى نزاع مسلح أدى حتى الآن إلى مقتل أكثر من مائة ألف شخص، وقال كلاينشميث عامل الإغاثة المخضرم الذى عمل فى نقاط ساخنة فى البوسنة ورواندا والصومال، أن "سكان درعا تجار وهذا فى دمهم" مضيفا "أنهم يتاجرون فى أى شيء"، ويقوم بعض قاطنى المخيم بمد أرضيات أسمنتية لتقيهم من الطين، بينما وضع البعض نوافير مياه صغيرة رأى فيها كلاينشميث "رمزا للوطن"، ويقوم بعضهم بسرقة الكهرباء من الخطوط الرئيسية بالمخيم بما يرفع فاتورة كلاينشميث إلى نحو 500 ألف دولار شهريا.

ومعظم تلك الطاقة المسروقة تغذى نحو 3 آلاف محل تجارى و580 مطعما وأكشاك الطعام على جانبى شارع مرصوف وسط المخيم سمى "الشانزيليزيه" على اسم اعرق الشوارع الفرنسية، ويستطيع اللاجئون هنا شرب الشاى وشراء الأحذية أو حتى شراء مكيف لبيوتهم التى ركب على العديد منها لواقط المحطات الفضائية، ولدى اللاجئين بعض المال الذى يأتى معظمه من أقارب فى الخليج العربى والغرب، فيما يتقاضى بعضهم مساعدات مالية من جمعيات خيرية ومنظمات إنسانية، ويبحث الآخرون، بمن فيهم الأطفال، عن أى عمل ويبيعون أى شيء يملكوه، فيما يعد التهريب مشكلة.

حتى البيوت المتنقلة يتم بيعها أو تأجيرها لاستخدامها لغير الهدف الذى اقرته المفوضية، وهناك مستشفى فرنسى وآخر مغربى إلى جانب مستشفى ايطالى أردنى وعيادات صحية أردنية وخليجية إضافة إلى أطباء بلا حدود، ويضم المخيم كذلك مدرستين التحق بهما 10 آلاف طالب للدراسة فيما يتجاوز عدد من يحتاجون للانخراط فى المدارس لتلقى التعليم فى المخيم 30 ألفا، وفقا ليونيسف، والمدرستان هما النقطتان الأساسيتان لتوزيع الخبز على اللاجئين.

ويضم المخيم كذلك ملاعب كرة قدم وملاعب للأطفال لأشغال قرابة 60 ألف طفل، ويقول كلاينشميث انه "من الضرورى إشغال 60 ألف طفل"، وتنجب النساء فى المخيم الذى تشكل النساء والأطفال 70% من قاطنيه، ما معدله 12 الى 15 طفلا يوميا، واندلع العنف فى المخيم غير مرة فى فترة اسماها كلاينشمى "الفترة المظلمة" عندما كان عمال الإغاثة يرشقون بالحجارة الغاضبين من أوضاعهم المعيشية فى المخيم وتجاهل العالم لهم.

ويرى كلاينشميث، أن "هذه حقبة جديدة" رغم أن العنف مازال يقع أحياناً، ويقول "أنا لا أدير مخيماً، بل مدينة مؤقتة ولهذا أرى أنها بدأت بالاستقرار لأننا بدأنا الحوار وإيجاد رؤية نحاول من خلالها إخراج الناس من حالة اليأس"، رؤيته لا زالت موضع خلاف مع السلطات فى المملكة التى يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين فيها نحو مليونين من أصل سكانها الـ6,8 مليون نسمة.

وقال وزير الخارجية الأردنى ناصر جودة "نقول دائما إننا نتطلع إلى الاحتفال يوما بإغلاق المخيم وعودة من فيه إلى ديارهم الآمنة، لكسب عيشهم"، وأضاف أن "الشعب السورى فخور جدا بنفسه وهو ذو تاريخ غنى ومساهمة مذهلة فى الحضارة على مر العصور، ووضعهم هذا مؤقت"، وتتطرق رؤية كلاينشميث الى الطلب من القادرين على دفع أثمان الطاقة والمياه فى محاولة لتخفيف التوتر مع الأردنيين الذين تحملوا أعباء استضافة هذا العدد الكبير من السوريين. وتبلغ كلفة تقديم الخدمات فى الزعترى ليوم واحد نحو مليون دولار، ورأى كلاينشميث ان "الموضوع سيكون أكثر قبولاً من قبل الأردنيين إذا رأوا أن هذا المكان لا يسبب خسارة أموالهم"، ورداً على سؤال حول مدة بقاء هذا المخيم، قال كلاينشميث "ربما ثلاثة أيام أو 30 سنة، من يدرى؟".

ويفر آلاف السوريين هربا من العنف فى بلدهم عبر الحدود السورية الأردنية كل ليلة فينتهى المطاف بكثير منهم فى هذا المخيم المزدحم، وافتتح الأردن فى إبريل الماضى مخيما ثان للاجئين السوريين على أراضيه فى منطقة مريجب الفهود على بعد نحو 75 كلم شمال شرق العاصمة الأردنية عمان بدعم من الإمارات يأوى حاليا أكثر من 6 آلاف شخص، وتقول عمان إنها استقبلت أكثر من 550 ألف لاجئ سورى منذ بدء الأزمة فى الجارة الشمالية فى مارس 2011، فيما تتحدث يونيسف عن حوالى 600 ألف لاجئ. وتسبب تدفق هذا العدد الكبير من اللاجئين إلى المملكة إلى استنزاف الموارد الشحيحة مثل المياه والطاقة و الى مشكلات اجتماعية. وتوقع وزير الخارجية الأردنى ناصر جودة فى مايو أن يبلغ عدد اللاجئين السوريين ما نسبته 40% من سكان المملكة بحلول منتصف عام 2014 ان لم تنتهى الأزمة فى بلدهم.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة