شهر رمضان الكريم ينفرد بطبيعة خاصة عند القبائل البدويّة.. فهم يستطلعون هلاله من أعلى القمم الجبلية والمناطق الخلوية المرتفعة ومع ذلك يلتزمون بالرؤية الشرعية التى تقوم بها الأجهزة الرسمية، وبالرغم من أن عاداتهم لا تقل أهمية فى رصد هلال رمضان عن الأجهزة الحديثة فلديهم مقولة لم تخطئ قط وهى "خامس الصوم صوم"، بمعنى أنه إذا صام الإنسان فى العام السابق مثلا يوم السبت فعليه أن يعد خمسة أيام ليكون الصيام هذا العام الأربعاء مثلا.
وعند ثبوت الرؤية تُعَلَّق الزينات وتُرفَع الأعلام البيضاء للتعبير عن الفرحة باستقبال شهر رمضان، وطيلة الشهر يحرص أبناء البادية على فتح المقاعد والدواوين للإفطار الجماعى كنوع من التكافل الاجتماعى، حيث يصطحب كل رجل أطفاله ليتعوّدوا على ذلك الأمر، ولا يبقى فى المنزل سوى السيدات والفتيات والشيوخ كبار السن، فيتناول الجميع الإفطار معًا، أما الضيف فيكون له اهتمام خاص، حيث تُترَك له مائدة مستقلة.
ويسبق إعداد الإفطار إشعال النيران والمواقد المتوهجة، حتى يقبل عليها السائرون أو من يكون تائها فى الصحراء الأخرى وأهم ما يميزها هو وجود "المقعد" حيث هو المكان الذى يفطر فيه الأهالى.
يقوم أهالى المنطقة التابعة لذلك المقعد بجلب ما طاب لهم من الزاد ويجتمعون معًا من أجل تناول وجبة الإفطار معًا وكأنها مائدة رحمن، حيث يأتى عابرو السبيل من أجل تناول الإفطار ويكون مكان "المقعد" معروف للعامة، ويكون هناك تبادل فى تناول هذا الإفطار، حيث يقوم كل فرد بالأكل من الأكل الخاص بالآخر وإن دل ذلك إنما يدل على الود والمحبة.
بعد الإفطار تترك المائدة ولا يُرفَع عنها الطعام حتى بعد صلاة التراويح تحسّبًا لوصول أى ضيف أو عابر سبيل أو مار على الطريق ولم يفطر.
يتناول الأهالى الحديث عن اليوميات لحين صلاة التراويح وما إن يؤذَن لصلاة العشاء انفضوا من مجلسهم إلى المسجد لأداء الصلاة طوال هذا الشهر الكريم وفى أواسط النهار يقوم الأهالى بالتجمع بعد صلاة العصر ويتناوبون قراءه القرآن واحدًا تلو الآخر حتى يحين أذان المغرب.
وعند صلاة التراويح يقوم الأهالى بالذهاب إلى المسجد ويقوم كل فرد من المصلين بجلب المياه والعصير وما طاب أيضا من الحلويات وبعد الانتهاء من الصلاة يذهب الشباب إلى مراكز الشباب للدورات الرمضانية المعتاد عليها فى هذا الشهر الكريم ويمكن القول أن الأهالى فى هذا الشهر الكريم يقومون بذبح الأفدية، ويكون هناك شبه اتفاق بين الأهالى فيمن يقوم بالفدية هذا الأسبوع، والذى يليه ومن المعتاد أن يقوم الأهالى بالفدية إما يوم الخميس أو يوم الأحد.. فالأهالى جنوب سيناء حالات خاصة ينفردوا بها فى هذا الشهر الكريم.
ومن عادات الشهر الكريم فى سيناء أن تُوقف الخطبة أو الزواج إلى ما بعد انتهاء الشهر الكريم، حرصًا على حرمة الشهر الفضيل، كما يتم إيقاف جميع المشاكل، والقضاء العرفى يقف تماما عند هذا الشهر فلا نجد إنسانا يقوم برفع دعوى للمجلس القضائى إلا إذا كانت حادثة قُتِلَ فيها شخص ما، فيتم تأجيل الجلسة لبعد العيد وتعنى ألا يتعرض أحد من أهل المجنى عليه على أحد من قبيلة الجانى مراعاة لحرمة الشهر.
عادات وتقاليد خاصة ينفرد بها أهالى جنوب سيناء فى رمضان
السبت، 13 يوليو 2013 10:31 م
أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة