وسط حر الظهيرة الحارق، وعلى أنغام طبلة الرقص الشرقى التى تبث عبر سماعة جهاز تسجيل عفا عليه الزمن، وأصبحنا لا نراه إلا نادراً فى ظل انتشار التكنولوجيا الحديثة، وقف رجل تجاوز الخمسين من عمره ممسكاً بعصاه التى يتحكم بها فى راقصة "الماريونت"، جالباً إليه أنظار المارة من الشارع الطويل، تجده يحرك الراقصة الخشبية فى دقة وبراعة وبحركات تتفوق بها على الراقصات من البشر، هو مصرى الجنسية أما الاسم فعم "المصرى" المشهور بالماريونت، يبيع العرائس الخشبية المتحركة والتى تعرف باسم الماريونت، بالإضافة إلى الأراجوزات ذات الصوت المميز الذى نعرفه جميعاً.
24 عاماً قضاها عم المصرى فى هذه المهنة، لكنه مختلفاً نوعاً ما عن الباعة الآخرين، فهو لا يمارس المهنة لطلب الرزق بقدر ما هو يمارسها حباً فى فن الماريونت أو فن تحريك العرائس، يحكى عم المصرى لـ"اليوم السابع" تفاصيل مهنته فيقول "أنا حبتها لأنها فن عريق رائع فيه ريحة ثقافتنا وحضارتنا، ده كفاية أنها من ريحة صلاح جاهين وصلاح السقا ومحمود شكوكو، كما أن عم "المصرى" ليس له مكان ثابت فهو يتواجد فى شارع رمسيس يوم واحد فقط فى الأسبوع ، أو بمعنى أدق مدة عمله فى هذه المهنة لا تتجاوز اليوم الواحد فى الأسبوع، أما باقى الأيام فهو يقوم بصناعة العرائس، كما أنه لا يكتفى فقط بالتواجد بشارع رمسيس، فهو يجوب كافة أرجاء الجمهورية، سواء داخل القاهرة، أو فى المحافظات الأخرى.
العرائس الراقصة ليست هى بداية عم "المصرى" ولكن بدايته كانت مع الأراجوزات فيقول "أنا ليا 24 سنة شغال فى الأراجوزات بس، لكن من 6 سنين شوفت الرقصات، واتعلمت طريقة عملها ونفذتها هى فكرتها بسيطة جداً هى عبارة عن خشب بيتركب مع بعض بمسامير، بس بيكون قطع صغيرة والمسامير بتكون بالظبط مكان المفاصل فى جسم الإنسان علشان تبقى حركة العروسة سهلة، وبعد كده بربطها ببعض بخيوط"، يتوقف قليلاً ليوضح لأحد الزبائن طريقة تحريك الراقصة، ثم يستكمل حديثه "بعد مانربطها بخيوط بنجمع الخيوط دى من فوق بعصاية على شكل + نقدر من خلالها نحرك العروسة، ونتحكم فيها".
وتتراوح أسعار الأراجوزات من 15 إلى 25 جنيها، أما العروسة فيصل سعرها إلى 65 جنيهاً نظراً لأنها تأخذ وقتاً ومجهوداً أكبر فى تصنيعها، ويصنع عم "مصرى" 5 رقاصات و20 "أراجوز" كل أسبوع فيقول "أنا مش بشتغل غير يوم واحد فى الأسبوع لإنى بفضل طول الأسبوع بعمل فى العرايس وبجهز فيها، ولما ربنا يكرمنى وأخلصهم بنزل علشان أبيعها"، إلا أن زبائنه ليست من الأطفال وإنما من الأعمار الكبيرة، حيث تستخدم فى الحفلات والعروض الفنية، ويضيف عم المصرى "بالرغم أن فى ناس كتيرة بتيجى وبتتفرج على اللى أنا بعمله ده، إلا إن نسبة إقبال البيع قليلة، بس الحمد لله أهى ماشية ومستورة".
عم "المصرى" يعرض فن الماريونت فى شوارع القاهرة
الإثنين، 17 يونيو 2013 08:07 م