ليست كالتفاح المعتاد، تدفع عربتها عبر طرق وممرات الحسين والخان والموسكى دون ملل طلباً للقمة العيش، جسدها الهزيل وبشرتها التى تركت عليها الشمس علامات بارزة هى ما يميزها وسط شوارع العتبة والموسكى، التى تتجول فيها خلف عربتها المتنقلة جرياً، صائحة "أخبار أهرام جمهورية"، تفترش وجهها ابتسامة رضا بالمكتوب والقسمة والنصيب كما تصف حياتها المليئة بالجرى بعربة جرائد متنقلة مقابل 10 جنيهات فى اليوم، "صباح الفل يا تفاحة" سلامات على الطاير لا تتوقف طوال تنقلاتها السريعة بين المحلات والفرشات، التى يحفظها أصحابها باسم "تفاحة الموسكى" التى يعرفها الجميع بالجدعنة والصبر الذى تحمله ملامح وجهها.
"أنا تفاحة الموسكى، وكله عارف تفاحة، مفيش حد ميعرفنيش، الصغير قبل الكبير يعرفنى، دأنا بشتغل الشغلانة دى من وأنا عمرى 18 سنة، وبقالى 27 سنة شغالة فيها، وأنا دلوقتى عندى 47 سنة، والحمد لله قدرت أربى عيالى من الحلال، وأنا دلوقتى معايا 5 بنات هما "رشا، هبة، وياسمين"، و3 صبيان هما "محمد، وأحمد، ومحمود"، بعفوية مطلقة لا تحمل فى طياتها الكثير من التردد بدأت "تفاحة حديثها لـ"اليوم السابع" عن رحلتها اليومية بين الشوارع بعربة الجرائد ذات العجلات الأربع، 27 عاماً من سنوات عمرها قضتها بصبر تحت قرص الشمس بحثاً عن لقمة عيش لا تتجاوز العشرة جنيهات، التى يلقى لها بها صاحب الفرشة فى نهاية اليوم.
تتوقف قليلا لتبيع لأحد المارة، ثم تستكمل حديثها"، "أنا نزلت اشتغل علشان أساعد جوزى، بس مكانشى الدخل مساعد، علشان كده قررت أساعده واشتغل وأبيع جرايد"، تتوقف عن الكلام كأنها تتذكر ذكرى مؤلمة، ثم تكمل حديثها" جوزى مات من 3 سنين، ومبقاش لينا أى دخل غير شغلانتى دى، أنا باخد الجرايد وابيعها، ولقيت أن لو فضلت فى مكانى مش هقدر أبيع أعداد كتيرة، فقررت أجيب عربية وألف بيها فى الشارع علشان أقدر أبيع أكتر، ورزقى فى كل 100 جورنال 5 جنيه، ولو بعت 200 جورنال باخد 10 جنيه، طيب يا بيه.. الـ 10 جنيه هتعمل إيه دلوقتى لينا فى الأيام دى، اللحمة مش بتدخل بيتنا غير فى السنة مرة واحدة فى العيد الكبير، وأهى ماشية، ثم تتساءل فى ضيق، فى ناس بترمى الأكل فى الزبالة، وإحنا مش لاقينه، يرضى ربنا ده؟؟!!
على الرغم من بساطتها إلا أن لها أراءً سياسية لا تتوقف عن ترديدها قائلة "أنا انتخبت الأول عمرو موسى علشان كان أحسن واحد فى المرشحين فى انتخابات الرئاسة، عمرو موسى منجحشى، قولنا عم الشيخ هيعدلها، اخترناه أبو دقن ده، اللى هو مرسى قولنا عليه عم الشيخ، بس عم الشيخ مغيرشى أى حاجة فى البلد، ملناش معاش ولا لينا تموين، وأهل الخير الله يباركلهم ساعدوانى علشان أعمل الورق بتاع التموين ورحت عملته بس مجتشى حاجة، وعملت بردوا ورق الشئون الاجتماعية، وبردوا مجتليش حاجة، وكل ما أروح لأى حد يقولى مفيش، البلد فقرية مفيهاش فلوس، أنا مليش فى السياسة، أنا يدوب بخرج من البيت علشان أجيب "مم".
تفاحة التى مازالت تكافح من أجل أبنائها ومعيشتها رافضة كل الظروف المحيطة بها، متمسكة بأمل قريب، ومستقبل أفضل لأبنائها تقول "وأنا عندى أمل فى بكره، بكره أحسن من النهارده، عندى أمل فى عيالى، وفى الشباب إنهم يصلحوا حال البلد، وعيالى يتعلموا ويبقوا حاجة كبيرة، يمكن يكون حظهم أحسن من حظى، ويجيبولى كل اللى اتحرمت منه".
أخبار أهرام جمهورية.. "تفاحة الموسكى" تجرى وراء الرزق بعربة جرائد
الأحد، 09 يونيو 2013 03:13 ص