استقبل السوريون، كما شعوب العالم الإسلامى، شهر رمضان المبارك، فى ظل استمرار الأزمة فى البلاد، وتواصل الاشتباكات بين قوات النظام والمعارضة المسلحة، فى مختلف الأنحاء والمناطق.
وبالرغم أن السوريين باتوا منقسمين ما بين لاجئين ونازحين، وما بين من هم إلى جانب النظام أو يعارضونه، تبقى المعاناة الإنسانية واحدة، ولا تعرف اتجاها سياسيا أو فكرا إيديولوجيا معينا، ويشترك فيها الصغير والكبير، مهما كان جنسه، فالمعاناة لاتعرف سوى الإنسان اتجاها لها.
ومع انعدام إمكانية الوصول إلى الداخل السورى وتغطية المعاناة ورصدها، وبشكل خاص فى المناطق التى يسيطر النظام عليها، يجد السوريون بتلك المناطق فى وسائل التواصل الاجتماعى متنفسا لهم، من خلال كتابة جزء من معاناتهم، معتمدين فى بعض الأحياء على الرسوم الكاريكاتورية، التى تضيف سخرية على المعاناة، لتعطى حالة من الكوميديا السوداء، ومن المضحك والمبكى.
ولعل أبرز ما لفت الأنظار تداول السوريون فى تلك المواقع، موضوع تردى الأوضاع الأمنية، واستمرار المواجهات بين قوات النظام والمعارضة المسلحة، ومنها صورة لدبابة تابعة لجيش النظام، وعليها صورة شخصية فيسبوك الساخرة، تقف فى مكان الجندى، وهو ينادى من على الدبابة المتأهبة قائلا، "قوموا على سحوركم، قوموا رمضان جايى يزوركم"، بعنوان رمضان 2013 فى سوريا.
وإذا ما كانت فترة السحور على هذه الحال، فإن فترة الإفطار لا تقل سخرية من الواقع، حيث نقل رسام الكاريكاتور المعروف خالد جلل، على صفحته فى فيس بوك، رسما لمذيعة التلفزيون الرسمى، تعلن إطلاقة مدفع الإفطار بالقول، "حان الآن إطلاق مدفع الإفطار من نوع هاوتزر عيار 122مم، 30 درجة بزاوية دوران 80 درجة، وزاوية ارتفاع 70 درجة، صياما مقبولا وافطارا هنيئا".
الإعلام السورى نال نصيبه من السخرية أيضا، وذلك برسمه وهو يقوم بتغطية عمليات قصف النظام للمدن والبلدات السورية، مصورا إياها على أنها مدفع الإفطار، فى رسم كاريكاتورى آخر، على أنه "بث مباشر لمدفع الإفطار من دمشق".
وتبلغ المأساة ذروتها بتعليق لإحدى صفحات الثورة، على الوضع الأمنى بالتأكيد "انتبه.. أنت فى سوريا.. إذا سمعت صوت مدفع .. فلا يعنى أن موعد الافطار قد حان، ففى اليوم الواحد يمكنك أن تسمع آلاف المدافع، ويمكنك الافطار فى حالة واحدة، وهى أن تصيبك قذائف تلك المدافع، وسيكون الإفطار فى الجنة".
أما موضوع ارتفاع الأسعار فكان له نصيبه أيضا فى التعليقات الساخرة، منها ورقة علقت فى أحد المتاجر ومكتوب عليها "الرجاء عدم التصفير عند سماع الأسعار"، فى تعبير عن الدهشة التى تصيب المواطن لدى سؤاله عن الأسعار.
وينقل رسم آخر رجلا يرسم مختلف أنواع المأكولات، من دجاج وفاكهة على مائدة الطعام، نظرا لصعوبة شرائه لتلك المواد، فيما تكتفى زوجة الرجل، ويكتفى أطفاله برمق تلك المأكولات مجتمعين، بشك وذعر.
كذلك حضرت تعليقات النظام على ما يجرى فى سوريا، وقيامها بحيل وتصاميم لتغيير حقائق الواقع، بالاعتماد على التحرير والمونتاج، لنجد إحدى الصفحات تعلق وترمز بالقول "نصوم 16 ساعة.. ونشبع بخمس دقائق!!! إنها واضحة "فوتوشوب".
ومع انتظار مرور الشهر الكريم يأمل السوريون ان ينتهى مع هذا الشهر، حالة الضياع التى باتت تمزق البلاد، مشردة أبناءه ما بين مغترب ونازح، ما بين باك ومتألم، وما بين مصاب ومعاق.
معاناة السوريين فى رمضان على مواقع التواصل الاجتماعى
الجمعة، 12 يوليو 2013 12:06 م