فى زوايا اختفت وسط الزحام اتخذوا وضع الاستعداد متأهبين للخطر، بالنسبة لهم كان خطاب الفريق "السيسى" هو إشارة الاستعداد لهجوم متوقع استشعره معظمهم بخبرة واضحة، اكتسبوها على مدار عامين ونصف العام من التأمين المتواصل للميدان، التزموا أماكنهم التى أقسموا على حمايتها بأرواحهم معلنين حالة الترقب فى جميع المواقع، التى لم تقتصر على البوابات الرئيسية كما يظن البعض، حول ميدان التحرير كانت لهم خريطتهم الخاصة التى قسمها شباب اللجان الشعبية إلى ثلاثة مواقع رئيسية، تبدأ بـ"لجان الكشافة" التى تولت المهمة الاستطلاعية، ثم البوابات الرئيسية للمداخل والمخارج، تليها نقاط "الدعم" التى اختفت وسط الزحام وزودها المتطوعون باللجان الشعبية بما يلزم لصد الهجمات إذا تطلب الأمر.
فى نقطة لم يعلم الباقون مكانها تحديداً انشغل بتقسيم الفرق وتوزيع التعليمات على القوات المنتشرة بالمواقع الرئيسية، "محمد الدسوقى" أو من عرفه الجميع باسم "المنسق العام للجان الشعبية" على مستوى محافظات مصر، وضع خطة "حالة الخطر" ووزع المهام على مواقع الارتكاز المختلفة ووقف لمتابعة الأمر من خلال أجهزة التواصل التى وزعها "شباب اللجان الشعبية" فيما بينهم، "على جثتنا حد يدخل الميدان" بلهجة صارمة بدأ "دسوقى" المنسق العام للجان الشعبية حديثه لليوم السابع عن خطة تأمين الميدان التى قد تبدو عشوائية للبعض، على الرغم من تعقيداتها التى شرحها "دسوقي" قائلاً: اللجان الشعبية لها نصيب الأسد فى نجاح الثورة منذ بدياتها، وخاصة فى أوقات الخطر التى نعيشها بقوة فى هذه الأيام التى ننتظر خلالها هجوماً على الميدان بين ثانية وأخرى".
خطة محكمة هى العبارة التى يمكن بها وصف ما استعد به شباب "اللجان الشعبية" لهجوم عناصر من مناصرى الرئيس المعزول "محمد مرسى"، أو أى عناصر أخرى كما يوضح محمد الدسوقى أثناء حديثه عن لجان الحماية المختلفة، تفصيلياً يشرح "دسوقي" الأماكن التى ترتكز بها اللجان بداية من الأوبرا، عبد المنعم رياض، كوبرى أكتوبر، شوارع أخرى بوسط البلد، وغيرها من النقاط التى توزعت حولها مجموعة من الفرق التى أطلقوا عليها "فرق الكشافة"، وهى الفرق المسئولة عن الاستطلاع ومراقبة القادمين للميدان من على مسافات كافية تسمح لهم بالتواصل مع "قائدى البوابات الرئيسية" وإخطارهم بدخول عناصر مشتبه بها، ومن هنا تبدأ مهمة قائدى البوابات فى ضبط هذه العناصر وعدم السماح لها بالدخول.
أما فى حالات الخطر التى تزيد خلالها الاستعدادات فيتحدث "دسوقى" قائلاً: "نقاط الدعم" هى نقاط سرية تختفى وسط الزحام، وتتواصل مباشرة مع قائدى البوابات، وهى النقاط التى ينطلق أفرادها فى لحظات الخطر أو الهجوم على الميدان لخط محدد على مسافة كافية من البوابات لصد الهجوم، وخاصة أن هذه النقاط مزودة بكل ما يلزم لصد الهجوم حسب حجمه شدته وعدد العناصر المشتركة به، وتكون هذه النقاط مزودة بإسعافات طبية وأسلحة تختلف باختلاف نوعية الهجوم وحجمه على أن نكون مستعدين فى حالة الخطر.
أما عن التعليمات الرئيسية التى تتبعها فرق التأمين يقول "دسوقى": جميع اللجان بجميع المناطق متصلة ببعضها بوسائل اتصال، وجميعها تعرف تحركات الفرق الأخرى، ودورها هو حماية المداخل مهما كانت حالة الميدان من الداخل، ويقول "اللجان الشعبية هى العناصر الوحيدة التى تعطى ظهرها للميدان ووجهها للقادمين، ومهما اشتد الهجوم لن يتركوا أماكنهم حتى "لو على جثتهم".
"زمان كان الإخوان واقفين جمبنا فى التأمين" يتذكر "دسوقي" انضمام شباب الإخوان لتأمين الميدان قبل عامين ونصف من الآن، ولم يكن يعلم وقتها أن يتحول "الإخوان" إلى عدو الميدان الأول الذى ينتظرون هجماته بين ثانية وأخرى.
ذكريات تأمين الاعتصامات الكبرى بداية من تأمين المتحف المصرى فى جمعة الغضب الأولى، وتكوين المركز القومى للجان الشعبية الذى يعمل منذ ذلك الوقت بقوة فى جميع محافظات مصر، ووصل عدده إلى آلاف المتطوعين فى جميع المحافظات وعلى حدود معظم الميادين، وغيرها من ذكريات إصابة المتطوعين والظروف الصعبة التى مروا بها طوال العامين الماضيين هى ما يحتفظ بها "محمد دسوقى" وزملاؤه فى التأمين، لن ينسى يوماً ما واجهه هو وغيره فى صد الهجمات على الميدان، لا تغيب عن ذاكرته ما تعرض له معظمهم من إصابات فى بعض الأحيان وفقدان عناصر هامة فى أحيان أخرى، مهمة التأمين بالنسبة هى عهد أقسموا على تنفيذه بحياتهم، لا يهمهم ما يمكن أن تحمل لهم الظروف، ومهمتهم الوحيدة "ميدان آمن ولو على جثثنا".
للميدان "عيون تحرسه"...
خطة تأمين الميدان تعلن حالة الخطر.. اللجان الشعبية ملحمة وطنية
الأربعاء، 10 يوليو 2013 07:10 ص
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة