قال الكاتب البريطانى الشهير روبرت فيسك، فى مقاله، اليوم الأحد، بصحيفة "إندبندنت أون صنداى" إن إيران تعتزم إرسال 4 آلاف من قوات الحرس الثورى على سوريا لمساندة قوات الرئيس بشار الأسد.
واعتبر فيسك أن قرار واشنطن بتسليح المعارضة السنية قد أسقط أمريكا فى صراع شيعى شنى كبير فى الشرق الأوسط، لتدخل صراعا يقزم من الثورات العربية التى أطاحت بالأنظمة الاستبدادية عبر المنطقة.
ويلفت الكاتب أنه لأول مرة، أصبح جميع أصدقاء أمريكا فى المنطقة من السنة وكل أعدائها شيعة، وفيما يعد اختراقا لكل قواعد الرئيس الأمريكى باراك أوباما الخاصة بفك الارتباط، فإن الولايات المتحدة مشاركة تماما الآن بجانب الجماعات المسلحة التى تضم الحركات الإسلامية السنية الأكثر تطرفا فى الشرق الأوسط.
وقد علم "فيسك" أن قراراً عسكرياً قد تم اتخاذه فى إيران حتى قبل الانتخابات الرئاسية التى أجريت يوم السبت الماضى، بإرسال أول دفعة مكونة من 4 آلف من الحرس الثورى الإيرانى لسوريا لدعم قوات الأسد ضد المعارضة السنية فى صراع أودى بحياة ما يقرب من 100 ألف شخص فى غضون عامين.
وأوضح "فيسك" أن إيران ملتزمة تماماً بالحفاظ على نظام الأسد، وفقا لمصادر موالية لإيران مشاركة بشكل عميق فى أمن الجمهورية الإيرانية، حتى إلى المدى الذى يحتمل فتح جبهة سورية جديدة على مرتفعات الجولان ضد إسرائيل.
وتابع قائلاً: "إن المؤرخين خلال السنوات القادمة سيتساءلون عن الموقف الأمريكى بعد الهزيمة النكراء فى العراق والانسحاب المهين من أفغانستان، وكيف وضعت واشنطن نفسها داخل صراع ملحمى إسلامى تعود جذوره إلى القرن السابع الميلادى؟".
ولفت إلى أن السبب المعلن الذى دفع واشنطن إلى إعلان تسليح المعارضة السورية، والذى يتمحور فى استخدام النظام السورى لغاز السارين ضد مقاتلى المعارضة، لا يقنع أحداً فى الشرق الأوسط، بل إنه لا يقل ضبابية عن حجج الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش بوجود أسلحة دمار شامل لدى الرئيس العراقى الراحل صدام حسين.
ويمضى الكاتب البريطانى قائلاً: "إن تحالف أمريكا يضم الآن، دول الخليج العربى الأكثر ثراء، والأراضى السنية الشاسعة بين مصر والمغرب إلى جانب تركيا والأردن.. وقد يجد ملك الأردن عبد الله الثانى الذى أغرقت بلاده بمئات الآلاف من اللاجئين السوريين مثل الدول المجاورة لسوريا، قد يجد نفسه الآن فى نقطة ارتكاز للمعركة السورية. فهناك 3 آلاف من المستشارين العسكريين الأمريكيين الذين يعتقد أنهم موجودون الآن فى الأردن، وأن فرض منطقة حظر جوى جنوب سوريا، سيحول الأزمة إلى حرب ساخنة، وهو ما يمثل الكثير لأصداء أمريكا.
أما أعداء أمريكا هم حزب الله اللبنانى والنظام البعثى الشيعى فى دمشق وبالطبع إيران.. وعلى عكس كل التوقعات، فإن العراق الدولة ذات الأغلبية الشيعية التى حررتها أمريكيا من حكم صدام السنى على أمل إحداث توازن للقوة مع إيران، بعد أن أصبحت نفسها خاضعة لنفوذ إيران، وشيعة العراق، مثل مقاتلى حزب الله قد حاربوا إلى جانب قوات الأسد.
وأشار "فيسك" إلى أن السب الذى أعلنته أمريكا لمغامرتها الجديدة فى الشرق الأوسط لا يقنع أحد، ويرى أن السبب الحقيقى ليس استخدام نظام الأسد للسلاح الكيماوى، ولكنه يمكن فى أن قوات المعارضة قد بدأت تخسر حربها الآن ضد النظام.
وتابع: "لقد دفع انتصار قوات الأسد فى المعركة على بلدة القصير الحدودية فى الشهر الجارى بالثورة السورية فى اضطراب، وهدد بإذلال أمريكا والاتحاد الأوروبى بسبب مطالبه للأسد بالتخلى عن السلطة.. ويفترض أن يتم الإطاحة بالحكام العرب المستبدين مالم يكونوا أمراء وملوك الخليج".
ويحذر فيسك أنه فى ضوء التطورات الراهنة، فإن أى تفجير انتحارى يحدث فى دمشق وأى جريمة حرب ترتكبها المعارضة ستُأخذ فى الاعتبار ضمن مسئولية واشنطن..
وينقل فيسك عن مصادر إيرانية قولها إنهم على اتصال مستمر بموسكو، وأن انسحاب حزب الله الكامل من سوريا قد يتم فى وقت قريب، مع بقاء فرق مخابرات الحزب داخل سوريا، وأكدت المصادر أن دعم إيران لدمشق سوف يزداد.
وتابع "فيسك" نقلاً عن المصادر الإيرانية، أن حركة طالبان أرسلت مؤخرا وفدا رسميا إلى طهران لإجراء محادثات، وأن أمريكا ستحتاج مساعدة إيران فى الانسحاب من أفغانستان.
ويقول الإيرانيون إن أمريكا لن تكون قادرة على نقل معداتها ودروعها خارج البلاد خلال حربها المستمرة ضد طالبان بدون مساعدة فعالة من طهران، وزعم أحد المصادر، أن الفرنسيين أُجبروا على ترك 50 دبابة هناك عندما تركوا البلاد لأنهم لم يحصلوا على مساعدة طهران.
وأشار "فيسك" إلى أن تخلى حركة "حماس" عن دمشق ودعم رغبة الخليج يعد مفاجأة كبيرة.
وختم الكاتب البريطانى مقاله قائلاً: "إن العرب اعتبروا أن حرب إسرائيل ضد حزب الله فى 2006 كانت محاولة لضرب قلب إيران، ودعم الغرب للمعارضة السورية هو محاولة استراتيجيه لسحق إيران، إلا أن إيران ستتحمل الهجوم، وهذا أمر له مخاطر كبيرة للشرق الأوسط.. وإلى جانب هذا كله، فلا تزال المأساة الفلسطينية مستمرة".
روبرت فيسك: إيران تعتزم إرسال 4 آلاف من قوات الحرس الثورى لدعم النظام السورى.. وقرار تسليح المعارضة السورية أسقط "واشنطن" فى الصراع "السنى – الشيعى".. وإيران ملتزمة تماماً بالحفاظ على نظام الأسد
الأحد، 16 يونيو 2013 01:26 م