"فكرية" أقعدها المرض فاشترت زجاجات المياه وألقتها من شرفتها للثوار

"زمزم الثوار" كان يتساقط من شرفة "فكرية عبد ربه"، التى منعها مرض القلب وسنواتها الـ70، من مشاركة المتظاهرين فى ثورتهم من أجل إسقاط الرئيس محمد مرسى، فأرسلت من يشترى لها كرتونات من المياه المعدنية، ملئت بها ثلاجتها، ثم أخذت تلقى بزجاجات المياه المثلجة الواحدة تلو الأخرى من شرفة منزلها ليتلقفها الثوار العطشى ويرتون بها فى طريقهم، وهم يدعون لفكرية بأن يهبها الله نهراً فى الجنة مثلما روت عطشهم فى هذا القيظ.

فكرية لم تنتخب مرسى فى أى من الجولتين فلم تكن من عاصرى الليمون، وتبرر ذلك بأنها ممن عاشروا "الإخوان" منذ عهد جمال عبد الناصر ويعرفون تاريخهم جيداً، ولذلك لم تنخدع بمن كانوا يوجهونها عند صناديق الانتخابات لتنتخب من يمشون بشرع الله ورسوله، مؤكدة أنهم يتوارون خلف الذقون لأنهم "لا يعرفوا ربنا ولا بيفهموا فى السياسة".

بعد زواج ابنتها الوحيدة ورحيلها عن المنزل تعيش صاحبة الـ70 عاماً مع أختيها اللاتى يقاربنها فى العمر "أحلام" و"هنية"، ورغم وصلهن من العمر أرذله لم ييأسن أو يستسلمن ويشاركن فى الثورة على قدر استطاعتهن، فبنظرة ثقة وإيمان تؤكد "فكرية":" ربنا هينصرنا إن شاء الله وهيرحلوا وهيتولوا الأصلح وهينصر مصر" وبحزن تشير إلى مرض القلب الذى منعها عن مشاركة الثوار "لولا المرض كنت نزلت معاهم"، وعن السبيل الذى يتساقط من شرفتها المواجهة لكوبرى "أحمد سعيد" تقول:" الثوار صعبوا عليا من الحر فناديت على الكشك اللى قدام بيتى يبعتلى كل كراتين المياه اللى عنده، ولو كان عنده تانى كنت اشتريت".

لم تكن "فكرية" وحدها من فكرت أن تحول شرفتها إلى سبيل مياه للثوار فكثير من كبار السن الذين أعجزهم الكبر عن المشاركة فى المظاهرات فعلوا مثلها وجهزوا العشرات من زجاجات المياه المثلجة ووزعوها على الثوار المارة ليروا عطشهم وهم فرحون بأنهم شاركوا ولو بالقليل، يمدون أيديهم التى امتلأت بخرائط من التجاعيد للثوار بأكواب وزجاجات المياه وهم يدعون لهم بالنصر فيردون لهم الدعاء بعد أن يرون عطشهم ويكملوا المسيرة.