مشادة بينه وبين مالك مكتب تعليم قيادة السيارات الذى يعمل به مدرب قيادة ألقته على ناصية ميدان مصطفى محمود، هو وسيارته الصغيرة، قبل أربعين عام وقف على هذه الناصية المقابلة لمسجد العالم القدير، ليقرر أنها مع سيارته كافية له جدا لاستكمال حياته، زرع شجرة صغيرة وجلس أسفل ظلها مستقطبا الزبائن لتعلم فن قيادة السيارات، وحتى الآن لم يغير موقعه ولا ناصيته ليصبح حمادة كار فى ميدان مصطفى محمود، الذى يملك صف كامل من السيارات والعاملين معه، ولكن فى مقره القديم الذى لا يتعدى حدود "الشجرة"، ومن فوقها لافته بارزة تعلن "هنا مقر حمادة كار لتعليم فن قيادة السيارات".
40 عامًا فوق شجرة لتعليم قيادة السيارات فى حى مثل المهندسين وعلى بعد شارعين من منزل وزير الداخلية السابق حبيب العادلى، القائم بشارع لبنان، لم تكن القصة بالسهل أن تمر لرجل كل ما يملكه هو شهادة الابتدائية، ولكنها بالنسبة له مرت بكلمة واحدة فقط "بالحب" يقولها ويتابع "أنا بدفع للحى أجرة ركنة السيارات، وكل الناس بتحبنى من أول العسكرى الصغير لحد ضباط القسم، وابن أخو حبيب العادلى شخصيا كان بيتعلم عندى، لأنه ساكن جمب عمه فى شارع لبنان، ورغم أنه ضابط رفض يتعلم فى الداخلية أو على عربيات الشرطة وجه يتعلم عندى وكان بيحاسب ذى كل الناس، ولحد النهاردة بيعدى يسلم علينا، وكمان بنت عمر سليمان وكثير من نجوم النادى الأهلى ذى دومينيك".
رغم وجود عشرات المكاتب لتعليم قيادة السيارات فى المهندسين إلى أن أحمد حمادة صاحب الـ67 عامًا يرى أنه حجز لنفسه مكانة بارزة وسطها، واستطاع أن يكبر بمكانه من سيارته القديمة، والتى مازالت موجودة معه تعمل وتعاند "خبطات" الأيام إلى أسطول كبير من السيارات يقول "لسانى الحلو، وطريقتى مع الناس هى اللى قدرت تخلينى أحافظ على مكانى، كان المكتب لو الزبون أتأخر عليه يوم يحسبه عليه إنما أنا بعديه وأقول للزبون ولا يهمك، وأقدم ليه أحسن خدمة، وبأرخص سعر، وسنة ورا الثانية بقت الناس تسيب المكاتب وتجيلى".
وعن الميدان الذى تملأه العمارات الشاهقة الآن يقول عم حمادة: قبل أربعين عامًا "كان فيلات، وسفارات، وخرابة صغيرة، وكان المسجد أتبنى بس لسه بيتظبط" ويتابع "أول شغلى كنت بقبض 2 جنيه على الحصة، ودلوقتى السعر بيختلف من عربية لعربية يعنى العربيات القديمة غير الجديدة غير الأوتوماتك، والتعليم بيبدأ من 200 جنيه فى الكورس، وبيزيد حسب العربية".
مكتب عم حمادة كان مقياس خاص لبورصة الشارع المصرى، فمهنة الرجل تعتمد على رفاهية المكان التى تدفع الناس للنزول وتعلم قيادة السيارات وعن قياسه للوضع الاقتصادى المصرى يقول "الأيام ديه أسوأ أيام عدت علينا حتى أيام الثورة فى 2011 مكانتش صعبة كده كان الناس لسه معاها فلوس، إنما اللى بنشوفه دلوقتى من فقر وأزمات فى البنزين وغيرة ما شوفنهوش قبل كده".
الانضباط هو الكلمة الرئيسية حول شجرة عم حمادة، فى تمام الثامنة صباح يبدأ نفض الأتربة من فوق سيارته استعداد ليوم عمل جديد، وفى التاسعة مساء تصطف السيارات حول الشجرة مستعدة للراحة اليومية، هكذا جرت عادة الرجل العجوز الذى يتمنى أولاده أن يستريح الآن، ولكنه مازال يصر أن يأتى ويمارس مهنته فى تعليم القيادة بنفسه منذ أربعين عامًا ورغم أنه على مشارف العقد السابع من العمر، يوم الجمعة هو الإجازة الوحيدة للرجل، الذى يقول "ما بقدرش أسيب شغلى وبحبة لحد دلوقتى رغم أن الحمد لله الواحد ممكن يستريح بعد ما علم لنفسه ولأولاده حاجات كثير السنين اللى فاتت".
طيب فكرت تطل على الثوار اللى بيتحركوا من الميدان فى كل مظاهرة يا عم حمادة ؟.. يقول "لو كانت الثورة عملت حاجة كويسة كنت وقفت معاهم من أول يوم، لكن أحنا محتاجين أن كل واحد يعمل ثورة على نفسه، عشان نرجع نحس بالأمان ذى زمان".
كله بالحب..
حمادة كار 40 سنة تعليم قيادة سيارات والمقر "شجرة"
السبت، 15 يونيو 2013 03:27 ص
حمادة كار
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد عبد العال
قصة رائعة ولكن الصحفي قمة السذاجة