مع بداية امتحانات الثانوية العامة وحالة القلق والتوتر التى يعانيها الطلاب وقعت أول حالة انتحار بسبب الثانوية العامة هذا العام فى محافظة البحر الأحمر، حيث تناول «علاء. ع» مادة سامة، بعد امتحان اللغة الإنجليزية لعجزه عن الإجابة.
لم تكن حالة علاء هى حالة الانتحار الأولى فى الثانوية العامة، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة ما دامت الثانوية العامة بعبع الطلاب وأولياء الأمور فى مصر، وقد سبقها فى الأعوام السابقة عشرات الحالات لطلاب انتحروا أو حاولوا الانتحار بسبب صعوبة الامتحانات، أو خوفًا من بعض المواد التى يكرهونها أو بعد ظهور النتيجة. وفى السطور التالية نحاول أن ننبه الأسر حتى لا يستمر نزيف انتحار الطلاب، ولا تسهم دون أن تدرى فى الدفع بأبنائها نحو هذا المصير.
انتظرت الأم عودته بفارغ الصبر، وظل والده يداوم على الاتصال بهاتفه المحمول بعد دقيقة واحدة من انتهاء امتحان الجبر، عرضت عليه الأم أن تذهب لتنتظره أمام باب اللجنة لتطمئن عليه فور خروجه، ولكنه رفض بشدة وطمأنها قائلاً: «أول ما اخلص هاطمنك».
كانت الأسرة تحلم بأن يلتحق ابنها محمد بكلية الصيدلة، تناديه أمه «دكتور محمد»، يكافح والده الموظف ويعمل ليل نهار كى يوفر ميزانية الدروس الخصوصية، وتدخل أمه فى «جمعيات»، وتحاول التوفير من كل بنود الإنفاق، كى يدفع مصاريف الدروس الخصوصية والملازم والمراجعات النهائية.
أجّلت الأسرة موعد زفاف ابنتها الكبرى «هدى» حتى لا تلزم نفسها بنفقات الجهاز قبل أن ينتهى محمد من المرحلة الثانوية، توفر الأم من نفقات كسوة باقى الأبناء، لا تفكر مجرد تفكير أن تشترى لنفسها فستانا أو عباءة أو حتى «طرحة».. «محمد أولى لحد ما نعدى من الثانوية العامة»، حالة طوارئ وتقشف يعيشها كل أفراد الأسرة حتى أشقاؤه الصغار الذين تدفع بهم الأم للنزول للعب فى الشارع حتى لا يزعجوا محمد وهو يذاكر.
كان محمد الطالب بالصف الثانى الثانوى والطالب بمدرسة أحمد لطفى السيد بالهرم يدرك حجم الضغوط والتضحيات التى تقدمها أسرته، أملاً فى تحقيق حلمها بأن يلتحق ابنها بكلية الصيدلة، لم يوفر جهداً فى المذاكرة، وسعى لتحقيق حلم أسرته بكل طاقته، لكن كانت مادة الكيمياء عقدته، يشعر بالعجز وهو يحاول فهمها، لم يفلح الدرس الخصوصى الذى يدفع فيه 40 جنيهًا فى الحصة الواحدة فى فك هذه العقدة، كان يتمنى أن تلغى هذه المادة وألا يأتى يوم امتحانها.
وبدأت الامتحانات ومثل كل طلاب الثانوية العامة شعر محمد بالقلق والتوتر والخوف، لكن تحول خوفه من الكيمياء إلى رعب دائم.
عاد من امتحان الجبر شارداً، فظنت والدته أن الامتحان كان صعبا ولم يستطع ابنها الإجابة عنه، ولكنه أكد لها أنه أجاب على جميع الأسئلة، ولن يفقد سوى درجتين، إلا أنه أبدى تخوفه من امتحان الكيمياء، وأشار إلى أنه يتمنى ألا يذهب لهذا الامتحان، طمأنته الأم قائلة: «اللى تخاف منه مايجيش أحسن منه، إن شاء الله الامتحان هييجى أسهل من الجبر»، بينما قال والده: «والله إحنا ما قصرناش معاك وعملنا كل اللى علينا الباقى على ربنا وعليك ولازم تشد حيلك».
لم يعلق محمد على كلمات والده، ولكن ظل صداها يتردد فى أذنه، اتجه إلى غرفته قائلا: «أنا داخل أنام شوية وبعدين هاقوم أذاكر».
حرصت الأم كعادتها على ألا يزعج أحد محمد حتى يستطيع النوم، أمرت أطفالها الصغار بالنزول للشارع حتى تحضر الغداء وتوقظ محمد.
جهزت الأم الغداء، أخذت تنادى على محمد «إصحى يامحمد الغدا جاهز، يالله يادوب علشان تتغدى وتبتدى مذاكرة»، لكنه لم يرد، أسرعت إلى الغرفة التى ينام فيها، فتحت الباب أطلقت صرخة زلزلت الأرض والسماء، فقدت وعيها حين وقعت عينيها على فلذة كبدها وهو معلق فى سقف الحجرة بعد أن شنق نفسه.
انتحر محمد العام الماضى لأنه خاف من مواجهة البعبع، انتحر هربا من امتحان الكيمياء، وخوفا من الفشل فى تحقيق حلم والديه.
وفى نفس العام الذى انتحر فيه محمد لقى «أحمد. م - 17 سنة» بالقسم الأدبى مصرعه ببنى سويف بسبب فشله فى حل الامتحانات، فساءت حالته النفسية، وأصبح منعزلا وانتهز فرصة بقائه وحده فى شقة خالية بالطابق الأعلى خصصتها الأسرة لمذاكرته وشنق نفسه بستارة علقها فى سقف الحمام. وتسببت صعوبة الامتحانات فى إقدام بعض الطلاب على الانتحار داخل المدارس أو لجان الامتحان، ففى مدرسة العجوزة الثانوية وبسبب صعوبة امتحان الأحياء ألقى الطالب «يحيى. ع - 18 سنة» بنفسه من الطابق الثالث فى المدرسة، عقب خروجه من الامتحان، بينما ألقت طالبة بالصف الثانى الثانوى بالجيزة بنفسها من الطابق الثانى أثناء الامتحان بسبب عجزها عن حل امتحان اللغة الألمانية. وانتحر «وليد. خ» من زاوية «حات» بأبوقرقاص بالمنيا شنقا، بعد إعلان النتيجة ورسوبه فى الثانوية العامة.
وتسبب الخوف من امتحان التفاضل والتكامل فى انتحار «حسن. م - 16 سنة» من بشتيل، وقبل ذلك انتحرت ميرهان فى الصف الثالث الثانوى ببورسعيد لخوفها من امتحان الميكانيكا بإلقاء نفسها من الطابق السادس بمنزلها قبل الامتحان.
المتفوق و«التنح» عرضة للانتحار.. ويجب عدم استعمال الأسر أبناءها كمشاريع
انتبه.. هذه العلامات قد تكون مقدمة لانتحار الأبناء
تجنب هذه الأقوال والأفعال حتى لا تدفع بابنك نحو الانتحار
الثانوية العامة.. موسم انتحار الطلاب.. «محمد» شنق نفسه رعباً من الكيمياء و«ميرهان» ألقت بنفسها من الطابق السادس خوفاً من الميكانيكا
الأحد، 16 يونيو 2013 07:24 م